جراح غزة سوق للتجار والانتهازيين.. أردوغان يحصد «اللايكات» على مواقع التواصل الاجتماعي.. والحقيقة الوحيدة أن أهل غزة منكوبون

تشرين – راتب شاهين:
يستشيط الكيان الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة المحاصر بالأصل، غير مبالٍ بردود الفعل الدولية، فهو قد خبرها، لأن الكثير من السياسيين والحكومات وتجار الحروب، يمررون الوقت في الحرب الإسرائيلية على غزة، بإحصاء ما يمكن الاستثمار فيه، كالأيام والجرحى والشهداء والمباني المدمرة، وفي اتخاذ صورة يتاجر فيها في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بينما منْ جرحه غائراً في تراب غزة يقطف الآهات والويل من عدوان جشع، يشجعه ما يعلمه عن بلادة بعض الدول والسياسيين الذين يصرخون فقط، من أجل حصد «اللايكات» الإعجابات على مواقع التواصل الاجتماعي لا شيء غير ذلك، حيث إن جراح غزة شكلت للتجار والانتهازيين سوقاً لعرض بضاعتهم الصدئة.
وكالعادة يفتتح سوق غزة السياسي والإنساني منذ سنوات، رئيس النظام التركي رجب أردوغان برفع الصوت، ومجرد الصوت لا غير، يبيع للمسلمين والفلسطينيين وهماً ويشتري من الغرب رضا عما يقوله ويفعله، وهو لا يفعل شيئاً لغزة.. بعض المساعدات هنا وهناك لا تضر آلة الحرب العسكرية الإسرائيلية ولا توقفها، بينما الحقيقة أن أهل غزة ينتقلون من نكبة إلى آخرى.
«الجهود التي ستبذلها تركيا لإعادة بناء البنية التحتية المدمرة والمستشفيات والمدارس في قطاع غزة، إذا تم التوصل إلى وقف إطلاق نار في القطاع»، حسب أردوغان، لا طعم لها، أي طعم لتلك المدن التي ستبنى افتراضياً، إذا كان الموت يجتاح غزة اليوم، وما نفع الحديث الآن عن إعمار لمن لا يجد لجرحه مستشفى آمناً، أو لمن لا يستطيع دفن أحبته.
رئيس النظام التركي ربط الموقف من فلسطين بالديون، لا بما تشكله فلسطين ومكانة القدس الدينية، وقال أردوغان خلال مؤتمر في برلين: «ينبغي ألا نقيّم الحرب الإسرائيلية ـ الفلسطينية تحت تأثير سيكولوجيا المديونية.. لو كنا مدينين لما استطعنا التحدث بهذه الأريحية».. إذاً القضية، من منظور أردوغان، لا ترتبط بمبدأ ديني ومذهبي أو إنساني، وهو كان يستثمره ضد سورية طوال خلال سنوات الحرب عليها، بل بالديون الخارجية، القضية إذاً اقتصادية، وفي الحقيقة تلقى تصريحات أردوغان تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير، وهو المطلوب والغاية، وليس تضميد جراح غزة النازفة.
وها هو وزير خارجية أردوغان هاكان فيدان، يقول في مقابلة مع قناة «الجزيرة»: إن تركيا «قد تقطع العلاقات الدبلوماسية مع كيان الاحتلال، في حال كان ذلك قراراً جماعياً»، رابطاً ذلك «بضرورة اتخاذ القرارات في وقت واحد من العديد من الدول الإسلامية ودول العالم وحتى في أميركا اللاتينية».
إن ذلك من المستحيلات، فليس كل الدول التي ذكرها لديها العلاقات العسكرية والاقتصادية نفسها مع الكيان المحتل، ولها الأثر نفسه عليه، ولو أن تركيا تريد ذلك لما ربطته بالغير واتخذت القرار الصحيح وحدها، لكن هل النظام التركي اشترط الأمر ذاته قبل تعميق علاقاته مع الكيان المحتل وإقامة علاقات دبلوماسية وما تبعها من علاقات متطورة عسكرية واقتصادية، فمنذ آذار عام 1949 تم إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات الإسرائيلية- التركية، وبهذا فإن تركيا هي أول دولة ذات أغلبية مسلمة تعترف بالكيان الصهيوني.. إذاً لماذا لم يقطع أردوغان العلاقة مع الكيان الإسرائيلي، إذا لم يكن راضياً عنها ويستفيد منها كل سنوات حكمه؟
ففي هذا الوقت الذي يشن فيه الكيان الاسرائيلي حربه على قطاع غزة ويجند لذلك كل من يستطيع حمل السلاح ويزجهم في الاحتياط، يواصل التجار الأتراك برعاية نظامهم توريد كل ما يحتاجه الكيان من مواد، وخاصة المواد الغذائية، فحجم التبادل التجاري بين تركيا وكيان الاحتلال لم يُعكر ولا يوماً بالوضع السياسي، وهو حالياً يقارب 10 مليارات دولار، منها 6.4 مليارات دولار صادرات تركية.
وما كلام فيدان: «إنه يجب على الدول الإسلامية أن تدعم بعضها بعضاً وأن تعمل كجبهة موحدة”، إلا كلام للإعلام، لا يمكن استساغته لا في الماضي ولا الحاضر، ولا أعتقد أنه قد ينسى دعم نظامه للإرهابيين في سورية، واليوم من يدعم الإرهابيين في شمال البلاد؟ أليس تركيا، ومن شارك بكل ما لديه من أجل إشغال الدولة السورية وجيشها بملاحقة الإرهابيين في أنحاء البلاد لإشغال الجيش السوري عن جبهة الجولان وفلسطين؟ أليس لتركيا اليد الطولى وذلك بمشاركة الأنظمة التي تتشابك معها، بهدف إراحة الكيان الإسرائيلي، أليس ذلك جزءاً من المخطط الذي تم تنفيذه بعد حرب تموز على لبنان التي هُزم فيها الكيان الإسرائيلي.
طال العدوان على غزاة أم قصر، إلا أنه سينتهي وكل شيء مدمر، وعندها سيخرج التجار لإعمار قطاع غزة من أدراج الساسة الذين يجيدون اللعب بين الضدين.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
ناقش مذكرة تتضمن توجهات السياسة الاقتصادية للمرحلة المقبلة.. مجلس الوزراء يوافق على إحداث شعبة الانضباط المدرسي ضمن المعاهد الرياضية "ملزمة التعيين" وزارة الدفاع: قواتنا المسلحة تستهدف آليات وعربات للإرهابيين وتدمرها وتقضي على من فيها باتجاه ريف إدلب الجنوبي مشاركة سورية في البطولة العالمية للمناظرات المدرسية بصربيا القاضي مراد: إعادة الانتخابات في عدد من المراكز في درعا وحماة واللاذقية «لوجود مخالفات» غموض مشبوه يشحن الأميركيين بمزيد من الغضب والتشكيك والاتهامات.. هل بات ترامب أقرب إلى البيت الأبيض أم إن الأيام المقبلة سيكون لها قول آخر؟ حملة تموينية لضبط إنتاج الخبز في الحسكة.. المؤسسات المعنية في الحسكة تنتفض بوجه الأفران العامة والخاصة منحة جيولوجية ومسار تصاعدي.. بوادر لانتقال صناعة الأحجار الكريمة من شرق آسيا إلى دول الخليج «الصحة» تطلق الأحد القادم حملة متابعة الأطفال المتسرّبين وتعزيز اللقاح الروتيني دمّر الأجور تماماً.. التضخم لص صامت يسلب عيش حياة كريمة لأولئك الذين لم تواكب رواتبهم هذه الارتفاعات إرساء القواعد لنظام اقتصادي يهدف إلى تحقيق الحرية الاقتصادية.. أكاديمي يشجع على العودة نحو «اقتصاد السوق الاجتماعي» لتحقيق التوازن بين البعد الاجتماعي والاقتصادي