قانونٌ هاربٌ من “غرفة العمليات”؟!!

لن تكون المؤسسة التشريعيّة في سورية، بقوامها الجديد، أمام مهمةٍ سهلةٍ، وهي تفاضل أولوياتها على مستوى تجديد السياسات والتشريعات المؤثّرة في عمق العمل العام، وكمحورٍ محدد الأبعاد، العمل التنفيذي.

إلا أن البدهي ذهاب ذهن المشرّع مباشرة إلى مضمار المواجهة مع الفساد، كأولوية متقدمة وإن لم تكن الوحيدة في واجهة الأولويات والاستحقاقات.
و لعلّ المسار الأكثر واقعية والأقرب إلى الهدف، هو ذلك المؤدي إلى تناول القوانين الإشكالية المتروكة والمسكوت عنها، سكوتاً مريباً، على الرغم من الثغرات العميقة و”الدهاليز” التي تعتريها، وقد يكون القانون الأكثر شهرة في هذا المضمار الوعر، القانون رقم 51 أو قانون العقود، وهو قانون “فتي” عمره عشرون عاماً، لكنه شاخ باكراً أمام زحام المتغيرات السريعة التي حيدت وأسقطت كل تشريعٍ وكل منتج لا ينطوي على مرونة  تتكفل بحمايته.
والحقيقة أن أكثر ما يثير الدهشة بقاء هذا القانون بكل ما يعتريه من خلل، صامداً في وجه التغيير، وكأنه “يسخر ” من مساعي التحول الرقمي التي لم تتمكن من اصطياده حتى الآن.
واللافت أكثر، مع كثير من الريبة وقليل الدهشة، إخفاق محاولات متسلسلة لتعديله، اجتماعات “نوعية” كما يحب بعضنا نعتها، تكررت وتوالت تحلّق خلالها متخصصون ومسؤولون تنفيذيون حول قانون متهم ومريض في آن معاً، لكن دون قرار يعالج أو آخر يقضي بالموت الرحيم..؟!
اليوم لاوقت للمراوغة والتسويف.. نحن أمام قانون متهم بأنه ناقلٌ نشطٌ لمقدرات الدولة بمؤسساتها، إلى جيوب منتفعين منه ومحصنين بقوّته، و يكفي أن نلم بحجم خطورته إن علمنا أنه المسؤول عن تنظيم إنفاق تريليونات الليرات سنوياً.. أي معظم كتلة الإنفاق الجاري في الموازنة العامة للدولة، وكما نعلم أن ” بند الإنفاق الجاري “يستحوذ على جلّ القيمة الإجمالية للموازنة التي بلغت في هذا العام 2024 مثلاً، أكثر من 35 تريليون ليرة.
قانون مسؤول عن إنفاق “أطنان” الأموال، ومتّهم بهدر معظمها أيضاً.
نتوقّع.. ونتمنى أن نسمع قريباً جداً، عن إعلان نعية قانون “ملأ الدنيا وشغل الناس”.. صديق القلّة وغريم الكثرة..
وكي نشحذ هممنا بجرعة تعبئة.. قد يكون من المفيد إجراء “صفنة سريعة” بحجم وأرقام “فوات التنمية” التي تسببت بها هذه البوابة المشرعة لقوننة هدر المال العام، والخاصرة الرخوة التي طالما أوجعتنا جميعاً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار