يقرّ المدخنون بالضرر ويستمرون.. دراسة ميدانية على مدى ثلاث سنوات ترصد الواقع

تشرين – أيمن فلحوط:
يقرّ المدخنون في الغالب بالضرر الذي يلحقونه بأنفسهم، ويوضح الكثيرون أنهم لا يستمتعون به ومع ذلك يستمرون، والسبب أن النيكوتين الموجود يولّد حوافز قوية للتدخين، تطغى على المخاوف بشأن العواقب السلبية له، وعلى العزم على عدم التدخين في أولئك الذين يحاولون الإقلاع عنه.
ثلاث سنوات من الجدّ والتعب وسهر الليالي، تتطلب الوقت لإنجاز مشروع التخرج للطلبة: إيلاف الطعمة، رغد دركل، غياث كربوج، الذين أصبحوا أطباء بعد مناقشتهم مشروعهم بعنوان “انتشار استخدام التبغ بين طلاب جامعة الشام الخاصة”.
يخلص الاستبيان في هذه الدراسة إلى ارتباط مشكلة استخدام التبغ بين طلاب الجامعة بالعديد من العوامل الديموغرافية والشخصية والنفسية، وتوصي بأهمية إدخال برامج التوعية الصحية حول مخاطر استخدام التبغ في مناهج التعليم.
عمل ميداني
في حديثهم لـ”تشرين” عن الاستبيان، بيّن كل من د. إيلاف طعمة، د. رغد دركل، د. غياث كربوج، أنهم اعتمدوا على مراجع عالمية مهمة، وكان حجم العينة المستخدمة 354 طالباً؛ منهم 200 من الذكور بنسبة 56.5%، و154 من الإناث بنسبة 43.5%، وتراوحت الأعمار بين ما 22 سنة وأدنى وأكثر، أما الحالة الاجتماعية؛ فكان 294 من العازبين من الجنسين، و37 مرتبطاً، و7 (متزوجين)، و16 مرتبطاً سابقاً، بينما كانت الحالة الاقتصادية؛ لـ 55 ممتازة و247 وسطاً و45 لا بأس و7 سيئة، و301 يقطنون مع العائلة، و28 في السكن الطلابي، و19 فردياً، و6 غير ذلك، وعلى صعيد العمل؛ 262 من العينة لا يعملون، و39 يعملون بشكل دائم، و53 أثناء العطل فقط، أما المدخنون في العينة؛ فكانوا 122 من الذكور، و49 من الإناث، و غير مدخنين 68 من الذكور و102 من الإناث، و(مدخن سابق) 10 من الذكور و3 من الإناث، والنسبة الأكبر من المدخنين كانت من طلاب كلية الطب 55.
وأرجع المشاركون في الاستبيان أسباب البدء بالتدخين لأسباب نفسية 24 طالباً، واجتماعية 19، وضغط الدراسة 40، وأصدقاء مدخنين 99، وعائلة مدخنة 45 طالباً.
في حين بلغ متوسط الإنفاق الشهري بين المدخنين 140 ألفاً، وفي الحد الأدنى 7000 ليرة، والأعلى 600 ألف ليرة.
دافع البحث
الدافع الأساسي للبحث، كان حسب ما أشار إليه منظمو الاستبيان، هو ملاحظتهم أن أغلب الطلاب من المدخنين، ونظراً لتأثير ذلك على الصحة، كانت الرغبة لديهم لمعرفة نسبة انتشار التبغ بين طلاب جامعتهم، من أجل تحديد حجم المشكلة، ولكي تتمكن الجهات المعنية من وضع الخطط المستقبلية للحدّ من انتشار التدخين.

48 % معدل انتشار التدخين بالعينة المأخوذة.. والنتيجة عامل رئيس للعديد من الأمراض المزمنة

تم جمع البيانات بعد توزيع الاستبيان على 354 مشاركاً من جميع السنوات الدراسية في كليات (الطب البشري – الصيدلة – هندسة المعلوماتية – العلاقات الدولية والدبلوماسية)، و أظهرت النتائج أنه من بين 354 مشاركاً كان 171 طالباً مدخناً، بمعدل انتشار 48 %، منهم 34% عند الذكور، مقارنة بـ14% عند الإناث، كما أن 25.15 بدؤوا التدخين في عمر 18 عاماً.
عامل رئيس للعديد من الأمراض
يضيف منظمو الاستبيان: تتمحور مشكلة البحث حول التدخين، كونه عاملاً رئيساً للعديد من الأمراض المزمنة، وهو من أهم المشكلات الصحية العامة المتنامية في العالم، وتهدف هذه الدراسة إلى تحديد نسبة انتشار استخدام التبغ، والعوامل المرتبطة بين طلاب جامعة الشام الخاصة (كتلة التل) ضمن الكليات المذكورة، وهذه هي الغاية والأهداف المتعلقة بهذا البحث.
الميول النفسية الحقيقية
المشرفة على البحث، وعضو الهيئة التدريسية في الكليات الطبية في جامعة الشام الخاصة الاختصاصية في الصحة النفسية الدكتورة غنى نجاتي، أوضحت أن مشروع تخرج الأطباء رغد وإيلاف وغياث، كان من اقتراحهم، بالرغم من ترددهم، لخشيتهم من عدم الحصول على نسب إحصائية، لكنني ساعدتهم في جمع العينات، مع العلم أن هذا العمل لم يكن وليد شهر أو شهرين، بل احتاج ثلاث سنوات من التعب والجد منهم لإنجازه.

د.نجاتي: الحالة شكلت فضولاً علمياً للتعرف على الميول النفسية الحقيقية

وأضافت نجاتي: ما دفعني لتشجيعهم أن كل الناس تدرك مضار التدخين، لكنهم يصرون عليه، ما شكّل عندي فضولاً علمياً للتعرف على الميول النفسية الحقيقية، فالقصة ليست قصة ارتباط وتعلق وإدمان، وباعتقادي هي أعمق من ذلك، فكنا عند كل فرد من العينة نجري المقابلة معه أو معها، وبعدها نقدم الاستبيان الذي أعد لذلك ورقياً، ثم أدخلناه إلكترونياً، أي إن حجم العمل كان كبيراً جداً.
وبيّنت أن السؤال المتكرر دائماً كان ” هل تدخن”؟، فكان الجواب غالباً: لا، أنا “أنفّخ”، مع إنه بمجرد وضع السيجارة في الفم أو استخدام النرجيلة أو السيجارة الإلكترونية، سيتم امتصاص النيكوتين من قبل الأغشية المخاطية في الخلايا اللعابية، الموجودة بالفم، وتالياً تدخل النيكوتين للجسم.

لافتة إلى أن النقطة الثانية التي تم التركيز عليها، تتعلق بعدد من المشاركين بالاستبيان، يعتبرون أن النرجيلة ليست من أنواع التدخين، مع أن مضارها أكبر، أيضاً هناك من يرى أن السيجارة الإلكترونية والنرجيلة الإلكترونية أقل ضرراً من النرجيلة التي يتم فيها استخدام الفحم، متناسين ضررها وموادها الأسوأ التي تحتوي على القطران السامة، وقد تم الحرص على إيصال ذلك للطلبة ولهذا الجيل، من خلال التأكيد على: “أنت حين تنفخ تنفيخ” أنت مدخن فلا تقول لا أدخن إنما استخدم النرجيلة، وسيبقيك هذا الأمر مدخناً، فالنرجيلة الإلكترونية والسيجارة الإلكترونية لا تقلان ضرراً عن السيجارة والنرجيلة العادية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار