استعراض أجوف وسباق مسافات لاتنتهي..الأنشطة والنوادي الصيفية تلاحق الطلاب شتاءً وترهقهم

تشرين- سراب علي:

لم تنتهِ أنشطة الصيف التي يمارسها الأطفال واليافعون مع قدوم المدارس، بل أصبحت متابعتها أمراً يتباهى به الأهالي، لعرض مقدرات أبنائهم التي يعتقدون أنها خارقة، مقابل ما تشكله من إرهاق وتعب على الأبناء، مبررين ذلك بأنه يجب استثمار ذكاء أبنائهم منذ الصغر انطلاقاً من أن “العلم في الصغر كالنقش على الحجر”.

لا ألعب مع ألعابي وأصدقائي

لا تزال دورات اللغة الإنكليزية والموسيقا والرسم ونادي الجمباز و “الكيغ بوكسينغ” يرافقون الطفلين آلاء ومحمد عبود، بالإضافة لدوامهما المدرسي الصباحي و المسائي، ليؤكد محمد أنه  اعتاد على هذا الواقع الذي بدأه منذ ثلاث سنوات واعتاد أن يكون وقته مشغولاً دائماً، ففي البداية كان يشعر بالتعب والملل والضجر وخاصة مع الدّوام المدرسيّ، حيث تزداد الواجبات المدرسيّة، مشيراً إلى أنه طلب عدة مرات من والدته تأجيل تلك النشاطات للصيف و لكنها كانت ترفض بحجة أن عدم استمراري بهذه النشاطات وانقطاعك و لو شهر عنها سيعيدني إلى نقطة البداية ولن أستفيد منها بل ستبقى تراوح المكان كل صيف.

اختصاصية اجتماعية: ضرورة إيجاد التوافق الفعال بين دور النوادي في تقوية الطفل ودفعه للتعلم والاستكشاف وبين الواجب المدرسي

وتضيف شقيقته آلاء: أنها تشعر بالتعب مرات كثيرة ولا تجد وقتاً للعب مع أصدقائها أو ألعابها كما يفعل الأطفال الآخرون .

من جانبها، بيّنت والدتهما صفاء التي تعمل خياطة أنها لاحظت أن لدى آلاء ومحمد مقدرات وطاقة لا بد من العمل عليها منذ الصغر ليحققا النجاحات في المستقبل، وأضافت: أشعر بالجهد الذي يبذلانه و التعب والإرهاق الذي يشعران به ولكن هذا سيثمر لاحقاً نجاحات وبطولات، ولا تنكر أنهما يتأففان أحياناً ويختلقان الأعذار لغيابهما عن أيام التدريب لأي نشاط و لكنها تصر عليهما وتشجعهما دائماً، و هذا أفضل لهما من  اللعب على الجوال ومشاهدة التلفاز كما تقول .

متعب أنا لكن مضطر

كما يعيش ذات الحالة العديد من اليافعين ومنهم  عمار ذو الثلاثة عشر عاماً، حيث يتابع معهد اللغة الإنكليزية والسباحة الشتوية والحساب الذهني بالإضافة لمدرسته، ويشير عمار الى أن لديه يوماً واحداً استراحة من النشاطات هو يوم الجمعة، حيث يستمر بنشاطاته يوم السبت و باقي أيام الأسبوع، مؤكداً أنه يشعر بالتعب أحياناً كثيرة ولكن مضطر  لمتابعة تلك النشاطات بسبب إصرار والديه وتشجيعهم له.

بدورها، لفتت والدة عمار إلى ذكاء ابنها الذي يجب أن تستثمره وتنمي مواهبه دائماً ، مضيفةً: أشجعه وأثني على ما يقوم به لكيلا يضجر أو يمل، وهذا يبعده عن  ألعاب الأجهزة الذكية و لا يكون لديه المجال للتفكير بها.

دافع للاستقرار النفسي
وأمام هذا الواقع المتعب للكثير من الأبناء والممتع للأهل، تؤكد الباحثة في القضايا التربوية والاجتماعية  الدكتورة سلوى شعبان في حديثها ل(تشرين) أن اهتمام الأهل بأطفالهم يعتبر من الحالات الضرورية والصحية والإيجابية والمهمة لبناء شخصية الطفل وتعزيز ثقته بنفسه من ممارسة للهوايات والأنشطة المختلفة، كما أن مشاركته هذه الأنشطة يوطد ويعمق العلاقة القائمة بين الأبوين والطفل وينعكس لاحقاً على نواحي حياته كلها.

وأشارت إلى أن هناك صورة اجتماعية طبيعية مميزة ومشاهدة بمتابعة الأهل لأطفالهم بممارسة هذه الأنشطة خلال الشتاء على اختلاف أنواعها والتي تعتبر الدافع الأساسي للاستقرار النفسي للطفل والتي تدعمه من الناحية الاجتماعية كوجود تفاعل وإثبات شخصية، وتحسن للمزاج واكتشاف الشغف الداخلي لديه فهي هنا تعتبر حالة إيجابية مهمة بشرط ألا تكون على حساب دراسته وتعلمه كممارستها في نهاية الأسبوع أو يوم العطلة.

تنظيم الوقت يكرس فائدتها
ولفتت شعبان إلى أنه جرت العادة أن تمارس الهوايات والأنشطة خلال العطلة الصيفية والتي تعتبر فرصة للخروج من مسؤوليات الدّراسة والتّعلم الصّفي والالتزام الكامل بمواده التعليمية ومذاكراته، فنرى الطفل ينطلق بكل حب ومتعة وحرية للاستفادة من هذا الوقت المتاح دون الشعور بالضغط والتقيد والمراقبة، ولكن عندما تنتهي العطلة وتفتح المدارس أبوابها وتنتظم أوقات الطفل عبر الدوام المدرسي وأداء الواجب وحل الوظائف واستذكار الدروس وحفظها والتي تستهلك وقتاً لابأس به ضمن دائرة وقته المتاح ، فهذا قد يتعبه، لكن ولأن الطفل قادر ولديه المقدرة للحاق بذلك بنظافة دماغه وتركيب خلاياها فتنظيم الوقت والمتابعة والمساعدة بذلك يكرس قيمة متابعتها وفائدتها.

وتؤكد شعبان إذا تركنا الموضوع دون المتابعة والاهتمام والتنظيم فمآل ذلك للفشل والفوضى والسلبية في حياة الطفل، ما يحرف اهتماماته فقط للأنشطة واللعب  وضياع الوقت دون التعلم ومعرفة أهمية المدرسة ودورها ، فلنحرص نحن الأهل  على إيجاد التوافق الفعال ما بين أهمية ممارسة الأنشطة شتاء ودورها الكبير في تقوية الطفل ودفعه للتعلم أكثر والاستكشاف إلى جانب الواجب التعليمي والمدرسي، وكذلك الانتباه قدر الإمكان للوقت المهدور للطفل (إذا لم تكن هناك رقابة أسرية) لتلك الأجهزة الإلكتروني بمحتوياتها السلبية والتي تبدد الوقت وتهلك الدماغ وتلوث الذاكرة وتعلم العنف والفوضى والتي تعتبر عند البعض أنها باب للتسلية وممارسة هواية ما لكنها تعطي النتيجة المدمرة، لتؤكد الباحثة على ضرورة التدخل الضروري وفرض التعليمات التي هي من مصلحة الطفل، مع الحرص على انتقاء الأهل الأفضل لأطفالهم ومشاركتهم كل مايجعلهم أكثر حصانة وتميز.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
العقبة البارانويانية.. حين يصبح الكوجيطو في خدمة المُلاوغة المقداد في الاجتماع الوزاري العربي– الصيني: الشراكة العربية- الصينية نابعة من واقع متماثل ولابد من فتح آفاق جديدة لرفع مستوى التعاون ٩٠٠٠ طن شعير استلمتها «الأعلاف».. شباط: طلبنا تخصيصنا بصوامع للتغلب على مشكلة أكياس الخيش النعناع نبات فريد من نوعه.. اعرف فوائده وأضراره مع الاهتمام الكبير بالشهادات في بلدنا.. هل يكفي التحصيل العلمي لتأمين فرصة عمل مناسبة؟ أشجار الغار والزعرور والبطم مهددة بالانقراض.. فهل يعيدها مركز بحوث الغاب كموروث لغاباتنا الحراجية؟ طلبات الاستعلام الائتماني زادت ٩٥٪ مع تزايد الإقبال على القروض .. «المركزي»: صدور نتيجة الاستعلام خلال ٢١ يوم عمل الفتوة يجمع المجد من طرفيه... الآلاف من جماهير دير الزور تستقبل أزرقها بطل الدوري والكأس 50 خبيراً أممياً يطالبون بموقف دولي حاسم لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة تحريكها رهن بالمغتربين وغلّة الحصاد..  استمرار التباطؤ في حركة البناء.. ومتخصصون يحذّرون من الاتجاه إلى الركود