ليس عيد الشهداء الذين ارتقوا في السادس من أيار 1916 مناسبة لتمييزهم عن كثيرين دفعوا حياتهم قتلاً أم جوعاً بفعل استعمار بني عثمان الذي جثم على صدر البلاد والعباد 400 عام، بل هو منارة للأجيال القادمة للاقتداء بهم، كيف لا وهؤلاء الشهداء الذين ارتقوا في السادس من أيار كانوا صفوة المجتمع من أدباء وشعراء وسياسيين، وهم بافتخار متواضع من كانوا في الخطوط الأمامية خلال الحرب الإرهابية التي شُنت على سورية منذ 13 عاماً، واستشهدوا لنيل الاستقلال ويؤسسوا لوطن منيع.
اليوم هذه المناسبة لا تشبه مثيلاتها من المناسبات لدى السوريين، وهذا اليوم لم ولن يمحى من الذاكرة الوطنية، لأن هؤلاء الشهداء رسموا طريق الاستقلال، ومن حقهم أن نعيد لهم الاعتبار في هذا اليوم، ولا يجوز تحت أي ذريعة أن نمحو من ذاكرتنا معاني وقيم هذا اليوم الوطني، لأنهم استشهدوا من أجل الوطن ومن أجل القيم والمفاهيم الوطنية.
في ذكرى السادس من أيار، ومنذ ذلك الصباح الذي امتزج به الألم بالفخر، والأسى بالعزة، أصبحت الشهادة عنوان العطاء عند السوريين، وقمة التضحية في كل المراحل التي تعرضت فيها سورية للعدوان والحروب أياً كان نوعها.
واليوم تسمو قيمة الشهادة لتصبح نهجاً واستعداداً عند جميع السوريين، خاصة في صفوف الجيش العربي السوري، الذي صمد خلال الحرب الإرهابية العالمية التي شُنت على سورية، وأبهر العالم بهذا الصمود والتضحية فداء للوطن، وكلما ازدادت الحروب تعدداً وشدةً تصاعدت مشاعر التضحية بكل أنواعها حتى الشهادة التي هي الأرقى والأكرم.
اليوم نقف وقفة خشوع واحترام أمام كل شهيد ارتقى على أرض الوطن، فأشعل بدمائه الزكية الطاهرة ضمير التاريخ.. نقف وقفة عرفان بالجميل أمام كل من ضحّى بنفسه فداء لوطنه وأهله لنيل الحرية والاستقلال والسيادة.. نقف وقفة إجلال ووقار أمام كل شهيد حيّ سلك طريق النضال الطويل ومضى قدماً، ليبقى وطننا رمزاً للشموخ والعزة والكرامة.
أمين الدريوسي
34 المشاركات