ملف «تشرين».. هل وراء الأكمة ما وراءها.. منظّمات تمنح البذار وخمسة ملايين ليرة لزراعة الكمون.. فهل تمنح بذار القمح أسوة بذلك ؟ !

تشرين- محمد فرحة:
في الوقت الذي تشكل فيه حالة الطوارئ المناخية المتشددة تهديداً لكل الزراعات في العالم، ولسنا بمنأى عن ذلك، تقوم منظمات دولية من باب المساعدات الإنسانية بتقديم الإعانات المادية والمعنوية للمزارعين في مجال ريف حماة الشمالي، كبذار الكمون وخمسة ملايين ليرة لمن يزرع هذا المحصول، وبالتالي العزوف عن زراعة القمح الإستراتيجي هناك رغم أنه مصدر قوة أمننا الغذائي .
في هذه الأثناء تركز فيه الجهات المعنية بالشأن الزراعي على زراعة القمح أولاً وثانياً وعاشراً حتى وإن كان على حساب كل الزراعات الأخرى، وهذا ما تعمل عليه وزارة الزراعة، نرى من يغضّ الطرف عن كل ما يجري على أرض الواقع، بل إن زراعة آلاف الدونمات من الكمون أو “الحبة السوداء” بدعم من منظمة دولية، تعني خروج هذه المساحات من حساب زراعة القمح.
تشير تفاصيل الحكاية، كما رواها لنا عدد من مزارعي بلدات “اللطامنة ولطمين وكفر زيتا”، نذكر منهم المزارع نادر أبو ملهم، إلى أن منظمة دولية تقوم بالتعاون مع فرعها في حماة بتقديم بذار الكمون لـ٢٥٠ مزارعاً وأعطتهم البذار اللازم لزراعة كل دونم يريدون زراعته، ومبلغاً قدره خمسة ملايين ليرة لكل مزارع تم اختياره لزراعة هذا المحصول، أو زراعة “الحبة السودا” أو اليانسون أو الشعير أو العدس ، من دون القمح .، وهذا ما تم تأكيده فعلاً ..
ويتساءل فلاح آخر، ويدعى “أبو محمد”: كيف تم انتقاء هؤلاء المزارعين من دون سواهم ؟
ويضيف آخر بأن هذه المنظمة زارت قرى “اللطامنة ولطمين وكفر زيتا” وسجّلت أسماء المزارعين وأجرت كشوفات منزلية، وخلال أيام سيتم توزيع البذار اللازم .
لاشك في أن أي مساعدة تقدم للمزارعين، عينية كانت أم مادية، هي مكسب ومشكور من يقوم بها ، لكن أن تحمل بين طياتها أهدافاً أخرى ..!
من جانبه ذكر مدير فرع إكثار البذار في حماة المهندس لؤي الحصري: جرت العادة سنوياً أن يشتري منّا الهلال الأحمر كميات من بذار القمح، وذلك عن طريق الإدارة العامة لمؤسسة الإكثار، فحتى الآن لم يحدث ذلك، لكننا نتوقع بكل تأكيد سوف يقومون بذلك في أقرب وقت ممكن. مشيراً إلى أن توجه المزارعين اليوم نحو زراعة النباتات الأكثر ربحاً ودخلاً وأقل تكلفة، مثل الكمون واليانسون، فأسعارهما “ضاربة” ولافتة ، لذلك لا غرابة أن يستحوذ ذلك على اهتمام كبير من المزارعين .
وفي سياق متصل أعلنت وزارة الزراعة أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ومن خلال “السورية للتجارة”، على استعداد لتسويق واستلام محصولي العدس والحمص ليباع ضمن صالاتها ، غير أن السؤال المهم مؤداه: هل تدفع “السورية للتجارة” أسعاراً تحفّز وتشجّع المزارعين لتسليم إنتاجهم من هذه المواد، فطالما كانت أسعار السوق أعلى من أسعار الشراء الحكومي لهذه المواد، لا يمكن لأحد أن يسلّم محصوله لها، ثم هل من مساحات كافية تزرع من هذه المحاصيل ليصار إلى استجرارها ..؟
فجلّ الذين يزرعون مثل هذه المحاصيل لا يتعدى اكتفاءهم الذاتي، فإذا كنّا في زراعة القمح غير فالحين، فكيف في مجال الحمص والعدس؟ نأمل أن تكون كل المواسم خيّرة وتغطّي وتفيض عن حاجة السوق المحلية .
لكن في المقابل أكد مصدر في المنظمة المعنية عن توزيع بذار الكمون أنهم بصدد شراء بذار قمح وتوزيعه على عشر قرى في ريف الغاب، مثل “الجيد والرصيف والعزيزية ونهر البارد” وغيرها .
مشيراً إلى أن زراعة الكمون، جاءت بناء على مطالب المزارعين في القرى المشار إليها، وهي من باب تحسين سبل العيش للمزارعين، زد على ذلك لا توجد لديهم آبار لسقاية المحاصيل الأخرى، حيث تعرضت للسطو والتخريب .
ويبقى السؤال الأهم: ما الدوافع التي دعت إحدى المنظمات لأن تدفع قيمة بذار الكمون لتمنحه للمزارعين، إضافة إلى منحة قدرها ٥ ملايين ليرة، وفقاً لحديث المزارعين والمنظمة ذاتها ؟
فكل الإيحاءات تومئ بأن هناك أشياء أخرى، لأننا نريد لإنتاج القمح أن يملأ صوامعنا ويخفض فاتورة شرائه واستيراده ، وهذا ما يجب التركيز عليه.

 

اقرأ أيضاً:

ملف «تشرين».. العدوان الأميركي – التركي يستهدف لقمة عيش السوريين بتدمير الأراضي الزراعية.. بذار ملغم بـ”قنابل “حيوية”

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار