قراءة في مسيرة النظرة إلى الجمال في السينما العربية!!
تشرين- د. رحيم هادي الشمخي:
منذ عرف العرب الإنتاج السينمائي كان جمال الممثلات شرطاً مهماً من شروط عملهن على الشاشة، وكان جمال كل فنانة يمثل طراز الجمال الأنثوي كما يتصوره جيلها من النساء، ويعبّر عن مستوى الجمال في ذلك العصر ومقاييسه ومعالمه.
ففي منتصف العشرينيات كانت الفنانة (عزيزة أمير) أول فنانة مصرية تضطلع ببطولة فيلم سينمائي في تاريخ السينما العربية، وكان جمالها يمثل السحر والنضج والإغراء الذي يعتمد على الشعر الطويل والملابس المحتشمة التي تبرز مفاتن الجسم، والعيون السوداء الحزينة التي تعبّر عن المعاني العاطفية، وبعد فترة قليلة، وفي العصر نفسه ظهرت الفنانة (بهيجة حافظ) التي كان جمالها يعبّر عن جمال (بنت الذوات) العصرية، وفي مطلع الثلاثينيات كانت (أمينة رزق) تمثل جمال المصرية من الطبقة المتوسطة، التي تعاني مصاعب الحياة وآلام ظلم المجتمع.
كانت موازين الجمال في العالم العربي إذ ذاك تتغير، وتنتقل الفتنة من المرأة السمينة التقليدية إلى المرأة النحيفة، وظل الأمر هكذا حتى قامت الحرب العالمية الثانية، فتغيّرت معالم كثيرة لجمال المرأة العربية في المجتمع والشاشة تبعاً لذلك، وأصبح للجمال المثير نصيب كبير من الاهتمام، وممن مثّلن في ذلك العصر (ميمي شكيب، زوزو شكيب، زوزو ماضي، ثم لولا صدقي وسميحة توفيق التي كانت تمثل بنت البلد)، وظهرت (برلنتي عبد الحميد) التي مثّلت الجمال الأنثوي، كما ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية كل من (مديحة يسري، ماري كويني، نعيمة عاكف، سامية جمال).. وغيرهن من الممثلات الجميلات.
أما (فاتن حمامة وماجدة) اللتان تبوأتا قمة الشهرة الفنية في مرحلة الخمسينيات فقد امتازت كل منهما بالأداء الجيد، كما برزت الفنانة (سميرة أحمد) في صورتها الجميلة، وهي تمثل المرأة المصرية بنت العائلة الفقيرة.
أما في فترة الستينيات فقد برز جمال السينما العربية بظهور كل من (سعاد حسني، ناديا لطفي، ميرفت أمين، نجلاء فتحي) وقد مثّلن أدوار الإغراء.
وفي السبعينيات تبرز وتتفوق (نيللي) في تجسيد شخصية المرأة العصرية التي ترحّب بكل الموضات والمبتكرات في كل مجال، إضافة إلى الوجوه الفنية (زبيدة ثروت وليلى عبد العزيز).
وعلينا أن نعترف أن ظهور كوكب الشرق أم كلثوم على الشاشة كان حدثاً فاصلاً في تاريخ السينما العربية، فأصبحت هيأتها وطريقتها في الأداء نموذجاً أنثوياً لم يفلح أحد في تقليده.
وعلى ما يبدو؛ لقد خرجت اليوم السينما العربية من عالم الفكر والفن وأصبحت في مهبّ الريح في الكثير من تفاصيلها، سواء في النظرة إلى معايير الجمال، أو النظرة إلى المستوى الإبداعي والفكري لفن السينما..