كيف نميز بين المظهر الحقيقي ونتجنب التظاهر المزيف؟

تشرين- إلهام عثمان:
في عالم يتسارع فيه الإيقاع وتتغير المعايير بوتيرة لا تهدأ، يبقى المظهر عند البعض كالنجم الساطع الذي لا يغيب عن سماء اهتماماتهم اليومية، لكن يراود البعض منا تساؤلاً مهماً.. هل المظهر ضرورة حتمية في نمط حياتنا أم مجرد قناع نختبئ وراءه؟
أبواب الفرص..
غانيه.ح تؤكد في حديثها لـ” تشرين” أنها تعمل في شركة خاصة، وهي ترى أنّ الأناقة والمظهر جزء لا يتجزأ من شخصيتها وعملها اليومي، لكونها على احتكاك مباشر مع العملاء، ويجب أن تكون بشكلها اللائق وابتسامتها الجميلة.
وتضيف: صراحة أنا من الأشخاص الذين يهتمون بأدق تفاصيل مظهري داخل وخارج منزلي.. بل وأعتبر الأناقة هي مرآة أنوثتي، وإلّا.. لا يوجد اختلاف ما بين الرجل والمرأة.

شاماتي: المظهر قد يكون جزءاً من الشخصية الحقيقية التي ترعرعت مع الشخص منذ الصغر

وفي هذا السياق تؤكد د. ميرنا شاماتي خبيرة الاستشارات الأسرية والعلاقات الإنسانية، لـ”تشرين”، أننا نحكم يومياً على آلاف الأشخاص بناءً على مظهرهم، وقد يتسلل القلق إلى نفوسنا عند إدراك أن هذه الأحكام قد تؤثر على حياتهم بطرق لا نتصورها، ولاسيما أنه يصبح المظهر عند بعضهم أداة تؤدي إلى فتح أو إغلاق أبواب الفرص، وتؤكد شاماتي هنا أنّ المظاهر قد تكون عند البعض جزءاً من شخصيتهم الحقيقية التي ترعرعت معهم منذ الصغر في منازلهم، في حين نجد البعض مثل رجال الأعمال، المشاهير، أو حتى الأشخاص العاديين، يبقى المظهر الخارجي لديهم وسيلة فعّالة لإظهار الذات والتفاعل مع الآخرين.

ثنائية الأدوار
لكن عند تناولنا للاختلاف في الاهتمام بالمظهر بين الرجل والمرأة، نجد أنَّ هناك فجوة تثير الفضول وفق رأي شاماتي، ففي حين نجد أن بعض النساء تلتزمن بمعايير جمالية صارمة، بينما ينظر إلى الرجال غالباً على أنهم يأخذون مظهرهم بخفة، وتضيف: هذا سابقاً .. أما الآن، فنلاحظ أن بعض الرجال بدؤوا الاهتمام بمظهرهم بشكل متزايد، بل أصبحت وسيلة لجذب مجموعة من المعجبين “الفانز” على شبكات التواصل الاجتماعي بهدف الشهرة والربح السريع، لذا نجد أن “المظاهر الخارجية قد تكون سيفاً ذا حدين، فهي تمنح الشخص الثقة والقبول الاجتماعي، لكن إذا أصبحت هوساً، فقد تؤدي إلى مشكلات نفسية واجتماعيةً.

المظهر والتظاهر
اختيار الملابس بعناية، والاهتمام بتصفيفة الشعر، والإكسسوارات المناسبة، كلها عناصر تعكس جزءاً من هويتنا وشخصيتنا ومع ذلك، يقبع التظاهر كالنقيض للمظهر الصادق، حيث يسعى الشخص لإظهار ما هو ليس عليه في الحقيقة بغية تحقيق مكاسب آنية.

المظهر والصدق
كما أشارت شاماتي إلى أنّ المظهر في جوهره، هو الانعكاس الخارجي لما نحن عليه حقاً، ولاسيما أنه الطريقة التي نختارها لإظهار أنفسنا وتقديمها للعالم، فنقدمها بفخر وثقة من دون تزييف، لتشمل هذه الصورة الخارجية، الملابس وما تعكسه عن ذوقنا وشخصيتنا فتظهر اهتمامنا بالتفاصيل الدقيقة والنظافة، كذلك العناية الشخصية، ونقصد هنا النظافة الشخصية والاهتمام بالتفاصيل البسيطة مثل تصفيفة الشعر والعناية بالبشرة، أو من خلال للغة الجسد، والتي نعبّر بها من خلال الوقوف، الجلوس، والنظرات التي ترسل إشارات غير لفظية هامة.

التظاهر هو النقيض للمظهر الصادق حيث يسعى الشخص لإظهار ما هو ليس عليه في الحقيقة بغية تحقيق مكاسب آنية

التظاهر والاحتيال
على الجانب الآخر- ووفق رأي شاماتي- نجد أنّ التظاهر هو محاولة استعراضية لإقناع الآخرين بحقيقة مزيفة، فالشخص الذي يتظاهر قد يرتدي ملابس باهظة الثمن، ويستعرض نمط حياة لا يمتلكها، ويخفي مشاعره الحقيقية لتحقيق أهداف مادية أو اجتماعية، لذا نرى التظاهر هو خداع لا يظهر حقيقة الشخص بل يغطيها بقناع جذاب، ولكون المرأة تتمتع بالغيرة الفاضحة تجاه جنسها، بغية التباهي ولفت النظر، لذا فالمظاهر الخارجية ليست دائماً تعبيراً عن الواقع، لذلك على الشخص أن يمتلك الوعي والفهم، لتمييز بين المظاهر الخارجية الخداعة والمظاهر الصادقة، حتى لا يستسيغها أصحاب (توصيف الـ Show-off).
الفروق الدقيقة
وهنا أوضحت شاماتي الفروق بين المظهر والتظاهر، لتقول: يكون الغرض من المظهر عند بعض الأشخاص (التعزيز الثقة بالنفس وإظهار حقيقة شخصية)، والنية: تكون صادقة وتعكس الواقع، للوصول بذلك للنتائج المطلوبة وهي القبول الاجتماعي والحقيقي والمبني على الذات الفعلية.

التظاهر هو خداع لا يظهر حقيقة الشخص بل يغطيها بقناع جذاب

في حين يكون الغرض من التظاهر، تحقيق مكاسب محددة أو إقناع الآخرين بحقيقة غير موجودة، وتكون النية خداع وإخفاء الواقع للوصول لنتائج معينة وهي قبول زائف ومكاسب مؤقتة قد تؤدي إلى كشف الحقيقة لاحقاً.

التوازن والثقة
لذا لا بدّ من التوازن في حياتنا اليومية، حسب رأي شاماتي، إلّا أن المظهر يمكن أن يكشف عن الكثير من شخصيتنا، بدءاً من الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة، وصولاً للثقة بالنفس، لتوضح أنّ المظهر ينقل الصدق، بينما يعبر التظاهر عن الاحتيال، في سياق مختلف، يمكن أن يكون للمظهر تأثيرًا متباينًا حسب الثقافة والمعايير الاجتماعية المحيطة، وتضيف: ما يعتبر لافتاً في ثقافة معينة، قد يبدو غريباً في مجتمع آخر.

الاختيار الصحيح
وفي السياق ذاته تشير شاماتي إلى أنه لابدّ من التوازن بين الصدق في المظهر وتجنب فخ التظاهر، إذ إنه يجعل الإنسان يبرز بشخصيته الحقيقية وفي دائرة الضوء، لذا علينا أن نمثل ذواتنا بأصدق الطرق، متجنبين القناع المزيف الذي قد ينهار في أي لحظة، والتركيز على المظهر من دون الانزلاق نحو التظاهر، لنحصل على القوة والثقة ونعيش حياتنا بصدق وإخلاص، وبهذا الشكل، نعيش بتوازن من دون الانزلاق في مسارات مزيفة لنصل إلى قلوب الآخرين بثقة ووضوح.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار