عنجهية صهيونية مزيفة.. ونصر استراتيجي سيكون حليف الجذر الأبقى

تشرين- د.منذر علي أحمد: 
أدرك المجرمون الأوائل الذين أسسوا كيانهم الغاصب في الأراضي المحتلة ما سمي مفهوم الأمن الذي صاغه بن غوريون عام 1953، فيما كان المجرمون المتقدمون أكثر حماقة في إدراكهم، فسعوا إلى تقويض المفهوم الذي تضمن 18 بنداً وارتكز على حقيقة مطلقة، أن «إسرائيل» مهما كانت قوية ومسيطرة من الناحية العسكرية إلا أنها ستبقى صغيرة بالنسبة لجيرانها اليهود الذين سيبقون أقلية في محيطهم العربي، وانطلاقاً من كون هذا الأمر حقيقة مطلقة لا مجال لتعديلها وتجاوزها فقد كان قادة الصهيونية يؤكدون على مفهوم الحرب السريعة والحسم السريع لأي معركة والاستناد بشكل مستمر إلى مفهوم قوة الردع.
ولأن الاقتصاد الإسرائيلي، يعتبر العامل الأقوى، في دفع اليهود من كل أنحاء العالم إلى الرغبة في العيش والاستمراء للبقاء في الكيان، فمن دون هذا الاقتصاد ستنهار الأمور، وأكبر أعداء نمو الاقتصاد واستقراره هو غياب الأمن والاستقرار، وهذان الأمران أول الأمور التي تغيب وتتدهور خاصة في ظل الحروب الطويلة، ولعل «حرب الاستنزاف» التي خضناها خلال حرب تشرين التحريرية كانت تعتبر أول شكل من أشكال الحروب الطويلة بعد حرب النكسة وأيامها الستة، فحرب الاستنزاف كانت خير مثال أثبت أن الحرب الطويلة سلاح قوي بيد العرب، لذا كان من الضروري أن تلعب «إسرائيل» بأوراق الردع وتثير خوف جميع الأطراف الأخرى من مغامرة مواجهتها وخوض أي حرب معها، وحين تفشل بقوة الردع كانت تعتمد على قيامها بعدوان سريع وخاطف في محاولة لتشكل نصراً سريعاً، ولكنه لا ينعكس على الاقتصاد الذي يشكل عامل استقرار كيانها، ولكن على ما يبدو فإنها فشلت في استراتيجيتها الردعية وفشلت في تكتيكاتها العسكرية.
لعل آثار الحرب النفسية التي يجيد الإيرانيون وحزب الله لعبها بشكل احترافي بدأت تأتي أكلها، (فـالمواطن الإسرائيلي) تحطمت نفسيته في ظل حالة الترقب والمتابعة المستمرة لجبهات عدة «باتت ترغب وتجاهر بمسألة الثأر منه وتلعب بالتوقيت والزمان والمكان، بالإضافة إلى ترقب جبهة غزة والأسرى الموجودين فيها، فـ(إسرائيل) لم تكن تتوقع أن تتجاوز حربها بضعة أيام أو أسابيع على أسوأ تقدير، ولكن ها هي تدخل أبواب يومها الثلاثمئة وحتى الآن لم تحقق ما تريد، فهي تزيد من أعدائها وتدفن أحلامها التي كانت قاب قوسين أو أدنى من تحقيقها على مستوى المنطقة والعالم وخاصة المتعلقة بمسألة التطبيع ورسم سياسات ومسارات المنطقة وغيرها من الأمور التي طالما حلمت وسعت وأنفقت وجندت عددها وعتيدها واستخباراتها لتحقيقها، ونراها اليوم بعد ما جرى وسيجري أبعد ما تكون عن تحقيقها.
حاول حلفاء «إسرائيل» وممولوها إيقاظ قادتها وتنبيههم، فالرئيس الفرنسي ماكرون تحدث عن معنى «الأمن المستدام» وأكد أنه لا يمكن ضمانه لـ(إسرائيل) إذا “كان ذلك على حساب أرواح الفلسطينيين، ومن ثَمَّ إثارة استياء الرأي العام في المنطقة ككل”، وقال ماكرون: «ماذا يعنى القضاء على (حماس) بالكامل؟ هل يعتقد أحد أن هذا ممكن؟ إذا كان الأمر كذلك، فإن الحرب ستستمر عشر سنوات»، وأضاف وقتها: «لذا يجب توضيح هذا الهدف من جانب السلطات الإسرائيلية»، محذراً من سوء التقدير الإسرائيلي للأمور الذي سيؤدي إلى «حرب لا تنتهي».
تستخدم «إسرائيل» القوة العسكرية المفرطة وكل ما لديها من قوة من دون أن ترتبط بهدف سياسي، وغياب هدف واضح أو قابل للتحقيق يعني أنك لن تحقق النصر أو الهزيمة، ففناء قوى المقاومة في غزة يعني فناء وقتل ملايين المواطنين، فهل «إسرائيل» مستعدة لفعل ذلك؟ ربما تكون راغبة ولكنها غير قادرة، ولكنها حتى الآن ترفض الاستماع لحلفائها وترفض أن تكون حماية المدنيين الفلسطينيين في غزة مسؤولية أخلاقية وضرورة استراتيجية، لأي مرحلة مقبلة.
ولعل ما يؤكد حالة الفشل التكتيكي الصهويني، والنصر الاستراتيجي لمحور المقاومة هو ما رافق ما يجري في فلسطين، فرغم كل التدمير للمنازل في غزة واقتحام الأقصى والممارسات ضد الفلسطينيين في عموم فلسطين المحتلة فإننا ما زلنا نجد أن حالة الدعم والتأييد لما قامت به القوى الفلسطينية في يوم السابع من شباط في حالة ازدياد ونمو، وليس دعماً على المستوى المحلي فقط، فحالات الدعم والتأييد امتدت إلى خارج حدود الدول العربية، فانتشرت المظاهرات غير المسبوقة الداعمة لفلسطين خاصة في الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، أي إن مسيرات دعم غزة تتم في عقر دار الدول الممولة للكيان الصهيوني وعلى مرأى ومسمع من قادتها الأوروبيين والأمريكيين.

ولعل زيف العنجهية الصهيونية وداعميها سقط عبر الرد الإيراني بالمسيرات، فـ«إسرائيل» التي تصدر التكنولوجيا وتمتلك من قوة الردع والصد ما تملك، ورغم استعانتها بقوة سبع من الدول الكبرى فشلت في إفشال الهجوم الإيراني رغم إعلامها بوقت حدوثه، وهذا أكبر دليل على عجزها وعدم مقدرتها على التصدي والصمود خلال معركة حقيقية تستخدم فيها عناصر المباغتة والجبهات المتعددة والكثير غيرها من التكتيكات والمفاجآت.
لا نبالغ إن قلنا إننا نعيش أوج لحظات النصر الاستراتيجي، الذي نراه في حقائب من يتركون الكيان دون عودة، ونراه في مستوطنات الشمال التي عصفت بها رياح المقاومة، ونراه في القلوب التي ترتجف في الملاجئ وتنتظر لحظة الهجوم، ونراه في كل تفاصيل ويوميات ذلك الكيان الذي ينتظر لحظة هدنة ويحلم بصافرة النهاية لهذا الكابوس، لا لشيء إلا ليحاسب قادته الذين أوصلوه إلى هذه الحال، وأجبروه على عيش هذا الكابوس الذي لا تعرف نهايته حتى الآن.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
إصابة مدنيين اثنين جراء عدوان إسرائيلي استهدف منطقة القصير بريف حمص (وثيقة وطن) تكرم الفائزين بجوائز مسابقة "هذه حكايتي" لعام 2024..  د. شعبان: هدفنا الوصول لحكايا الناس وأرشفة القصص بذاكرة تحمل وطناً بأكمله معلا يتفقد أعمال تنفيذ ملعب البانوراما في درعا ويقترح تأجيل الافتتاح بسبب تأثر المواد اللاصقة بالأمطار الوزير الخطيب: القانون رقم 30 يهدف إلى حماية بنية الاتصالات من التعديات الوزير صباغ: إمعان الاحتلال في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني يعبر عن سياسات إرهابية متجذرة لديه سورية تترأس اجتماع الدورة السادسة للمجلس العربي للسكان والتنمية في القاهرة الجلالي يبحث مع أعضاء المجلس الأعلى للرقابة المالية صعوبات العمل ووضع حد لأي تجاوزات قد تحدث طلاب المعهد الصناعي الأول بدمشق يركّبون منظومة الطاقة الشمسية لمديرية التعليم المهني والتقني أجواء الحسكة.. عجاج فأمطار الأضرار طفيفة والمؤسسات الصحية بجهوزية تامة لمعالجة تداعيات العجاج انطلاق فعاليات أيام الثقافة السورية في حلب بمعرض للكتاب يضم ألف عنوان