ملف «تشرين».. لا بذار قمح مهرّبة في المناطق الآمنة.. مدير “إكثار البذار” ينفي الخلل ويؤكّد تأمين الاحتياجات كاملة من بذار القمح والشعير بالأسعار المدعومة

تشرين – رحاب الإبراهيم:
ضجّت “الدنيا” منذ سنوات بأنباء حول تضرّر مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في منطقة الجزيرة، بفعل زراعتها ببذار مهرّبة ذات منشأ أمريكي – حسب ما ذُكر وقتها، في استكمال للحرب الاقتصادية التي تستهدف السوريين في لقمة عيشهم، لكن السؤال المطروح هنا: هل ينسحب ذلك على الأراضي الزراعية الواقعة في المناطق الآمنة بعد دخول التجّار والمهربين على خط بيع البذار المهرّبة بأسعار مخفّضة، مستغلّين ضيق حال الفلاحين في ظل ارتفاع مستلزمات الإنتاج، ما يجبر بعضهم على شراء هذه البذار من دون معرفة تداعياتها السلبية على جودة المحصول وإنتاجيته، والأخطر تسبّبها في أذية الأرض أيضاً؟.

المؤسسة وفرت 69 ألف طن من بذار القمح للفلاحين

“تشرين” توجهت إلى مؤسسة إكثار البذار، المسؤولة عن توزيع البذار للفلاحين، وخاصة للمحاصيل الاستراتيجية كالقمح، لمعرفة الكميات الموزعة والاحتياج الكلّي وآلية توزيع البذار المنتجة على الفلاحين، بغية قطع الطريق على توزيع البذار المهرّبة، لينفي مديرها المهندس وائل الطويل بداية توزيع بذار قمح مهرّبة على الفلاحين، حيث أكد أن المؤسسة تؤمّن كامل احتياج القطر من القمح والشعير بالأسعار المدعومة، سواء عبر مراكزها أو من خلال المصارف الزراعية، لتتولّى الوحدات الإرشادية التابعة لمديريات الزراعة في المحافظات متابعة زراعة الفلاحين لأراضيهم بالبذار المدعومة، علماً أن الفلاحين يملكون الوعي الكامل الذي يمنعهم من شراء بذار مهرّبة، لمعرفتهم بضررها الكبير على أراضيهم، إضافة إلى ثقتهم بالبذار الموزّعة من قبل مؤسسات الدولة بسعرها المدعوم، وبالتالي فإن الكلام عن أن المؤسسة لا توزّع البذار على الفلاحين غير صحيح بالمطلق، فالأراضي الواقعة ضمن المناطق الآمنة لا تزرع إلا ببذار القمح السوري المراقب والمتمتع بأفضل المواصفات لناحية الجودة والإنتاجية العالية، باستثناء المناطق الواقعة خارج السيطرة في الجزيرة، ومنها الحسكة، فمقرّ المؤسسة ومراكزها ومخابرها تحت سيطرة الميليشيات الانفصالية “قسد”، وبالتالي لا يمكن بأي حال من الأحوال توزيع البذار في تلك المناطق.
المهرّب خلال فترة الحرب على سورية
ولفت الطويل إلى أن توزيع البذار المهربة، قد يكون حصل خلال سنوات الحرب، حيث ترك تضرّر مؤسسة إكثار البذار الكبير بمقراتها ومخابرها ومراكزها بفعل الحرب الإرهابية التي استهدفتها بشكل مباشر فراغاً كبيراً، وخاصة أنها كانت تنتج بذاراً محلية عالية الجودة قبل الحرب، لكن اليوم تغيّر ذلك بعد استرجاع المؤسسة دورها الاقتصادي والإنتاجي السابق، مؤكداً أن المؤسسة نفذت الخطة الزراعية الموضوعة لأهم المحاصيل الاستراتيجية، حيث بلغ الإنتاج المخطط لبذار القمح 70 ألف طن في المناطق الآمنة، وفّرت المؤسسة منها 69 ألف طن، بنسبة تنفيذ 99%، وقد بدأت منذ مدة بتوزيع بذار القمح للفلاحين بالسعر المدعوم لزوم تنفيذ خطة زراعة هذا المحصول للعام الحالي، حيث وُزع لتاريخه 5300 طن من البذار المغربل والمعقّم المتمتّع بأفضل المواصفات من حيث الجودة والإنتاجية العالية، إضافة إلى وجود كمية 40 ألف طن من بذار القمح المغربل والمعقم والجاهز للتوزيع لتاريخه.
وبيّن الطويل، أن المؤسسة نفذت أعمال الصيانة لوحدات الغربلة، بعد وضع خطة لإنجاز عمليات الصيانة المطلوبة قبل الإقلاع بعمليات إعداد البذار في المواعيد المناسبة، وإنتاج بذار مغربلة معقمة متمتعة بأفضل المواصفات. لافتاً إلى توفير كمية 4681 طن بذار من الشعير المغربلة والمعقمة المتمتعة بأفضل المواصفات من حيث الجودة والإنتاجية العالية، بنسبة تنفيذ 80%، إذ يوزع كمية 12 طناً لتاريخه علماً أن التوزيع مستمر حالياً.
ولفت الطويل إلى استلام بذار القطن المحبوب، إذ تبلغ حاجة تنفيذ الخطة الزراعية لهذا المحصول للعام الحالي 800 طن.
وبالمقابل أشار الطويل إلى تأمين حاجة المؤسسة من مستلزمات الإنتاج ” أكياس خيش لتعبئة البذار الخام وأكياس بولي برويلين لتعبئة البذار المغربلة والمعقمة ومعمقات البذار” للموسم الحالي.
قوائم محددة

نسأل مدير عام المؤسسة العامة لإكثار البذار أيضاً عن تعاون المؤسسة مع المنظمات الدولية، وكيفية قبول المعونات منها لمنحها للفلاحين، ليؤكد أن المنظمات الدولية لا تقدم للمؤسسة بذاراً كمنح أو معونات، وإنما تشتري البذار من المؤسسة لتقديمها بدورها للفلاحين، وذلك بموجب اتفاقيات تعاون مع وزارة الزراعة وهيئة التعاون والتخطيط الدولي، وبعد شراء هذه المنظمات الدولية البذار، تتولّى مديريات الزراعة في المحافظات آليات التوزيع والزراعة من قبل الفلاحين، الذين تكون أسماؤهم مسجلة ضمن قوائم محددة في مديريات الزراعة.
وبيّن مدير عام إكثار البذار تبنّي المؤسسة منهجية؛ تقوم على انتخاب المزارعين والعمل معهم لإنتاج بذار خاص بالتصدير لإيجاد روافد مالية للمؤسسة أيضاً.

إنتاج بذار بطاطا منافسة للمستوردة في السعر والجودة

وكانت “تشرين” جالت على المراكز والمخابر المعنية بمراقبة وتحليل وتعقيم وغربلة وإنتاج البذار المحلية، والبيوت الزجاجية التي تزرع فيها البذار والشتول، حيث لحظنا أن مخابر المؤسسة لا تراقب وتحلل البذار المحلية المراد توزيعها على الفلاحين فقط، وإنما توجد عينات، أحضرها القطاع الخاص لتحليلها بغية التأكد من جودة البذار قبل زراعتها، إذ تبذل الكوادر المختصة جهوداً كبيرة لفحص البذار، وخاصة القمح والشعير والحبوب الأخرى بعد أخذ عينات عشوائية، بغية إجراء التحاليل اللازمة مع عمليات التعقيم والغربلة لتكون النتائج دقيقة، والتأكد بصورة واضحة من جودة البذار وإنتاجيتها العالية. وبالمقابل اطلعنا على عمليات إنتاج البذار والشتول، وتحديداً البطاطا في البيوت الزجاجية، ما يدلّل على أن المؤسسة العامة لإكثار البذار، بدأت بالعودة إلى نشاطها المعهود بعد الضرر الكبير الذي لحق بها من جراء الحرب الإرهابية.

شتول منافسة
منذ سنوات، أُطلق المشروع الوطني لإنتاج بذار البطاطا، بغية تخفيف استيرادها وتقليل تكلفتها، والأهم الاعتماد على الذات، وقد اطلعت “تشرين” على مراحل زراعة بذار البطاطا وشتولها في أحد البيوت الزجاجية، وهنا يؤكد مدير عام المؤسسة العامة لإكثار البذار، أن المؤسسة من خلال المشروع الوطني لإنتاج بذار البطاطا خلال موسم 2023 وفّرت 695.9 طناً من بذار البطاطا مرتبة “إيليت” من الأصناف ذات الإنتاجية العالية والمرغوبة من قبل المزارعين، وُزعت بالكامل بسبب إنتاجيتها العالية، علماً أن أسعارها كانت مناسبة للمزارعين ومنافسة بشكل كبير لأسعار البذار المستوردة.

تجديد بنك وراثي لكل أصناف البطاطا

وأشار الطويل إلى استلام كمية 50103 أطنان ناتج البيوت الشبكية مرتبة “سوبر إيليت”، ويتم التعاقد عليها لزراعتها في الحقول المفتوحة في الموسم القادم، مؤكداً أن المؤسسة تقوم بجميع التجهيزات اللازمة لتنفيذ الخطة الإنتاجية للموسم القادم 2024 ضمن المشروع الوطني لإنتاج بذار البطاطا بكل مراحله “المخبرية والبيوت الزجاجية والبيوت الشبكية والحقول المفتوحة”، ففي المرحلة المخبرية أنتج حوالي 160 ألف شتلة مخبرية لزراعتها في البيوت الزجاجية، في كل من طرطوس وحلب والليرمون، كما تجري عملية تجديد البنك الوراثي لكل أصناف البطاطا.
وأضاف الطويل: إن بذور البطاطا تزرع في مرحلة البيوت الزجاجية في كل من حلب وطرطوس والليرمون لإنتاج أمهات بذار البطاطا، أما مرحلة البيوت الشبكية ستتم زراعة 878 بيتاً شبكياً في عدة محافظات، إضافة إلى مرحلة الحقول المفتوحة، إذ يتم البحث عن مواقع جديدة لزراعة مساحة 1100 دونم حقول مفتوحة في عدة محافظات.
وأشار الطويل إلى أنه بالإضافة لإنتاج بذور البطاطا، تقوم المؤسسة بإجراءات استيراد بذار البطاطا الأجنبية للفلاحين المكتتبين من الأصناف المرغوبة والمتمتعة بالإنتاجية العالية والملائمة لظروف الإنتاج في القطر، حيث بيعت البذار للفلاحين بأسعار تشجيعية قريبة من أسعار التكلفة وبلغت كمية الاكتتاب 5000 طن.
وفيما يخص المشروع الوطني لإنتاج بذار الفطر أكد الطويل أن المؤسسة أنتجت 1505 ليترات بنوعيه الأبيض والمحاري حتى تاريخه.

ت – صهيب عمراية

 

اقرأ أيضاً:

ملف «تشرين».. هل وراء الأكمة ما وراءها.. منظّمات تمنح البذار وخمسة ملايين ليرة لزراعة الكمون.. فهل تمنح بذار القمح أسوة بذلك ؟ !

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار