الأعراس الجماعية حلٌّ عصريٌّ لمشكلة ارتفاع تكاليف الزواج

تشرين- دينا عبد:

يواجه الشباب مشكلة في ارتفاع تكاليف الزواج؛ بدءاً من المهر والعرس وتأمين المنزل وغيرها من المتطلبات، هذا الأمر يدفع الكثيرين إلى تأجيل الفكرة أو طويها نهائياً.

تقول رهف (٢٣ عاماً)، والمقبلة على الزواج: قبل سنوات مضت كان مجرد الحديث عن إقامة حفلات «الأعراس الجماعية» أمراً مرفوضاً كلياً من قبل البعض، لكن اليوم ونظراً لتغير الظروف الاقتصادية على الجميع وارتفاع تكاليف الحياة، أصبح مجرد النقاش فيه أمراً مقبولاً لتمثل طريقة الزفاف هذه شكلاً من أشكال المساهمة الفعالة في زواج الشباب والفتيات، بل ليكون ذلك حلاً عصرياً لمشكلة ارتفاع نفقات حفل الزواج، خاصة أن الشاب المقبل على الزواج يكون في بداية حياته غير قادر على إقامة حفلة زواجه لوحده بتكاليف باهظة؛ هذه الظاهرة لم تعد حكراً على مجتمعات بعينها أو فئات دون أخرى، بل تغلغلت في معظم المجتمعات.

تأثير اجتماعي

د. سمر علي (علم الاجتماع) جامعة دمشق، ترى أنه، ومع تفاقم الأوضاع المعيشية الصعبة وارتفاع تكاليف الزواج من تحضيرات السكن والمستلزمات المنزلية الأساسية ثم تكاليف الحفل من ملابس وذهب وسواها، أصبح من المستحيل مجرد التفكير بإقامة حفلات الزفاف بالنسبة لأبناء الطبقة الكبرى من المجتمع من موظفين وعمال والذين لا يكاد دخلهم الشهري يكفي حاجاتهم الأساسية، رغم استغناء الكثير من الشباب عن شراء الذهب أو امتلاك منزل واللجوء إلى الإيجار المرتفع التكلفة أو السكن مع الأهل.

لذلك، وحسب الدكتورة علي، فإن فكرة الأعراس الجماعية وجدت في أكثر الفترات الصعبة في حياة الشباب فكانت الحل الرائع لمشكلة عزوفهم عن الزواج، لاسيما عندما تتكفل تلك الأعراس الجماعية ببعض المستلزمات الأساسية كالأدوات الكهربائية وبعض المفروشات، الأمر الذي يخفف من وطأة تكاليف الزواج على شابين في بداية حياتهما الزوجية .

مشيرة إلى إن فكرة الأعراس الجماعية هي وليدة التكافل الاجتماعي والتساند والمبادرة الإيجابية التي تحد من ظاهرة العنوسة لدى الشباب، وتسهل لهم بناء عش الزوجية، وتبعدهم عن الانحلال الاخلاقي.. تلك الفكرة (الأعراس الجماعية) هي ظاهرة اجتماعية يجب العمل على دعمها وتقديم كل ما يضمن استمرارها من فترة لأخرى، لتكون الأمل الذي يدفع الشباب إلى بناء الخلية الأولى في المجتمع، و لا يبنى المجتمع إلا بتعاون أبنائه معاً، وشعورهم بالمسؤولية المجتمعية فيما بينهم.

خبير تنمية بشرية: انتشرت في الآونة الأخيرة ويجب تنظيمها 

بناء أسرة

بدوره خبير التنمية البشرية محمد خير لبابيدي، بيّن أن الزواج سنّة كونية ترتبط بها آلية بناء الأسرة، والتي هي عماد المجتمع، وكلنا يعلم أنه كلما كان تأسيس الأسر يسيراً وصحيحاً، كلما كان المجتمع أكثر قوة وحيوية ونشاطاً وتجدداً .

مضيفا: ومن أجل هذا نرى كل الأديان قد حضّت على الزواج، كما إن المجتمعات جعلت من الزواج مناسبة فرح وسرور، ولكن وللأسف اتجهت المجتمعات ومنذ فترة إلى المبالغة في تكاليف ونفقات ومتطلبات الزواج، الأمر الذي أدى في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة إلى عزوف الشباب عن الزواج بشكل ملحوظ، بحيث بدأ يظهر أثر ذلك جلياً على المجتمع من خلال تفاقم ظاهرة العنوسة وانتشار العلاقات المحرمة وغير المشروعة فيه.

وتابع لبابيدي من هنا بدأت المنظمات والهيئات المجتمعية تدق ناقوس الخطر، وتطالب المجتمع بتيسير سبل الزواج أمام الشباب، ودعم الراغبين بتأسيس عائلة، وإيجاد سبل وطرائق ممكن أن توفر على الشباب عبء تكاليف الزواج، ومنها الأعراس الجماعية والتي انتشرت في الآونة الأخيرة، وبإشراف منظمات وهيئات وجمعيات قامت بتنظيم هذه الأعراس بشكل لا بأس به .

ونحن كخبراء تنمية بشرية نرحب بكل ما يساعد الشباب على الزواج ويوفر من نفقاته عليهم، مع التأكيد على ضرورة تنظيمها بشكل تحترم فيه القيم الدينية والاجتماعية والخصوصية لكل أسرة حتى لا تنقلب الأمور إلى عكس ما أريد منها .

اقتصادي: محفز لجيل الشباب للإقبال على تأسيس أسرة بعيداً عن التفكير بالتكاليف الكبيرة والمتطلبات

خطوة إيجابية

الخبير الاقتصادي فاخر القربي، بيّن أن الأعراس الجماعية خطوة إيجابية تسهم في خلق أجواء اجتماعية مميزة، وتخلق نوعاً من الفرح الشخصي والأسري والاجتماعي، مشيراً إلى أننا نعيش حالة اقتصادية تجعل الكثيرين من الشباب المقبلين على الزواج ينظرون إلى إلغاء هذا النوع من الفرح (العرس) تهرباً من الأعباء الاقتصادية التي تترتب على ذلك.

موضحاً أنه، وفي أغلب الأحيان، يكون هناك حالة عزوف عن الزواج بسبب التكاليف الباهظة لتأمين متطلبات الحياة الزوجية و المتطلبات المنزلية بعيداً عن طلبات الأهل الكثيرة، وفي ظل هذه الأجواء تأتي المبادرات الاجتماعية والاقتصادية بمتنفس اجتماعي أسروي لخلق حالات من الفرح الاجتماعي (العرس الجماعي)، لما لهذه المبادرات من منعكسات إيجابية نفسية واجتماعية وديمغرافية .

وبيّن القربي أنه لاحظنا في أوقات سابقة مبادرات عديدة من منظمة اتحاد شبيبة الثورة والعرس الجماعي بمناسبة عيد تأسيسها وتقديم الهدايا( أثاث منزلي)، ونحن في وقت أكثر حاجة للمبادرات الحكومية وغير الحكومية لمثل هذه المبادرات، كي تكون محفّزاً لجيل الشباب للإقبال على تأسيس أسرة بعيداً عن التفكير بالتكاليف الكبيرة والمتطلبات المرهقة، لما للحياة الزوجية من منعكسات اجتماعية وأخلاقية مهمة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار