النفايات الطبية قنبلة موقوتة تهدّد الصحة والبيئة ١٢٥٠ كيلو نفايات طبية في طرطوس ترحّل إلى معمل البصّة باللاذقية يومياً
تشرين – نورما الشيباني:
كانت النفايات الطبية الناتجة عن المشافي العامة والخاصة والمراكز الصحية والعيادات، ولاتزال خطراً حقيقياً يحدق بالجميع، وعلى الرغم من الجهود المبذولة لمواجهة هذا الخطر، يبدو جليّاً أن الواقع يتطلّب جهوداً أكبر ووعياً جمعياً متعاوناً.
نفايات طبية متسرّبة
المواطن محسن محمد، ذكر وجود نفايات طبية متسرّبة مع النفايات المنزلية، ناتجة من المراكز الصحية والمشافي والمنازل، كالإبر وأكياس الدم وقطع الشاش الملوثة والأدوية منتهية الصلاحية، وعلى الجميع تحمّل المسؤولية، خاصة أن ظاهرة نبش القمامة متفشّية، وهذا ما يمثل كارثة صحية وبيئية.
ضبط النفايات الطبية المسرّبة من المنازل والعيادات الخاصة.. لما لها من انعكاسات خطيرة
وأشارت المواطنة رباب العلي إلى أن البيئة المحيطة ملوثة بالنفايات الطبية التي تُشاهد مرمية في العراء أمام المشافي وعلى الأرصفة وحاويات القمامة، وهذا يلحق ضرراً كبيراً بالبيئة ويسبب انتشار الأمراض.
إجراءات مديرية الصحة
مدير الصحة في طرطوس، الدكتور أحمد عمار بيّن
لـ “تشرين “، أنه يتم تجميع النفايات الطبية الناتجة عن المشافي العامة والخاصة والمراكز الصحية العامة بعد أن يتم فرز هذه النفايات عن النفايات العادية، ووضعها ضمن حاويات خاصة وبأكياس ذات ألوان مختلفة عن أكياس النفايات العادية، وفق نظام الرعاية الصحية لعام/ ٢٠١٠ / وقانون نظافة وجمالية الوحدات الإدارية رقم /٤٩/ لعام /٢٠٠٤/ وجمعها ضمن موقع في المنشأة الطبية، تتوافر فيه السلامة والأمان وسهولة الوصول إليه من قبل المسؤولين عن جمع النفايات وآليات النقل.
تُنقل إلى معمل البصة
وأضاف عمار: إن هذه النفايات المفرزة، يتم نقلها بشكل آمن عبر السيارة المخصصة من مجلس مدينة طرطوس إلى معمل البصة في اللاذقية من أجل التخلص الآمن صحياً وبيئياً من نواتج عملية معالجة النفايات بـ”الأوتوغليف” وطمر نواتج المعالجة بمدافن مؤهّلة هندسياً وبيئياً وفنياً، عملاً بالمادة /٢٥/ من قانون النظافة /٤٩/، كما يتم تزويد مديرية الصحة بكمية النفايات الطبية الشهرية الناتجة والمرسلة للمعالجة في المحطة.
وأشار عمار إلى أن مديرية الصحة، أقامت عدة ورشات عمل لتدريب عناصر جميع المشافي العامة والخاصة والهيئات على الطريقة الصحيحة لفرز النفايات الطبية، وتم إنجاز جميع الخطوات.
دور توعوي رقابي للبيئة
من جانبه أوضح مدير البيئة في طرطوس الدكتور محمد صالح، أن الكثيرين من نشطاء البيئة، بالتعاون مع مديرية البيئة، سعوا لتوضيح المخاطر التي تسبّبها المخلفات الطبية ونشر الوعي البيئي، عن طريق الندوات وورشات العمل والإعلام، إلا أن المشهد يتكرر بسبب سلبية المتلقّين من جهة وجشع البعض ومتاجرتهم بالمخلفات الطبية التي يعدّها الكثيرون باباً مربحاً للرزق من جهة أخرى. وتتركز المعاناة في عدم استجابة المواطنين وتغيير سلوكهم، حيث توجد نفايات طبية ناتجة عن المنازل مثل “السيرنكات” والأدوية وغيرها، ترمى مع النفايات المنزلية، وهناك حاجة إلى إجراءات حازمة لتطبيق قانون النظافة /٤٩/ وضبط المخالفين.
نفايات مسرّبة
وأكد صالح وجود خطة بالتعاون مع مديرية الصحة، لضبط هذا الموضوع ومعرفة الكميات المسرّبة والكميات المرحّلة ضمن الأصول والتخطيط للآلية المناسبة مع المعنيين، وتقوم مديرية البيئة بجولات ووضع كشوف واقتراحات وترسلها إلى الجهات المعنية، و أكثر ما يعوق العمل هو ضعف الإمكانات. حيث هناك حاجة إلى إعادة تنظيم وتجميع وفرز هذه المواد في مركز واحد، يتم منه ترحيلها إلى محطة البصّة.
