أقدارٌ مغزولة بخيوطِ الأمل.. تقرير حالة سكان العالم 2024 لإنهاء أوجه انعدام المساواة في الصحة والحقوق

تشرين- يسرى المصري:
أحرزت البلدان العربية التي تعطي الأولوية للنساء والفتيات في جهودها الإنمائية تقدماً كبيراً في مواجهة الأزمات المتعددة والاتجاهات الكبرى الناشئة، لكن التقدّم المحرز على مدى الثلاثين عاماً في مجال الصحة الجنسية والإنجابية لم يشمل إلى حدّ كبير المجتمعات الأكثر تهميشاً.
أكد صندوق الأمم المتحدة للسكان أنه بالرغم من الجهود العالمية المبذولة لتمكين عدد أكبر من الناس من تحقيق حقوقهم الأساسية التي تدعم الحياة، بما في ذلك الحق في الصحة والولادة الآمنة ووسائل تنظيم الأسرة والحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي، فإن العديد من الناس ما زالوا مهمشين بسبب التفاوت في القوة والفرص المرتبطة بالجنس والعرق والجنسية.. وتسلط الأبحاث الأصلية الضوء على تأثير الوضع الاجتماعي والاقتصادي والعرق في الوصول إلى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية.
جاء ذلك خلال فعالية نظمها المكتب الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان في الدول العربية والمكتب القطري لصندوق الأمم المتحدة للسكان في مصر لإطلاق تقرير حالة سكان العالم لعام 2024 والاحتفال باليوم العالمي للسكان وإطلاق الإعلان الإعلامي العربي حول السكان والتنمية.

ويلقي تقرير حالة سكان العالم المعنون “أقدارٌ مغزولة بخيوطِ الأمل: إنهاء أوجه انعدام المساواة في الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية” الضوء على الأدوار التي تؤديها العنصرية والتحيّز القائم على النوع الاجتماعي ومختلف أشكال التمييز الأخرى في عرقلة تحقيق المكاسب على نطاق واسع في مجال الصحة الجنسية والإنجابية للنساء والفتيات.
ويقدر التقرير أنّ أكثر من نصف وفيات الأمهات التي يمكن الوقاية منها تحدث في البلدان التي تعاني من الأزمات الإنسانية والنزاعات، حيث يصل عددها إلى ما يقرب من 500 حالة يومياً، وأنّ النساء ذوات الإعاقة أكثر عُرضة للعنف القائم على النوع الاجتماعي بما يصل إلى عشرة أضعاف مقارنة بالنساء اللواتي ليست لديهنّ إعاقة.
ويُصادف هذا العام الذكرى الثلاثين للمؤتمر الدولي للسكان والتنمية الذي عُقِد في القاهرة، وهو يُعدّ لحظة تاريخية بارزة التزمت فيها 179 حكومة بوضع الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية على قائمة أولويات التنمية المستدامة.
وقالت ليلى بكر المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان في الدول العربية خلال إطلاق تقرير حالة سكان: “في المنطقة العربية، أحرزت البلدان التي تعطي الأولوية للنساء والفتيات في جهودها الإنمائية تقدماً كبيراً في مواجهة الأزمات المتعددة والاتجاهات الكبرى الناشئة، فقد تحسنت مؤشرات مثل متوسط العمر المتوقع ووفيات الأمهات، في حين تتمتع النساء بقدر أعظم من الاستقلال وقوة اتخاذ القرار، وأصبحت خدمات تنظيم الأسرة ووسائل منع الحمل الحديثة أكثر سهولة في الوصول إليها، ما أدى إلى انخفاض حالات الحمل بين المراهقات”.
ولكن على الرغم من التقدم المحرز نحو تحقيق رؤية المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، فإن المنطقة العربية ما زالت تواجه قدراً كبيراً من عدم المساواة، وتشهد المنطقة أدنى معدل مشاركة اقتصادية للإناث على مستوى العالم بنسبة 26%، ما يسلط الضوء على فجوة كبيرة بين الجنسين في القوى العاملة، ورغم تحسن معدلات وفيات الأمهات، إلا أن التفاوتات لا تزال قائمة بين مختلف البلدان.
وتضيف ليلى بكر: “لا تزال قضايا مثل الحاجة إلى تنظيم الأسرة، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وزواج الأطفال، وتشويه (ختان الإناث) تؤثر في ملايين الفتيات في المنطقة، ما يشكل تحديات كبيرة لتحقيق المساواة بين الجنسين.”
وبمناسبة اليوم العالمي للسكان عقدت حلقة نقاشية “تسريع الإنجازات والاستفادة من الاستثمارات في الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة” بناءً على نتائج دراسة الجدوى الاقتصادية لإنهاء الحاجة لتنظيم الأسرة التي تم إطلاقها مؤخراً في مصر.
وناقش خلالها ممثلون عن الأمم المتحدة ومسؤولون من المنطقة وممثلو هيئات حكومية وطنية ومؤسسات مالية دولية العلاقة المتبادلة بين صمود ومرونة أنظمة الصحة، خاصة الصحة الجنسية والإنجابية، وأنظمة الحماية الاجتماعية والقدرة على معالجة أوجه عدم المساواة القائمة والتغلب عليها من أجل تسريع وتيرة تنفيذ جدول أعمال المؤتمر الدولي للسكان والتنمية.
وأوصى المشاركون بضرورة تعزيز نهج حقوق الإنسان التي تعزز المساواة بين الجنسين والصحة والحقوق الجنسية والإنجابية للجميع، وتشجيع الاستجابات العملية والاستثمار في عالم سريع التطور.
وتم خلال الفعالية كذلك إطلاق البيان الإعلامي الإقليمي بشأن برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية الذي تبناه أعضاء التحالف الإعلامي الإقليمي لدعم جهود تنفيذ برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية لعام 1994 وإعلان القاهرة 2013.

وجدد أعضاء التحالف التزامهم ببرنامج عمل مؤتمر التنمية والسكان وإعلان القاهرة وخطة التنمية المستدامة لعام 2030 والاتفاقيات الدولية الأخرى التي تؤكد الحق في الكرامة والمساواة والصحة الجنسية والإنجابية والحقوق الإنجابية، وحق كل امرأة وفتاة في اتخاذ خيارات وقرارات مستنيرة بشأن حياتها في كل نواحي التنمية وفي مسار بناء السلام وعبر السياقات الإنسانية المختلفة.
وأكد المؤتمر مؤازرته لتعزيز الاستثمار في النساء والفتيات في المنطقة العربية لما له من أهمية بالغة في تحقيق التنمية المستدامة والازدهار والرفاه في كل المجتمعات.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار