إلّا و«واسطتك» معك
ليس محظوظاً في هذه الأيام من يضطره المرض لمراجعة بعض المشافي العامة، ليس لناحية الخدمات، إذ لا ننكر أن تلك المشافي كانت ومازالت تقدم الكثير من الخدمات المجانية للمواطنين، رغم كل الظروف التي مرت بها بلدنا، وتلقى الكثير من الدعم، بل لأن المراجع إن لم يكن”له أحد أو واسطة” من العاملين في المشفى، فإنه سيرى نفسه محشوراً في طوابير من الانتظار على أبواب العيادات، وربما يعاود ذلك لأيام قبل أن يحصل على الخدمة، فترى لكل من كوادر المشفى، إن كان ممرضة أو عاملاً وحتى مستخدم في المشفى أو بأي صفة كان، الحق في أن يتجاوز دور غيره من المرضى ليُدخل إلى العيادة قريباً له أو جاراً وغيره ، وطبعاً هو “ابن المشفى” وما يجوز له لا يجوز لغيره.
ومعلوم كم من الكوادر تعمل في المشافي، إذا ما أُريد تمرير دور لمن يخصهم يومياً.
فترى الامتعاض بين المرضى المتنظرين من تلك التجاوزات والاستثناءات، التي تصل إلى تهميشهم حتى يتنهي دور “المحظوظين” ممن أحضروا معهم “واسطتهم” أو توصية منها، وقد ينتهي الدوام ولا يصل دور المريض الذي أجبرته الحاجة لمراجعة مشفى عام، فمعروف كم صارت تتقاضى المشافي الخاصة والأطباء في عياداتهم من أجور تقصم الظهر .
عشرات التجاوزات للدور تحصل في المشافي العامة، تطغى على ما يقدمه المشفى من خدمات وربما تنسفها، وتظهر المشفى بصورة سلبية، مع أن الأمر بسيط ولا يحتاج إلا لعملية تنظيم الدور إلكترونياً، وهي غير مكلفة إذا ما قورنت مع مايصرف على المشافي العامة، وليس هذا البند تعجيزياً .
فالمشافي العامة وجدت لخدمة جميع المواطنين، لا لأن يتسلّق أحد على دور غيره لتمرير مريضه و”تبييض الوجه”.
فلا نضيع جهد ما تقدمه تلك المشافي ببعض الثغرات التي يمكن تجاوزها بأقل ما يمكن، ونقدم الخدمات بشكل حضاري وعادل بدل أن يترك المجال للبعض بالتسلّق على دور غيرهم، وربما التسبب في سوء حالته الصحية، نظراً لطول فترة الانتظار فهل هذا صعب؟
“على سيرة الكوادر” منذ فترة كانت إحدى العاملات في أحد المشافي تتحدث لزميلتها وبــ”فكاهة” كيف أن أخاها امتعض منها لوضعها “قنينة بقين” كبيرة مخصصة للماء، معبأة بالكحول في مطبخ منزلهم، أي في غير المكان الذي اعتادت وضعها به ، فظن أنها ماء وشرب منها، فكم من”قنينة” هنا وغيرها هناك، تضيع ويهدر الكثير من المواد التي قد تتوقف عليها حياة مريض؟!