فاتورة الأزمات
بكثير من الحيطة والحذر تراقب الهيئات المعنية تطاول الأسعار تحت عناوين افتراضية على رأسها الشائعات الافتراضية وما يتعلق بالظروف الإقليمية ونزوج الإخوة اللبنانيين.. والحرب.. أضف إلى ذلك المنشورات الفيسبوكية وكأنها تتطاير كالشرر.. في حين يدخل المواطن الأسواق ويخرج منها ولسان حاله يقول أيها التجار ورجال الأعمال الكرام.. نناشدكم ألا تصوبوا خططكم إلى فاتورة معيشتنا.. ودعوا المواطن يحصل قوت يومه.. فالغلاء وقلة الدخل حرمت الكثير من البيوت والكثير من العائلات المستورة والمتعففة من أبسط مكونات المائدة وحتى من البطاطا التي تجاوزت أسعارها العشرة آلاف ليرة أو البندورة التي وصلت للخمسة آلاف ولا يوجد أي نوع من الخضار بأقل من العشرة آلاف وتصل البامياء إلى الخمسة والعشرين ألفاً والفاصولياء إلى الخمسة عشر ألفاً والثوم إلى السبعين ألفاً ونيف ليرة أما البقوليات فأصبحت من المواد الكمالية بعد أن صار البرغل وهو طعام الفقراء فوق السبعة آلاف والعدس فوق الثلاثة عشر ألفاً والزيوت النباتية تبدو وكأنها يتم احتكارها وكأنها غير متوفرة وباستثناء زيت الزيتون الذي يكاد زيته يضيء بأسعار فلكية تجاوزت المليونين ليرة للعبوة!!!! فماذا يأكل؟ لا تقولوا زعتراً فزيت الزيتون باتت أسعاره تحرق الجيوب وتكسرالخاطر..
صدقونا لا يوجد مبالغة.. لكن يوجد فوضى سعرية واستغلال واحتكار وشائعات تجعل حتى الأسر المتوسطة الدخل تدخل إلى السوق وتخرج وهي تجر خيبتها من الأسعار.. وتقوم بترشيد احتياجاتها حتى بات من الممنوعات اشتهاء الفواكه من قبل الأطفال الصغار!
ولا ندري كيف يمكن لمؤسسات التجارة الداخلية أن تتدخل بإيجابية.. وإذا لم تنجح وقت الأزمات فمتى تنجح؟ّ
واليوم التحدي الذي يعاني منه المزارعون تسويق الحمضيات ولنعد بذاكرتنا إلى الوراء.. إلى السبعينات عندما كانت سوريّة تستورد الحمضيات من دول الجوار وتدفع ثمنها من الخزينة العامة للدولة بالعملة الصعبة فأخذ وتعهد مزارع الساحل السوريّ على عاتقه القيام بزراعتها واقتلع أشجار الزيتون ليزرع بدلاً منها أشجار الحمضيات وبعد أن أعطت الأرض وأجزلت العطاء.. وتحوّلت محافظتا طرطوس واللاذقية إلى مزارع للحمضيات وللقصة بقية فخلال السنوات الأخيرة وفي ظل ارتفاع تكاليف هذه الزراعة المروية وفي ظل انخفاض أسعارها في الأسواق المحلية، أخفقت عمليات التسويق الخارجية أو الاستثمار في معامل للعصائر.. بيعت الحمضيات بأقل من التكلفة الفعلية.. وبسبب عدم استطاعة مزارعي الساحل السوري الاستمرار والعمل بسبب الخسارة.. حتى صار ثمن صندوق الحمضيات الفارغة أغلى من كميات الحمضيات المملوءة فيها…!! أضف الى تكاليف النقل الباهظة وأمام هذا التدبير لجأ المزارعون الى الزراعات الاستوائية على حساب أشجار الحمضيات واستبدالها بمنتجات تدر الربح.. ولا تستغربوا أن نستورد الحمضيات في ظل المزيد من الإخفاق!!
هناك ثلة يتاجرون بقوت المواطن.. الذي ضاقت به السبل وهو يستجير بمن يضع عنه وزره فلا يجد إلا رجع الصدى.