بعد معالجتها تصبح غير ضارّة بالبيئة
مضيفاً: نحن بحاجة إلى آلية لكيفية نقلها من العيادات الخاصة والمخابر إلى المركز بعد تجميعها وتسليمها بالوزن.
ونوه بأن بعض النفايات الطبية، يتسرّب إلى النفايات المنزلية والصلبة ويؤخذ إلى وادي الهدّة، علماً أن النفايات الطبية لا تجمع من كل العيادات الخاصة والمخابر.
تكلفة المعالجة مأجورة
مدير النفايات الصلبة المهندس وسام عيسى، أوضح أن النفايات الطبية للمشافي العامة والخاصة والمستوصفات وبنك الدم، يتم فرزها في كل مشفى ومركز عن النفايات العادية، وهناك لجنة من المحافظة، تضم ممثلين عن الصحة والبيئة والنفايات الصلبة، مهمتها مراقبة الفرز والتأكد من سلامته وتقوم مديرية النفايات الصلبة بالتنسيق مع مديرية الصحة بنقل النفايات الطبية بسيارة مخصصة لها يومياً من المركز إلى محطة المعالجة في البصّة.
وأضاف عيسى :إن تكلفة المعالجة مأجورة ويتم وزن النفايات لكل مشفى وفتح سجلات خاصة بذلك، أما فيما يخص العيادات الخاصة والمخابر، فعلى كل عيادة أو مخبر فرز النفايات الناتجة عن عمله وإيصالها إلى أقرب مركز طبي أو مشفى.
عدم تسرّبها لشبكة الصرف الصحي
من جانبها، بيّنت مسؤولة النفايات الطبية في مشفى التوليد بمحافظة طرطوس كوكب شنتة، أنه يتم فرز النفايات الطبية في المشفى لوزنها وترحيلها، وأن النفايات الطبية عبارة عن أنابيب- قوارير-قفازات- قثطرة بولية فارغة -كيس دم فارغ -وكيس سيروم فارغ- وضمادات- وأجهزة تسريب السوائل، إضافة إلى الشاش والقطن والقبعة والمناديل الملوثة بأنسجة بشرية، وهذه النفايات يتم وضعها ضمن أكياس صفراء وتوضع النفايات العادية ضمن أكياس سوداء، كما أكدت على عدم تسريب الدم أو السوائل الناتجة في شبكة الصرف الصحي.
١٢٥٠ كيلو يومياً
مدير محطة معالجة النفايات الطبية لمحافظتي طرطوس واللاذقية عبد الرحمن ريس المينا، أفاد بأن كمية النفايات الطبية التي تصل إلى محطة المعالجة يومياً، تصل إلى ١٢٥٠ كيلو غراماً، مهمة المحطة هي تعقيم ومعالجة النفايات الطبية المتولدة من المشافي العامة والخاصة والمستوصفات والمراكز الصحية والصيدليات والمخابر وعيادات الطب البشري.
وأوضح أن استطاعة المحطة لمعالجة النفايات في الدورة الواحدة هي /٨٠٠/ كغ وجهاز التعقيم “الأوتوغليف” يتسّع لأربع حاويات سعة /٢٠٠/ كغ، أي إن المحطة إذا تم تشغيلها على خمس دورات في اليوم ستعالج ٤ أطنان يومياً بزمن دورة ٤٥ دقيقة.
المعالجة تجعلها غير ضارة
وبيّن ريّس المينا، أن طريقة معالجة جهاز التعقيم “أوتوغليف” تعتمد على مبدأ الحرارة والضغط، حيث تصل الحرارة داخل جهاز التعقيم إلى ١٤٠ درجة مئوية وضغط /٣ بار/ وبذلك ستموت جميع الميكروبات والجراثيم والفطريات والطفيليات، وتصبح غير نشطة، وذلك حسب دراسات ومواصفات عالمية للصحة، وأن طريقة التعقيم هي أحدث طريقة مثبتة وفعالة حتى الآن مع النفايات الطبية، وبعد المعالجة تصبح النفايات الطبية غير ضارة بالبيئة وتنقل إلى المطمر الصحي.
أخيراً
خطر النفايات الطبية، يتطلّب تكثيف الجهود من كافة الجهات المعنية لنشر ثقافة الوعي البيئي والصحي لدى جميع المواطنين و توعيتهم بأضرارها و مخاطرها، كما يتطلب تطبيقاً حازماً للقانون /٤٩/ وإلزام كافة العيادات والمخابر الخاصة به، حتى يتم حصر وإيقاف تسريب النفايات الطبية مع النفايات المنزلية، والحدّ من التلوث البيئي والتقليل من انتشار الأمراض والأوبئة.