“الربيع وأعياد نيسان” في أصبوحة شعرية بالمركز الثقافي في جبلة
لنيسان حكايات وقصص تحاكي الذاكرة الشعبية، وحكايتنا في نيسان ليس فقط أنه فصل الربيع وابتهاج الطبيعة به، ولباسها أجمل ما لديها من ألوان بتفتح أزهارها واخضرار أشجارها وكثرت الرحلات ولقاء الأحبة، بل نيسان سورية مرتبط أيضاً بذكرى جلاء المستعمر الفرنسي عن أرضها..
وفي رحاب أيام (الربيع وأعياد نيسان) كان لقاء مجموعة من الشعراء في المركز الثقافي العربي في جبلة، نثروا عبر كلمات قصائدهم عبير الورد والفرح والحب، والأمل بغدٍ مشرق ستنجلي فيه تلك الأيام الصعبة التي مررنا بها ونمر بها من هذه الحرب التي أرادت لنا الموت وقابلناها بعزيمة وإرادة وإصرار بأننا أبناء الحياة، ويليق بنا الحب والحياة.
تمحورت قصائد الشعراء فاطمة غنيجة – فائز خنسة – زكريا عليو حول نيسان وأعياده، وما يحمله من معاني الفرح والبهجة وتفتح مكامن النفس كتفتح الازهار، كيف لا وهو الربيع الذي يأتي بعد مخاض طويل من عناء الشتاء وتقلباته.
وركز الشعراء الثلاثة ومجموعة من الشعراء كانوا ضيوف هذا اللقاء (علي طرائف – ساره خير بك – ثائر عيد – مناهل حسن – تغريد خليل – محمد المحمد) على أنه بالحب نتجاوز المحن ونستطيع من خلاله التعالي على الجراح، وكما جاء الجلاء بعد نضال طويل وأشرقت شمس الحرية من جديد، ستشرق شمسنا من جديد، وكما الربيع يعيد للحياة رونقها ستعود سورية لألقها، بفضل تضحيات أبنائها وتعاليهم على الجراح ودماء شهدائها.
وكان لقصائد الحب حيزٌ كبيرٌ أضفت على اللقاء سحراً جميلاً كسحر الربيع بتعدد ألوان أزهاره، فمهما طال الحزن والظلام، الحب يكسر هيبتهما ويعطي للحياة التجدد.
اجتمعت في قصائدهم الدعوة للحب وللإنسانية والتعالي على الجراح، وأن الوطن يكبر بأبنائه جميعاً عبر تكاتفهم نحو مستقبل يشمل الجميع.
انقسمت قصائد الشعراء بين مَن ينظم الكلام وبين مَن ينظم المعلومة وأجادوا فيما نظموا، ناهلين من أيقونة الشهيد معاني الإباء والشموخ والكرامة والكبرياء والإيمان، ومن مناهل الجغرافيا والتاريخ كل تلك المعاني مدغدغين بالحب النفس البشرية ونيسان وأعياده.
الشاعر فائز خنسة في قصيدته (مَن أنا) يشير إلى أنّ الوطن هو أنا وأنت لنشكل نحن، ويركز على جراحات الوطن ونزيفه المستمر ويتساءل هل من صبح لهذا الظلام، هل من حياة لأطفالنا أكثر أمناً وأماناً؟ وقصد خنسة بـ “مَن أنت وبـ مَن هو”، أنا وأنت الوطن، الوطن نزف من بعض أبنائه وممن تآمروا على وطننا.
سئمت العيش وانهارت قوايا
وصمتي صاخب فضح الخفايا
وسار بنفسي إعصار المآسي
وقد أخرجت مما في يدايا
يلاطم بعضنا بعض ببعض
بلا وجل القلوب من الخطايا
فلست أنا وأنت بلا أنايا
ولا أحد معاك ومعايا
الشاعرة فاطمة غنيجة رأت أن الإنسان يكبر عند فقدان الأم، الأم وطن – عطاء- جمال، سورية هي الأم لكل أبنائها وبفقدان سورية بعض أبنائها سورية حزينة، ونيسان بداية الأمل والانطلاق والتجدد، والأم هي بداية كل انطلاقة للحياة، في قصيدتها (أمي) :
أمي..
جنة أماني مشرعا أبوابا
وبنك السعادي فاتحة حسابا
غفيو بحضن القمر كل ولادا
وفي قصيدة وطني:
يا سائلاً عما تراه عيناك أبشر
وتأمل جمال بلادي وكبّر
وقل في العالمين هاذي بلادي
سبحان من أبدع فيها وصوّر
وطني…. يا سكني
يا فيضاً من روحي
أحن إليك وأنا فيك مشتاق
وثراك ثريا وجوهر
وفي قصيدة الشاعر زكريا عليو ( مقهى حزين) رسالة لعودة أبناء الوطن للوطن والتعالي على الجراح، وعودة المحبة وتحمل كل فرد مسؤوليته، متحدثاً عن جراح الوطن وغربة أبنائه عنه والشوق للقاء من غابوا، وحالة البؤس والعوز التي وصل إليها أبناء هذا الوطن من خلال بعض أفراده، متطرقاً لنيسان وأعياده، وبأن نيسان هو الانتصارات، فصل الربيع، ربيع كل شيء ومولد كل حياة جديدة.
مقهى حزين فؤادي عندما رحلوا
نار غدت بين أضلعي تشتعل
لما على عجل سارت مراكبهم
يا ليتهم وضبوا قلبي بما حملوا
أغفو على أمل – حتى ولو كذباً
حلم ألوذ به والعين تكتحل
كم من عزيز غدا عوز يطارده
وذو التفاهة مرفوع ومبتجل