قصف الجوعى.. عنوان المرحلة في الحرب الإسرائيلية على غزة.. والمقاومة بنت بيئتها ومنها ولها تقاتل
دمشق- راتب شاهين:
يُكثر الكيان الإسرائيلي من خطط التهجير للفلسطينيين، بعدما أدرك استحالة عزل المقاومة عن بيئتها الحاضنة. المقاومة التي خرجت من رحم المعاناة ومن رحم القضية، وحيث عجز الكيان عن فصل المقاومة المتجذرة في بيئتها الفلسطينية، يعرض الكيان خططاً لإخلاء غزة من سكانها بذرائع متعددة، ومنها إبعادهم عن عمليات القتال، فالكيان الذي عجز عن تحقيق انتصار صغير على المقاومة باستثناء عمليات قصفه الجوعى والمرضى، لا يزال يعيش في وهم «الانتصار» الذي في ظنه يجعل منه فارضاً الشروط على المقاومة، التي كانت منذ البداية واضحة في شروطها، وعلى رأسها الوقف الكامل لإطلاق النار وخروج الأسرى من سجون الاحتلال.
في اليوم الـ 143 من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، واصلت الطائرات الإسرائيلية قصفها لمختلف مناطق قطاع غزة، مخلفة العشرات من الشهداء ومئات الجرحى.
استحالة فصل المقاومة عن بيئتها، دفع الجيش الإسرائيلي لعرض خطة لإخلاء سكان غزة من مناطق القتال
وارتكب الاحتلال الإسرائيلي سبع مجازر ضد العائلات في قطاع غزة راح ضحيتها 86 شهيداً و131 إصابة خلال الساعات الـ 24 الماضية، لترتفع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 29692 شهيداً و69879 إصابة منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
وفي غزة استشهد 10 فلسطينيين في غارات متفرقة على حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، فيما ارتقى عدد من الشهداء بقصف منزل في حي الشيخ رضوان شمال غزة.
وفي جنوب القطاع ارتقى 23 فلسطينياً في سلسلة غارات وعمليات قنص في مناطق مختلفة من خان يونس.
ونقل الشهداء إلى خارج خان يونس بعد تعذر نقلهم إلى مستشفى ناصر الذي ما زالت قوات الاحتلال تطلق النار في محيطه رغم انسحابها منه.
– قصف الجوعى
يلاحظ في الفترة الأخيرة أن القصف الإسرائيلي يركز على بعد المستشفيات عن الفلسطينيين الجوعى، الذين ينتظرون قوافل المساعدات على شارع الرشيد غرب غزة، حيث تحولت نقاط انتظار قوافل المساعدات إلى أهداف للطائرات الإسرائيلية. مصادر طبية أعلنت استشهاد عشرة فلسطينيين وإصابة أعداد أخرى في قصف استهدفهم على شاطئ البحر. ويأتي هذا الحادث بعد يومين من قصف مماثل أدى إلى استشهاد 22 فلسطينياً.
القصف الإسرائيلي يركز على الجوعى، حيث تحولت نقاط انتظار قوافل المساعدات إلى أهداف للطائرات الإسرائيلية
هذا المسار الإجرامي للكيان أكده المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» فيليب لازاريني في منشور عبر منصة «إكس»: إن دعواتنا لإرسال المساعدات الغذائية إلى شمال قطاع غزة تم رفضها، ولقيت آذاناً صماء.
وأضاف مفوض عام «أونروا»: نحذر جنباً إلى جنب مع الوكالات الأممية الأخرى من مجاعة تلوح في الأفق.
وتشير التقارير إلى تزايد المستويات الكارثية لانعدام الأمن الغذائي الحاد في شتى أرجاء قطاع غزة، حيث يتزايد عدد التقارير عن الأسر التي تكافح من أجل إطعام أطفالها، ويزداد خطر الوفيات الناجمة عن الجوع في شمال القطاع، حسب الأمم المتحدة.
– المقاومة بنت بيئتها
إن استحالة فصل المقاومة عن بيئتها في أي مكان، دفع جيش الإسرائيلي لعرض الخطط لإخلاء سكان غزة من مناطق القتال، إذ أعلن جيش الكيان، أنه عرض خطّة لإخلاء سكاّن غزّة من مناطق القتال و خطط أخرى عمليّاتية بغرض استمراره في تدمير ما أمكن من بنية تحتية فلسطينية.
