حكومةُ “العصا السّحريّة” !!

ترقّبٌ مشروعٌ ومبررٌ.. ذلك الذي يتصدّرُ المشهدَ العام، أو بدقةٍ أكثر، يشغل الشارع السوريّ.

ترقّبُ المتغيراتِ المنتظرةِ في قوامِ الفريق التنفيذي، بما أن ثمة استحقاقاً يعِدُ به ويمليه الدستور.
لكن وعلى الرغم من أهمية مايتم ترقبه، إلا أن بعضنا يبالغ قليلاً في حجم التعويل على المقصورة التنفيذية المرتقبة، وقدراتها على إحداث خروقاتٍ حقيقيةٍ، وتحريك الملفات الحساسة والصعبة التي راكمت تعقيداتها سنواتٌ يمكن وصفها بأنها طويلةٌ، من الحرب على البلاد والحصار الجائر والقاهر.
المنشغلون بالأمر هما اثنان.. إما فضوليٌ، والفضول هنا مشروعٌ بل والطموح أيضاً، أو متابعٌ باهتمامٍ بالغٍ يعوّل كثيراً على قدرات العَامل البشري في اجتراح ماهو مادّيٌ سريعُ النضوج.. وفي الحالتين ثمة جماحٌ لضرب المواعيد مع المستقبل، وهي الخصلة التي استحكمت بنا طوال سنوات الحرب، ونحن نتطلع إلى نوافذ الخلاص من أزمتنا، وإطلاق العنان للآمال والطموحات العريضة.
على كل حال.. لا بأس بالترقّب والانتظار.. فهذه حالةٌ بدهيةٌ، والتغيير دوماً ذو خاصيّةٍ جاذبة، لكن دعونا نذكّر بأننا دولة مؤسساتٍ يُفترض معها ألا نغرق في حالة التطيّر بالقادم الوشيك، لدرجة دفعت ببعضهم لـ”تدبيج” طواقم تنفيذية وتداولها على وسائل التواصل، ففي يومٍ واحدٍ مثلاً تم “تشكيل” حكومتين كاملتين، ومن يدري ربما تلقّى الفائزون بها التهاني والتبريكات على المنصب الجديد..!!
لا بأس أن نعوّل جميعاً على الحكومة، أيّ حكومة، كحلقةٍ أساسيةٍ في سياق تكامل أدوار السلطات في بلدنا.. لكن ماذا عن البرامج والسياسات و الاستحقاقات المطروحة للتنفيذ على الأرض والتي احتاجت حكومةً لإطلاقها، وتحتاج إلى هِمم كافة الكوادر والمفاصل والهياكل على الأرض لتنفيذها.. هل تتطلب أيضاّ حكومةً جديدةً لتتولى التنفيذ؟؟
ماذا عن القطاع الخاص الذي يستحوذ على حصةٍ وافيةٍ من النشاط الاقتصادي، هل يحتاج إلى حكومة و أشخاصٍ جددٍ ليعمل، أم يبحث هذا الأخير عبر الناطقين باسمه، أصحاب الأصوات الصاخبة، عن شمّاعاتٍ جديدةٍ ليركن عليها أسباب تنصّله من مسؤولياته ودوره التنموي؟
مهما كانت احترافية الفُرق التنفيذية، ومهما بلغت مهاراتها وأداؤها من رقي وسداد، لن تكون فاعلةً مالم تجد ما يتممها و يكمّلها من حلقاتٍ فاعلةٍ في الهرمية التنفيذية الأدنى، وفي قوام المجتمع الأهلي من قطاع أعمال، والأهم مجالس المدن والمحافظات والوحدات الإدارية التي هي بحق “حكومة الناس”.. فماذا يمكن لمُطلقِ حكومةٍ أن تقدم على المستوى الأفقي، مالم تُفعّل مثل هذه المكونات المجتمعية أدواتها القائمة مع حكومةٍ جديدةٍ أو مجددةٍ أو حكومة تسيير أعمال؟
في هذا البلد الغني والسخي الكثير من الفرص الفائتة والموارد المُعطّلة، عطّلها أصحابها، لا علاقة لسلطات الدولة كلها بها، فإن كانت إعادة هيكلة الاقتصاد والبنى مسؤولية حكومةٍ ودولةٍ، فإن إعادة هندسة وترتيب مفردات العمل الأسري والمحلي تقع على عاتق من لا ترتبط يومياتهم بالحكومة المركزية، فليعملِ الجميعُ وستكونُ الأمورُ بألف خير.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار