بمناسبة يوم اللغة العربية.. الدكتور صلاح الدين حسين: عِلم اللغة شريك لا غنى عنه في كل فروع المعرفة المادية والإنسانية

طرطوس – ثناء عليان:
بمناسبة ذكرى إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار اعتبار اللغة العربية لغة رسمية، إضافة إلى اللغات الست الأخرى المعتمدة فيها؛ ألقى الدكتور صلاح الدين سعيد حسين- أستاذ مساعد في قسم اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة طرطوس، اختصاص اللسانيات محاضرة بعنوان “علم اللّغة التطبيقي”، بدعوة من فرع طرطوس لاتحاد الكتاب العرب، بيّن فيها الأسس التي تجعل أي جانب معرفي يستحق اسم (علم)، وأكد أنّ اللسانيات علم كبقية العلوم، وتنقسم إلى قسمين: لسانيات نظرية ولسانيات تطبيقية.

علم الأصوات
وتتضمن اللسانيات النظرية علم الأصوات النطقي، وهو العلم الذي يتناول الصوت اللغوي بحالته المفردة، من خلال الجهاز النطقي، مشيراً إلى مخارج الأصوات وصفاتها عند القدماء العرب وفي المخابر الحديثة، وفيما يخص علم الأصوات التشكيلي؛ فهو العلم الذي يدرس الصوت اللغوي ضمن التركيب، وبيّن أن الفرق بين العلمين يكمن في أن (علم الأصوات النطقي) يتناول الصوت اللغوي (الفونيم) بحالته المفردة في حين أن (علم الأصوات التشكيلي) يتناول الصوت اللغوي ضمن التركيب.. وأشار المحاضر إلى بعض الجوانب التي يتناولها هذا العلم، كالفونيم، والمورفيم (مورفيم حرـ مورفيم مقيدـ مورفيم صفري)، والمقاطع الصوتية، والنبر اللغوي، والتنغيم، وشرح كيفية إنتاج الكلام والمراحل التي تمر فيها عملية نطق الأصوات حتى تخرج من الفم إلى الهواء، وهنا تحدّث عن الصوت في الهواء، وتناول بعض المظاهر الفيزيائية، كانتشار الصوت وحيود الصوت وصدى الصوت، وتطرق إلى الموجات الصوتية الموقوفة والمركبة.

اللسانيات التطبيقية
وانتقل الدكتور حسين للحديث عن علم اللغة السمعي، وكيف ينتقل الصوت من الأذن عبر العصب السمعي للدماغ لتفسيره، لافتاً إلى أنّ اللسانيات التطبيقية تستمد المفاهيم والأدوات والمصطلحات من اللسانيات العامة التي بدورها تشكّل إطاراً نظرياً عاماً يشتمل على المادة النظرية والمنهجية والاصطلاحية، ورأى أن هذا العلم لم تتوضح قواعده ومصطلحاته ومنهجه في الدراسة إلا بعد عام 1947م، وذلك في معهد اللغة الإنجليزية بجامعة ميتشغان الأمريكية الذي كان يدرس اللغة الإنكليزية لغة أجنبية.

تلاقح اللسانيات
في البداية كان لهذا العلم أربعة علوم تمثّل مصادره الرئيسة وهي-حسب د. حسين- علم اللغة العام، علم اللغة النفسي، علم اللغة التربوي، وعلم اللغة الاجتماعي، وعلى أثر اتساع ساحة هذا العلم وتخطي تطبيقاته المفهوم النظري، تشابكت اللسانيات مع المجالات الإنسانية الأخرى التي تهتم باللغة على أنها مظهر من مظاهر السلوك الإنساني حتى أصبحت في حقل البحوث الإنسانية مركز الاستقطاب بلا منازع، ونتج عن هذا التشابك فروع لسانية تطبيقية مولدة من تلاقح اللسانيات مع باقي التخصصات المادية والإنسانية، كما نتج عن اللسانيات والحاسوب (علم اللغة الحاسوبي)، وعن اللغة والقضاء (علم اللغة القضائي)، وأصبح هناك (علم اللغة الجنائي) و(علم اللغة الإرهابي)، و(علم اللغة الرياضي)، و(علم اللغة البيولوجي)، و(علم اللغة الجغرافي) و(علم اللغة النفسي)، و(علم اللغة الأجناسي)، و(علم اللغة النسبي)، و(علم اللغة الفيزيائي).

تطبيقات متنوعة
كما قدّم المحاضر عرضاً لبعض تطبيقات فروع علم اللغة التطبيقي، ومنها: علم اللغة الجغرافي: وتحدث في هذا المجال عن طريقة صناعة الأطلس اللغوي، وبيّن أن علم اللغة الجنائي هو فرع من فروع علم اللّغة التطبيقي، يقوم على دراسة وتحليل وقيام البيانات اللّغوية المصاحبة لوقوع الجريمة بهدف تحديد هوية الجاني أو المتهم. كما تحدث عن تحليل اللغة المكتوبة والمنطوقة، وطريقة إثبات الشخصية والبصمة الصوتية.. وتطرق كذلك لعلم أمراض الكلام إذ قدم بعض التطبيقات على معالجة أمراض الكلام وعيوب النطق، أما اللّسانيات العصبية فهي فرع من فروع اللسانيات التطبيقية التي تعنى بدراسة الآليات العصبية في الدماغ البشري التي تتحكم في تفهم وإنتاج واكتساب اللّغة كأحد الحقول المتداخلة، ويستخدم علم اللغويات العصبية طرائق ونظريات من علوم أخرى مثل العلوم العصبية واللغويات وعلم الحاسوب، وأكد على ضرورة التنبيه إلى أنّ الأفكار والصور النمطية المترسخة في أذهاننا عن اللغة ليست كاملة، ولا تعبّر عن الحقيقة بل يوجد إلى جانبها صور وأنماط أخرى، وأفكار علمية هامة لا يمكن أن يستغني عنها أي علم تطبيقي آخر، كما أكد على ضرورة الاهتمام بهذا العلم الذي أفادت من منجزاته العلوم في دول العالم كلها، في حين أننا لم نعطه في بلدنا ـ حتى الآن ـ حقه ومكانته على الساحة اللغوية والإنسانية.

شريك لا غنى عنه
وعبر المحاضر عن رغبته بضرورة العمل على تخصيص حصص لهذا العلم في المناهج الدرسية وفي مختلف مستويات الدراسة، وتحويل مادة اللغة العربية لغير المختصين في الجامعات إلى مادة متخصصة بالفرع الذي يدرسه الطالب، وذلك بتأليف كتاب جامعي خاص بكل فرع، وبهذا يصبح لدينا كتاب علم اللغة الحاسوبي يدرّس في كلية المعلوماتية، وكتاب علم اللغة الفيزيائي، يدرّس في قسم الفيزياء، وكتاب علم اللغة البيولوجي يدرّس في كليات العلوم، وعلم اللغة الرياضي وعلم اللغة القضائي وعلم اللغة الجنائي، وعلم اللغة الكوني وعلم اللغة الأجناسي، وعلم اللغة الطبي أو معالجة أمراض الكلام، وختم الدكتور صلاح الدين حسين مؤكداً أن علم اللغة لم يعد حاجة أو وسيلة وإنما أصبح شريكاً لا غنى عنه في كل فروع المعرفة المادية والإنسانية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
وزير الإعلام: شاشة التلفزيون العربي السوري لاتزال أنموذجاً إعلامياً يحترم عقل المشاهد ويعلي قيمه مجلس الشعب في ذكرى ميسلون .. سورية استطاعت تحقيق انتصارات عظيمة في وجه الحروب والحصارات المتعددة الأشكال سورية تدين اتهام الاحتلال لـ«أونروا» بالإرهاب وتؤكد أنه يأتي ضمن محاولاته لإنهاء دورها وافق على تأمين 5 آلاف طن من بذار البطاطا.. مجلس الوزراء يعتمد الإطار الوطني الناظم لتبسيط إجراءات الخدمات العامة 1092طالباً بالثانوية العامة استفادوا من طلبات الاعتراض على نتائجهم قيمتها ١٥٠ مليون ليرة.. أين ذهبت مولدة كهرباء بلدة «كفربهم».. ولماذا وضعت طي الكتمان رغم تحويل ملفها إلى الرقابة الداخلية؟ الديمقراطيون الأميركيون يسابقون الزمن لتجنب الفوضى.. الطريق لايزال وعراً وهاريس أفضل الحلول المُرّة.. كل السيناريوهات واردة ودعم «إسرائيل» الثابت الوحيد هل هي مصادفة أم أعمال مخطط لها بدقة «عائلة سيمبسون».. توقع مثير للجدل بشأن مستقبل هاريس تطوير روبوتات لإيصال الأدوية عبر التسلل إلى دفاعات الجسم المكتبة الأهلية في قرية الجروية.. منارة ثقافية في ريف طرطوس بمبادرة أهلية