لكن مع الخطط الكثيرة للاحتلال لإفراغ غزة من سكانها، خرج اعتراف من مسؤول إسرائيلي يعتبر اكتشافاً إسرائيلياً متأخراً، بأن المقاومة متجذرة بين المدنيين في غزة.
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري قال: إن المقاومة متجذرة بعمق بين المدنيين في غزة وقد «قامت عمداً ببناء بنيتها التحتية في المناطق المدنية في جميع أنحاء القطاع».
هذا كلام المسؤول الإسرائيلي عن بنية المقاومة في المناطق المدنية، لكن هذا المسؤول لم ينتبه إلى أن هذه هي القطعة الصغيرة الباقية من فلسطين، والتي حشر إليها كل الفلسطينيين الهاربين من إجرام العصابات الصهيونية منذ عشرات السنين، منها وإليها وجب أن تخرج المقاومة التي لا بد منها في وجه استعمار إجرامي – توسعي- استيطاني.
وفي مقال رأي في صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، ادعى هغاري أن المقاومة «استخدمت غالبية المدارس والمساجد والمستشفيات والمؤسسات الدولية في عملياتها العسكرية».
كلام المسؤول الإسرائيلي هو تبرير لاحق لاستهداف المستشفيات والمراكز الصحية ودور العبادة المحمية بموجب القوانين الدولية، فرغم الاقتحامات الكثيرة لقوات الاحتلال لتلك المراكز، لم تستطع إبراز دليل واحد يمكن أن يصدقه العالم عن هذه الكذبة. الكذبة التي هدفها تدمير البنى التحتية، والتي هدفها دفع الشعب الفلسطيني للهجرة بعد تدمير كل أساسيات الحياة في غزة.
– أمام بايدن أشهر للدراسة
على وقع القصف الإسرائيلي اليوم للمدنيين الفلسطينيين، وحيث إن كل دقيقة من المحتمل أن يقتل فيها طفل أو امرأة أو يموت مريض، بقنابل وذخيرة أمريكية، وفي وقت ممتد إلى قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تدرس الحكومة الأمريكية فرض دفعة ثانية من العقوبات على المستوطنين الذين يرتكبون اعتداءات ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.
دولة فلسطينية.. هذه كذبة الإدارات الأمريكية المتتالية، والتي يتم استحضارها عندما يضعف الدفاع عن الكيان في المحافل الدولية، حيث إن إجرامه يفضحه
وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض:إن الرئيس بايدن يشعر بالقلق إزاء تزايد أعمال العنف الذي يمارسه المستوطنون في الضفة الغربية وهو ما يشكل تهديداً للاستقرار، ويخرب تحقيق دولة فلسطينية مستقلة تعيش بسلام إلى جانب الكيان الإسرائيلي.
دولة فلسطينية!. هذه كذبة الإدارات الأمريكية المتتالية، التي لم تستطع إلزام الكيان الإسرائيلي بأي اتفاق منذ «كامب ديفيد» وإلى الآن، والتي تستحضر عندما يضعف الدفاع عن الكيان في المحافل الدولية، حيث إن إجرامه يفضحه، وحيث يصبح أمن الكيان أول بند في برنامج الانتخابات الأمريكية.
– الكلمة للميدان
في مناسبات متعددة أعلنت المقاومة اللبنانية/حزب الله/ أن الكلمة هي للميدان في الحرب مع الكيان الإسرائيلي، أي إن التطورات هي التي تفرض نوع السلاح وحجم الرد ومداه، هذا الإعلان من حزب الله كان سباقاً على الوعيد الإسرائيلي.
وزير جيش الاحتلال يوآف غالانت توعد حزب الله بقوله: إننا نخطط لزيادة القوة النارية ضد حزب الله. وأضاف: في حال التوصل إلى هدنة مؤقتة في غزة، سنزيد النار في الشمال، وستستمر حتى انسحاب حزب الله بالكامل «من الحدود» وعودة المستوطنين إلى منازلهم.
في المقابل فإن حزب الله يرد بالمناسب، وفي حال التصعيد سيصعد، فالميدان هو من يحدد التطورات.
الحزب ليس ببعيد عن الساحة، فقد أعلن صباح اليوم الإثنين، أنه استهدف بالصواريخ قوة إسرائيلية في موقع البغدادي ومحيطه، مؤكداً وجود إصابات مباشرة.