كارثة مزدوجة..؟!

لا تتوقف بورصة أسعار الفروج والبيض عن الارتفاع، وكأنها داخلة في تحدٍ لتسجيل أرقام قياسية وسط ذهول المواطن وقلة حيلة المعنيين “المتفرجين” على الانهيار الحاصل، من دون اتخاذ أي إجراء يوقف هذه الكارثة الاقتصادية، التي يطال ضررها الخزينة العامة والمربين والعائلات المشتغلة بهذا القطاع والمواطن بالدرجة الأولى، فالفروج إذا استمر على هذه “السحبة” فلن يكفي راتب الموظف المحدود لشرائه، والبيض ليس أفضل حالاً، ما يعني حرمان أغلب العائلات من تناول هاتين المادتين الأساسيتين.

واقع حال “الدواجن” الصعب، ومعاناة المربين المتكررة، مع أنهم رفعوا الصوت عالياً منذ سنوات لإنقاذ قطاعهم وإعادته إلى مكانته الاقتصادية السابقة وإيقاف مسلسل الغلاء المتصاعد، لكن لم يجد صوتهم الإنصات المنقذ، أو أقله المبادرة إلى بلورة معالجة واقعية تضع يدها على الحرج وتبدأ في حلحلة المشاكل المتراكمة، باستثناء الاستمرار بالعقلية ذاتها المتبعة في صرف منح مالية ضخمة لا يعرف أين تصرف أساساً،  فتذهب هباءً منثوراً بلا أي فائدة وكأن الأموال المصروفة بضعة ليرات وليست مليارات تتطلب صرف كل قرش منها في موضعه الصحيح، الذي يفرض اتخاذ سلسلة من القرارات والخطوات الداعمة لهذا القطاع الاستراتيجي كتخفيف تكاليف الإنتاج عبر المساهمة بتأمين الأعلاف، التي يفترض أنها حلقت جزئياً عبر وضع مجفف الذرة الصفراء بحلب في الخدمة، وإن كان مزارعو الذرة في المحافظات الأخرى تعرضوا إلى نكبة في محصولهم بسبب عدم اتخاذ الخطوة ذاتها، مع ضرورة تخفيف الضرائب ريثما يقلع هذا القطاع المنتج من جديد، فعقلية الجباية أوصلته وغيره من القطاعات المنتجة إلى طريق مسدود، فالمطلوب في ظل هذه الظروف الصعبة تسهيل وتسيير لمن يعمل وينتج وليس تضييقاً وتعسيراً.
أحد كبار المربين أومى إلى أن التأخر في دعم قطاع الدواجن وتركه تحت رحمة التهديد بالانهيار والإغلاق والغلاء المستمر، مرده إلى الرغبة في التوجه إلى الاستيراد لمصلحة قلة من التجار، فحينما تصل الأسعار إلى مستويات لا يقدر المواطن على شراء هذه المنتجات الضرورية، يكون الاستيراد خياراً جيداً لكسر حدة الغلاء وعودته إلى أسعار منطقية، بالتالي إن صدق هذا السيناريو الخطير، فسنكون أمام كارثة مزدوجة، عند رفع فاتورة المستوردات بدل تخفيفها، والتسبب في القضاء على قطاع منتج تحتاجه العائلة في غذائها والخزينة في تعزيز مواردها، خدمة لأهل الاستيراد وجيوبهم، وهنا نتساءل ما الجدوى من برنامج إحلال بدائل المستوردات، إذا كنا نسير بأحد أهم القطاعات المنتجة إلى الهاوية من دون اتخاذ أي خطوة لوقف انهياره، علماً أن الحلول موجودة ولا تحتاج سوى إلى قرار جدي وإدارة متمكنة تضع النقاط على الحروف وتعطي الضوء الأخضر لدعم ونجدة قطاع الدواجن وغيرها من القطاعات المنقذة لمعيشتنا وصحتنا أيضاً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار