متقاعدون يعودون إلى ميدان العمل من بوابة الحاجة..
دمشق – دينا عبد:
يضطرّ العديد من العمال المتقاعدين إلى الالتحاق بعمل مجدداً بدلاً من الراحة، بعد أن قضى معظمهم سنوات طويلة تزيد على ٣٠ عاماً وهم يخدمون في مؤسسات الدولة، فالحالة المعيشية لم تعد تسمح لأي أحد بالجلوس من دون عمل حتى لو أحيل على التقاعد.
حالات
بعد أن تقاعد (غسان) الذي كان يعمل في إحدى البلديات في ريف دمشق اضطر إلى متابعة مسيرة العمل من أجل إعالة أبنائه الذين مازالوا يدرسون فمتطلبات العلم لا تنتهي، من أجرة المواصلات وثمن المحاضرات ومصروفات جانبية، أضف إلى ذلك مصاريف المنزل من طعام وشراب وملابس وأدوية، كل ذلك ولم يعد الراتب التقاعدي يكفي إلا لعدة ساعات حسب ما تحدث، ويتابع: بالرغم من إحالتي على التقاعد إلا أنني أعمل حارساً لإحدى المزارع القريبة من مكان سكني مقابل أجر ١٥٠ ألفاً أتقاضاها أسبوعياً.
البحث عن عمل جديد
كذلك الأمر حصل مع (منى) ممرضة، كما حصل مع كثيرات ممن تقاعدن، فحسب قولها إنها لا تستطيع أن تعمل في اختصاص آخر سوى عملها، فإما في مشفى خاص وإما في عيادة طبيب، وتشرح: أبنائي تخرجوا ولكن لم يجدوا عملاً، فأصبح من الضروري علي البحث عن عمل جديد حتى أعيلهم وأمنحهم المصروف إلى أن يحظوا بفرصة عمل ودخل يتناسب مع شهاداتهم الجامعية.
تاكسي
بدوره إبراهيم الذي قضى أكثر من ٣٣ سنة في الوظيفة الحكومية، يقول: اليوم أعمل سائقاً على سيارة أجرة بعد إحالتي على التقاعد، وذلك لأن الوضع الاقتصادي سيىء، ولا يسمح لي بالجلوس في المنزل.
وأضاف: قبل إحالتي على التقاعد ادخرت المال، ودخلت في عدة جمعيات واقترضت من المصرف لشراء سيارة تاكسي، موضحاً أنه اضطر لذلك نظراً لحاجته للمال من جهة، و للابتعاد عن الاكتئاب من جهة أخرى، هذه الأسباب دفعته للتفكير في العمل بعد التقاعد، نظراً لضعف راتبه فيما أغلب أبنائه مازالوا يدرسون في الجامعات.
الاختصاصية الاجتماعية سلوى بركة ترى أنه من الضروري على المتقاعدين من ذوي الدخل المنخفض مواصلة العمل، في حال كانت حالتهم الصحية تسمح لهم بذلك، نظراً لأن هناك أعباء سترافقهم كزيادة في الأسعار وغلاء المعيشة، وبالتالي فإن مواصلة العمل بالنسبة لهم ضرورة أكثر منه اختيار، وتالياً لتغطية الاحتياجات اليومية نظراً لضعف راتب التقاعد.
وترى الاختصاصية الاجتماعية أن التقاعد بالنسبة للكثيرين لا يرقى لمستوى طموحاتهم المالية والاجتماعية، فالجميع يضع أحلاماً تفوق مقدراته المالية، وتفوق مقدرة علاقاته الاجتماعية التي يعتقد أنها ستكون داعمة له في هذه المرحلة، لكن ما يحدث هو العكس تماماً.