يُحيي شعبنا العربي السوري اليوم، السابع عشر من نيسان، الذكرى الثامنة والسبعين لجلاء المستعمر الفرنسي عن وطننا، وهو في أوج مرحلة التصدي لوكلاء المستعمرين الذين يشنون حرباً وحصاراً اقتصادياً طال لقمة عيش السوريين، وحيث يستلهم الشعب السوري والجيش من بطولات أجدادهم معاني ودلالات عيد الجلاء للدفاع عن الوطن واستقلاله ووحدة أرضه، ليجددوا عهدهم على تقديم التضحيات لصون استقلال الوطن في كل حين ودحر الإرهاب والإرهابيين وداعميهم.
عقود مرت على الثورة في مواجهة المستعمر الفرنسي، توجها الشعب السوري البطل بنصر تاريخي تمثّل بجلاء قوات الاحتلال الفرنسي في 17 نيسان عام 1946، وفيها أثبت شعبنا من خلال ثوراته على هذا المستعمر التي عمت سورية تقريباً، بقيادة زعماء الثورة السورية وأبطالها.. وفي طليعتهم يوسف العظمة وسلطان باشا الأطرش وحسن الخراط وصالح العلي وإبراهيم هنانو وأحمد مريود، وغيرهم من الأبطال، أثبتوا أن الجلاء نصر مؤزر صنعته تضحيات شعبنا، الذي يعشق الحياة الحرة الكريمة، ويرفض كل من يعتدي على وطنه ويسلب حقوقه أياً كان.
قبل 78 عاماً، وفي مثل هذا اليوم، بصم السوريون على انتصاراتهم في التاريخ ضد المستعمر الفرنسي، وضد أي مستعمر آخر، لترفع رايات الحق، بعد إذلال المحتل الغاصب وأرغامه على الخروج ذليلاً يجر وراءه أذيال الهزيمة مصحوباً بالخزي والعار، فالثورات العربية الحقيقية حرّرت شعوبها من طغيان المستعمر، بفضل الملاحم التي خطها السوريون بدماء الشهداء، التي تشكل تقاليد كفاحية وعنصراً أساسياً في بنية الشعب السوري الوجدانية، لقد شكل الاستقلال قاعدة صلبة لدعم النضال الوطني على امتداد الوطن العربي الكبير، للتحرر من الاستعمار، ومنطلقاً للكفاح من أجل بناء المجتمع العربي الجديد القوي المنيع المتحرر من مختلف أشكال التبعية والظلم والاستغلال.
وبهذا الرصيد، وبرصيد انتصار حرب تشرين التحريرية الذي حققه الجيش السوري الباسل بقيادة الرئيس المؤسس حافظ الأسد في عام 1973، ورصيد الانتصار على الإرهابيين، تمكنت سورية من الصمود في مواجهة حرب إرهابية عالمية غير مسبوقة، وأن تنتصر فيها انتصارات كبيرة في دحر الإرهاب والإرهابيين ورعاتهم.
لقد استطاع الشعب السوري الذي يعشق الحرية وبإمكاناته المتواضعة وإرادته القوية أن يلوي ذراع المستعمر الفرنسي ويجبره على الرحيل عن أرض الوطن، ليرفرف علم الوطن المستقل شامخاً ويصدح نشيدها الوطني بإباء في أرجاء أرضها المروية بدماء شهدائها البررة، ليكون هذا اليوم هو يوم الجلاء.. ماضي العزة وحاضر الكرامة.
أمين الدريوسي
34 المشاركات