إرباك التداول

يلاحظ مؤخراً أنّ ثمة محاولات لتملص بعض الباعة من قبض الأوراق النقدية المتهالكة من فئتي الخمسمئة والألف ليرة القديمتين، وتحدث على خلفية ذلك مشادات كلامية، قد تولد صداماً غير محمود النتائج.

بطبيعة الحال، إنّ تلك النقود عندما تكون بحوزة أي جهة أو شخص، فإنها السباقة للتداول في سبيل إنفاقها، لكونها أكثر عرضةً للتمزق واحتمال التلف، كما تشغل حيزاً في المحفظة سواء كانت خزنة أم جزدانَ جيب أو يد، عدا عن عملية نقلها المربكة وعدّها الأكثر إرباكاً.

وعلى سيرة العدّ، فإن مصارف بدأت تأخذ عمولة عليه إذا كان من الفئتين المشار إليهما بحدود ألف إلى ألفي ليرة عن كل مليون ليرة، وقد يراوغ بعض أمناء الصناديق بشأن استلامهما لغرض تحصيل (إكرامية) والتي معها قد يقبل النقود (دوكما) مع قطع الإيصالات للمتعاملين من المعارف، ومن ثم يقوم بعدّها بعد انتهاء الدوام، وفي حال النقص، فمتفق أن يُستدرك لاحقاً.

الكثير من مكاتب الحوالات تسلم في الغالب نقوداً قديمة، وإن توفر لديها القليل من الجديدة، فتوازن في توزيعها بين الزبائن إلى جانب الأولى، والمبالغ القديمة كالعادة هي أول من يسلك الطريق للتداول في الأسواق، إذ يتعمد مستلموها أيضاً إنفاقها أولاً والإبقاء على النقود الحديثة، وخاصةً للفئات الكبيرة لسهولة الحفظ والنقل.

المرجح أنّ المصارف لا تطرح النقود المتهالكة إلّا عندما يشتد الطلب، والمثال على ذلك ما حدث لدى تسديد أثمان الأقماح الذي تطلّب أموالاً طائلة، وبما أنه غير مبرر الاعتذار عن تلبية سحوبات أصحاب الحسابات على اختلافهم من جهات عامة وخاصة، حيث لديهم التزامات مالية لا يمكن تأجيلها، فإن الاستعانة بالنقود القديمة كانت حينها أكثر من حتمية.

إذاً، وبما أنّ العملة الجديدة كما أسلفنا تتراجع فيما تتقدم القديمة التداول بقوة، فلا حلّ لرفع إرباكاتها إلّا من خلال النظر بإمكانية سحبها تدريجياً واستبدالها بفئات جديدة، والأفضل لو كانت أكبر.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار