خدعة أميركية جديدة تستهدف لبنان.. هوكشتين وخلفيات زياراته المتكررة و«الفاشلة؟!».. حزب الله يرد بمواصلة معركة الإسناد لغزة ونتنياهو عالق بالخلافات والانقسامات
تشرين- هبا علي أحمد:
الوارد إلى الآن أن مهمة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط عاموس هوكشتين فشلت عملياً في الضغط على رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو فيما يتعلق بمنعه من شن عملية عسكرية ضد لبنان، وهذا لا يعني أن العملية وقعت أو واقعة لا محالة، لكن نتنياهو يرفع من حدة التصعيد والتوترات ذات الصلة رغم التحديات المحيطة بكيان الاحتلال والتهديد الوجودي، والظاهر أن هذه العملية وسيلة نتنياهو لتأجيل زمن السقوط ولإغراق المنطقة وإشعالها مع توريط الولايات المتحدة في هذه المرحلة الحرجة بالذات، أي مرحلة الانتخابات الأميركية، وإلا لكانت واشنطن أعلنتها حرباً منذ شهور، وما إرسال مسؤوليها إلا استجداء لكيان الاحتلال للتهدئة المؤقتة ثم بعد الانتخابات له ما يشاء، لكن وقائع الميدان على جبهة شمال فلسطين المحتلة مع لبنان غيرت المعادلات، وضاعفت المآزق على كيان الاحتلال، وفرضت عليه المواجهة الحتمية، ما دفع إلى الواجهة نذر الحرب و«إنشاء منطقة أمنية عازلة جنوب لبنان».
زيارة هوكشتين الراهنة لا تسعى إلى إيجاد الحلول أو الضغط على نتنياهو لعدم شن عملية عسكرية ضد لبنان بل هي مراوغة وخدعة أميركية جديدة
مراوغة أميركية
تنبيه هوكشتين لنتنياهو من خطر شن حرب أوسع ضد لبنان- على اعتبار أن صراعاً أوسع في لبنان لن يحقق هدف إعادة المستوطنين إلى الشمال، مع اعتقاد الخارجية الأميركية بأنّ الحل الدبلوماسي هو الطريق الصحيح والوحيد لتحقيق الهدوء في الشمال – لم يلقَ صدى إيجابياً لدى الكيان، وما هي إلا ساعات قليلة حتى أعلن مكتب نتنياهو اليوم الثلاثاء أن الحكومة حدّثت أهدافها المعلنة لحرب غزة لتشمل «تمكين السكان في شمال إسرائيل من العودة»، في حين أكد وزير الحرب يوآف غالانت أن «احتمالات التوصل إلى اتفاق تتضاءل مع استمرار حزب الله في ربط نفسه بحماس ورفضه إنهاء الصراع.. وبالتالي فإن السبيل الوحيد المتبقي لضمان عودة سكان الشمال سيكون من خلال العمل العسكري»، وهذه ليست المرة الأولى التي تعارض فيها «تل أبيب» واشنطن.
وفيما لم تتضح الأمور حول زيارة هوكشتين إلى لبنان، تحدث محللون عن أن الولايات المتحدة تسعى إلى تقديم عرض «اللحظة الأخيرة للجبهة اللبنانية، وهو عرض بشأن تحويل الخط الأزرق إلى خط حدودي دولي يراعي التحفظات اللبنانية عليه، وكذلك وضع قوى حزب الله في مزارع شبعا».
على هذه الخلفية، يُجمع المراقبون على أن زيارة هوكشتين الراهنة لا تسعى إلى إيجاد الحلول أو الضغط على نتنياهو لعدم شن عملية عسكرية ضد لبنان، بل هي مراوغة وخدعة أميركية جديدة بتقديم عروض وهمية فارغة من مضمونها تدخل في سياق الحرب النفسية والتخيير بين الحرب المرتقبة أو القبول بالعروض الأميركية، بما يوحي بأن واشنطن قدمت كل ما لديها والكرة الآن في ملعب حزب الله، وفي حال الرفض لـ«العروض السخية» تصبح الخطوات الإسرائيلية «شرعية».. ومجمل الوضع لخصه محللون بتطبيق سياسة العصا والجزرة، عبر التلويح بالتصعيد العسكري في مقابل عرض سياسي أميركي، ومن المعروف أن كل التحركات الأميركية تخدم في نهاية المطاف الأجندات الإسرائيلية.
في «الداخل الإسرائيلي» اتسعت الخلاف بين نتنياهو وغالانت حول توسيع الحرب في الشمال ضد حزب الله في لبنان، إذ أفاد مسؤول في مكتب نتنياهو بأن الأخير يستعد لإقالة غالانت خلال وقت قصير، واستبداله بعضو «الكنيست» جدعون ساعر، وقد أجّلت تلك الأنباء اجتماع المجلس الأمني الوزاري المصغر لعدة ساعات، قبل أن يلتئم ثانية.
وبعد الأنباء عن الخلافات خرج العضو السابق في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس منتقداً نتنياهو، معتبراً أن ما يفعله يعرّض أمن «إسرائيل» للخطر، مشدداً على أن أي رئيس وزراء لم يتصرف هكذا في تاريخ «إسرائيل».
رد المقاومة
المقاومة اللبنانية غير معنية بأي تحركات مادامت لا تحمل في طياتها حلولاً حقيقية وجديّة حول حرب غزة والتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، من هنا تواصل معركة الإسناد، حيث استهدافها مباني يستخدمها جنود الاحتلال الإسرائيلي في مستوطنة المنارة بالأسلحة المناسبة، مؤكّدةً تحقيق إصابة مباشرة.
المقاومة اللبنانية غير معنية بأي تحركات مادامت لا تحمل في طياتها حلولاً حقيقية وجديّة حول حرب غزة والتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار
وفي بيان، شدّدت المقاومة على أنّ هذا الاستهداف يأتي دعماً للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وإسناداً لمقاومته الباسلة والشريفة، ورداً على اعتداءات الاحتلال على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة.
وفي وقت سابق استهدفت المقاومة محيط موقع العباد بِصاروخ موجه أصابه بشكلٍ مباشر، وذلك بعد رصدِ هدفٍ للاحتلال، بالتزامن مع استهداف مجموعة من جنود الاحتلال في محيط موقع العباد أيضاً بعد رصد تحركها، وذلك بالأسلحة المناسبة، وحققت فيها إصابات مؤكدة.
أتى ذلك بعدما نفّذت المقاومة، أمس الإثنين، سلسلة عمليات دعماً لقطاع غزة، وإسناداً لمقاومته، ورداً على الاعتداءات الإسرائيلية على القرى الجنوبية، حيث وصل عدد العمليات إلى 13 عملية.
وفي هذا السياق، تحدّثت قناة «كان» الإسرائيليّة عن تنفيذ حزب الله 163 هجوماً منذ بداية أيلول الحالي باتجاه مستوطنات شمال، في حين قالت «هيئة البث الإسرائيلية»: إنّ حزب الله كثّف عملياته منذ بداية الشهر الحالي، لتصل إلى مستوطنات لم يتم إخلاؤها في الشمال.
مجزرة جديدة
في سياق المجازر اليومية، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، مجزرةً في مخيم البريج وسط قطاع غزة، باستهدافه مربعاً سكنياً مأهولاً فيه، ما أدّى إلى عشرات الشهداء والمفقودين.
وقدّر الدفاع المدني في قطاع غزة وجود أكثر من 50 شخصاً في المنازل التي استهدفها جيش الاحتلال شرق مخيم البريج، مؤكّداً أنّ الاحتلال استخدم قنابل مدمرة أميركية الصنع في قصفه المربع السكني، مطالباً الصليب الأحمر بضرورة التنسيق الفوري لدخول طواقمه إلى شرق البريج لإنقاذ عشرات العالقين تحت الأنقاض، مشيراً إلى وصول عشرات مناشدات الاستغاثة من داخل المنازل التي استهدفها الاحتلال.
الاحتلال استخدم قنابل مدمرة أميركية الصنع في قصفه المربع السكني شرق مخيم البريج ما أدى إلى عشرات الشهداء والمفقودين
وأفاد الدفاع المدني بأنّ عائلات كاملة مُسحت عن السجل المدني في مجزرة البريج، مشيراً إلى أنّ طواقمه وصلت إلى المنطقة لكنّ طائرات الاحتلال استهدفتها، حيث أصيب أحد عناصره بجروح، ما اضطرها للانسحاب.
وذكرت وسائل إعلام أنّ طائرات الاحتلال المسيّرة «كواد كابتر» أطلقت النار في «بلوك 12» بمخيم البريج بعد استهداف منزل بالمكان، كما أطلقت النار تجاه طواقم الإسعاف خلال محاولتها انتشال المصابين من جراء الاستهداف.
وعقب المجزرة، أكّدت حركة المجاهدين الفلسطينية أنّ هذه المجازر الجديدة هي جزء من الحرب المفتوحة التي تشنها حكومة الكيان الفاشية على الشعب الفلسطيني، والتي تسعى من خلالها إلى كسر إرادته وتمسكه بأرضه، والمضي بمخططات التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، مؤكدة أنّ الإدارة الأميركية شريكة للعدو في كل جرائمه الوحشية بحق الشعب الفلسطيني.