التوحد الافتراضي من أخطر أمراض العصر الإلكتروني.. اختصاصية: علاجه ممكن بمجرد التوقف عن التعرض للشاشات

دمشق- بشرى سمير:

أصبحت أجهزة الجوال الذكية والشاشات الرقمية هي الوسيلة الأنجع التي تستخدمها الأمهات هذه الأيام من أجل إشغال أطفالهن وتسليتهم ريثما ينهون أعمالهم، حيث يقضي الأطفال الصغار، من عمر سنتين إلى خمس سنوات، ساعات طويلة أمام الشاشات ومشاهدة أفلام أو ألعاب مختلفة، من دون علم الأم، مع ما تحمله هذه الطريقة لتسلية الطفل وإسكاته من ضرر له حتى إنها قد تسبب الإصابة بالتوحد أو ما يعرف بالتوحد الافتراضي.

وتشير (مايا)، ربة منزل إلى أن طفلتها البالغة من العمر عامين، لا تنام إلا إذا شاهدت أغنية محددة عبر الجوال اعتادت على سماعها منذ عامها الأول، فيما تؤكد (عبير) أن طفلها 3 سنوات لا يرضى تناول فطوره إلا إذا لعب على الجوال وقضى أكثر من ساعتين وهو يلعب بشغف وحماس.

أما (نسرين) فتقول إنه لا يمكنها إنجاز أعمال المنزل إلا إذا تركت طفلها يتابع الرسوم المتحركة وبرامج الأطفال عبر إحدى القنوات المخصصة للأطفال.

التوحد المرضي
وتبين الدكتورة حنان ضاهر، اختصاصية علم نفس، أن الفرق بين التوحد المرضي الذي يولد مع الطفل وهو حالة نمو عصبي بسبب الاختلافات في دماغ الطفل، والتي تسبب مشكلات في التفاعلات الاجتماعية وفي تفسير واستخدام التواصل غير اللفظي واللفظي، وليس لها سبب محدد ولا يمكن التحكم في ظهورها أو الوقاية منها، بينما التوحد الافتراضي يصاب به الأطفال بسبب قضاء وقت طويل باستخدام الشاشات.

التوحد الافتراضي
وأشارت ضاهر إلى أن التوحد الافتراضي هو حالة تحدث عند الأطفال الصغار الذين تقل أعمارهم عن عامين بسبب التعامل والجلوس أمام الشاشات الرقمية واستخدامها بشكل مبالغ فيه، الأمر الذي قد يؤدي إلى ظهور أعراض مشابهة لأعراض اضطراب طيف التوحد مثل مشكلات التواصل، حيث بينت الأبحاث والدراسات أن الطفل، الذي يقضي أكثر من ثلاث ساعات يومياً يلعب ويلهو أمام شاشة الموبايل أو الكمبيوتر أو الأجهزة اللوحية أو التلفاز، قد يعاني من تأخر لغوي وقصر مدى الانتباه، وذلك لأن تعرّض الأطفال للشاشات لمدة طويلة يحجب المحفزات الرئيسية لنمو دماغ الأطفال، الذي بدوره يؤثر في تطور نمو الطفل.

ودعت ضاهر الأمهات والأهل إلى مراقبة أطفالهم لمعرفة فيما إذا أصيبوا بالتوحد الافتراضي من خلال ملاحظة أعراض التوحد الافتراضي التي تنحصر بفرط النشاط لدى الطفل وعدم قدرته على الانتباه والتشتت وعدم رغبته باللعب بالألعاب الملموسة من كرات أو لعب سيارات أو دمى أو أنشطة واقعية، ولمجرد الاستمرار في لعب الألعاب الإلكترونية التي تسيطر على كل اهتمامه، ومن أهم أعراض التوحد الافتراضي التأخر في الكلام أو أشكال التواصل الأخرى، إضافة إلى حب العزلة والانطواء وقلة التفاعل الاجتماعي.

وأشارت ضاهر إلى أن الطفل المصاب بالتوحد الافتراضي يكون سريع الغضب والتهيّج وتقلب المزاج وقلة الإدراك، وبالتالي فإن الأطفال تحت سن السنتين لا يسمح لهم على الإطلاق باستخدام الهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية أو مشاهدة التلفزيون، لما لذلك من أثر سلبي شديد على نمو الطفل اللغوي والاجتماعي والسلوكي، أما الفئة العمرية من عمر (2 – 5 سنوات) فيسمح لها فقط بساعة واحدة يومياً.

وبالنسبة للأطفال الذين تزيد أعمارهم على ست سنوات فيكون للأهل الحرية في اختيار الفترة الزمنية المسموح بها ولكن يجب الحذر الشديد من المحتوى المقدم لهم.

التفاعل الاجتماعي
وأكدت ضاهر أن علاج التوحد الافتراضي ممكن بمجرد التوقف عن التعرض للشاشات حيث يتحسن وضع الطفل، ويجب على الأهل هنا تشجيع الطفل على التفاعل الاجتماعي الواقعي والنشاط البدني والانخراط في أنشطة ألعاب واقعية بعيداً عن الشاشات والهواتف أو الألعاب الإلكترونية، والتقليل من وقت الشاشة تدريجياً حتى لا يعود الطفل يستخدمه أبداً والسعي دائماً لدفع الطفل إلى اللعب مع اقرانه وتحديد أوقات للعب الجماعي مع أطفال آخرين، أو الانضمام إلى النوادي، مشيرة إلى أهمية قضاء الكثير من الوقت مع الطفل واللعب معه، أو ممارسة الأنشطة مثل الطهي أو قراءة القصص وإشغال الطفل بألعاب تحفز النشاط والتفكير مثل حل الألغاز، أو لعبة البحث عن الكنز، أو الرسم والتلوين، أو الألعاب اللوحية، وتلعب النزهات دوراً كبيراً في مساعدة الطفل على التخلص من التوحد الافتراضي من خلال اصطحابه إلى أماكن تفاعلية مثل حديقة الحيوانات، أو الحدائق، أو صالات الألعاب، او المسابح والحرص على وضع قواعد وقوانين استخدام الشاشات، مع الالتزام بها، وحتى الوقت المسموح للشاشات يجب أن يكون مفيداً وفعالاً للطفل.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار