لوحة الحياة الساكنة

تشرين- د.رحيم هادي الشمخي:

لوحة الحياة الساكنة هي لوحة أو رسم تتضمن عادة الفاكهة والزهور وأشياء أخرى متناقضة مع هذه المواد من حيث البنية، كالسلطانيات والأواني الزجاجية، فقد وجدت لوحة الحياة الساكنة منذ العصور القديمة، وقدمت لنا البعض من أكثر اللوحات روعة في تاريخ الفن، ومع ذلك ظلّ النقّاد يرفضونها لقرون عدّة، مدّعين أنها مجرد تمرين أكاديمي في التكون واللون والملمس، وفائدتها الوحيدة هي صفاتها الزخرفية، كما أن سلم التاريخ وضع لوحات أخرى كأساليب أكثر قيمة منها، فاحتلت بشكل مخزٍ القاع متبوعة بالمناظر الطبيعية والرسم الحيواني.

فقد شهد القرن السابع عشر ازدهاراً للوحات الحياة الساكنة، إذ انقسمت إلى العديد من الأنواع الفرعية المختلفة، بما في ذلك دراسة الفاكهة والخضراوات، ووجبات الحياة الساكنة ورسم (الفانيتا) الذي يحتوي على رموز للموت أو التغيير كتذكير بحتمية وجودهما، وخلال القرن الثامن عشر كان الاهتمام المتزايد بالعلوم الطبيعية قد شجع بعض الرسامين على الابتعاد عن مثل هذه الرمزية لصالح الملاحظة التفصيلية للموضوع، وفي إسبانيا كان الرسام الأكثر أهمية هو (لويس ميلينديز) والذي أثارت دراساته ملاحظة المواد الغذائية المتعددة العجب، كما قدمت سلسلة الرسام (فرانثيسكو دي غويا) المدهشة من أطعمة الحياة الساكنة في أوائل القرن التاسع عشر شيئاً مختلفاً تماماً ثم رسمها في مدريد خلال الغزو (النابليوني) في الوقت نفسه الذي كان يعمل فيه (غويا) على سلسلة (كوارث الحرب) والتي أظهرت الطيور والحيوانات والأسماك التي رسمت وجوهها الإنسانية بشكل رشيق.

بدأ معظم الفنانين بالتخلي عن مثل هذه الأشكال المتواضعة لصالح تلك التي تبدو ملائمة للصفوف المتنامية للبرجوازية، والذين أصبحوا رعاتهم الأساسيين، فأصبحت لوحات الرسام الفرنسي (فانتين لاتور) الزهرية الحسية الغامضة تحظى بشعبية خاصة، وبالرغم من أن الموضوع قد أصبح محدداً، بدأت طرق التعبير الفني في التوسع إذ عاد الانطباعيون إلى تفسير الطبيعة من خلال رسم جوهرها بدلاً من تفصيله، وفي حين أن تجارب الألوان الجريئة التي قام بها (غوغان، وفان كوخ) لم تكن موضع تقدير في ذلك الوقت، فقد قدما بعضاً من أكثر لوحات الحياة الساكنة التي لا تنسى في تلك الحقبة، ولابدّ لنا أن نذكر أن (الفانيتا) هو عمل رمزي للفن وأحد فروع الحياة الساكنة يظهر سرعة زوال الحياة وعقم المتعة، وغالباً ما يتناقص مع رموز الثروة، وهو شائع في هولندا في القرنين السادس عشر والسابع عشر.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار