عزي وبلادي سورية.. الأهزوجة الشعبية التي تحولت إلى أغنية سائرة

تشرين- سامر الشغري:
في مطلع أربعينيات القرن الماضي عندما كان الشارع السوري يغلي بوجه الاحتلال الفرنسي مطالبا بالجلاء، سادت في المظاهرات الشعبية التي كانت تشهدها دمشق يومياً أهازيج كثيرة حمل بعضها معنى ساخراً للسلطات الحاكمة وقتها ولرموز الاحتلال، وتغنّى بعضها بالوطن واعتز به كما في أهزوجة (عزي وبلادي سورية)..
كانت المظاهرات تخرج باتجاه مبنى مجلس الشعب رمز السيادة السورية، وكان هنالك طفل يراقب تلك المظاهرات من بيت أسرته المطل على البرلمان، وكان يراقب بكثير من الفضول والشغف كيف أنّ متزعم المتظاهرة يهتف ” عزي وبلادي” ويردد المتظاهرون وراءه “سورية”، هذا الطفل كان مطربنا الكبير موفق بهجت.
لقد تغلغلت هذه الأهزوجة في وجدان بهجت.. وبينما تناساها الناس بعد الاستقلال ولم يعودوا يرددونها، إلّا أنها ما برحت ذهنه قط، ولكنها كانت كالكنز المدفون الذي ينتظر إخراجه.
في عقد السبعينيات كان سورية تعيش في حالة من المد النضالي، في الحرب وفي السياسة، وبدا أن العقد السوري بزغت شمسه، كان ذلك حافزاً لأن يعود مطربنا موفق لتلك الأهزوجة التي أصبحت تعبّر فعلاً عن الواقع السوري.. لقد دفع بهجت بهذه الأهزوجة إلى الشاعر الغنائي أحمد قنوع، الذي طورها وجعل منها أغنية من كوبليه وثلاثة مذاهب، مع الحفاظ على مطلعها “عزي بلادي سورية”.
وبعد كتابة القصيدة جاء دور الملحن المبدع مطيع المصري صاحب أهزوجة زينوا المرجة، والذي لحنها ووزعها أوركسترالياً وأعطى للكورال المتنوع بين الرجال والنساء والأطفال دوراً محورياً، ولاسيما من خلال استخدام طبقات صوتية متباينة، ليجيء المطرب الكبير موفق بهجت بصوته العذب وأدائه الحماسي المتدفق ويختم هذا العمل الذي بدأ كأهزوجة شعبية وأصبح مغناة وطنية لانزال نرددها بعد مرور خمسة عقود على تسجيلها، لتظل حية نضرة في وجدان الناس ربما لصدقها وربما لأنها نبعت من صميم حياتهم، وربما لمستوى الإبداع العالي فيها لحناً وكلمات وغناء، وربما لأجل كلِّ ذلك مجتمعين.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار