الاستثمارات الخارجية تدور في دوامات الرهان والترقب.. الرسميون يطمئنون من يسأل ورجال أعمال ينظرون إلى الأنصاف الفارغة

تشرين – بارعة جمعة:
تطوير البيئة الاستثمارية في سورية استناداً لقانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021، هو حجر الأساس لقيام بيئة استثمارية جاذبة تُسهل وتُحفز المستثمرين الخارجيين لإنشاء استثماراتهم داخل البلاد، مُطالبات عديدة كثر الحديث عنها وتناولها ضمن صيغة التحضيرات والوعود من قبل المعنيين لتهيئة البيئة الاستثمارية، الحاضنة الأولى لمشاريع عرفت بالأكثر أهمية في مرحلة إعادة إعمار البلاد، وضمن خطة النهوض بالاقتصاد المحلي، في وقت كثر الرهان على رأس المال الخارجي دون النظر لاعتبارات عدة، أهمها تطوير البيئة التشريعية وتأمين البنية التحتية للعمل، فهل ما تُعقد عليه الآمال اليوم بات رهن المغامرة! أم إن لتجارب الدول الأخرى عِبرة لا بُد من الأخذ بها ضمن سياق العمل مستقبلاً؟!

تجارب سابقة
ليست التجربة الأولى ولن تكون الأخيرة، هي حالة مكررة ضمن خطط تطوير الاقتصاد للاستفادة من الحصة السوقية للاستثمارات الخارجية التي لا بد أن تعود بالنفع على واقع الاقتصاد المحلي، توصيف دقيق لماهية العمل ضمن قطاع الاستثمار الخارجي قدمها الصناعي عاطف طيفور، آخذاً من تجارب دول عدة أبرزها الصين إثباتاً على ضرورة الخوض ضمن هذه التجربة التي تعد من أهم بنود النهوض الاقتصادي للدول، لتخفيض العجز في الميزان التجاري ورفع نسبة الصادرات وتخفيض نسبة البطالة، كما هو حال كل من الشركات الصينية التي عملت ضمن خطة جذب الشركات العالمية، ونهوض الإمارات عبر جذب المكاتب الإقليمية العالمية، والأمثلة كثيرة أيضاً عن التشابكات الاقتصادية بهذا الملف وفق رؤية طيفور، كما هو الحال بين الإمارات والسعودية وبين الصين وأمريكا، والتشابك الواقعي بين سورية والدول الإقليمية، الذي بدوره ساق لخسارة المستثمر السوري الداخلي والخارجي.

طيفور: لا نهوض اقتصادي محلي دون اكتساب حصّة سوقيّة من المستثمرين إلا أن صيغة العمل مع المستثمر الخارجي لاتزال معقّدة

نعم، كل ذلك يثبت مقولة بأنه لا نهوض اقتصادي محلي دون اكتساب حصة سوقية من المستثمرين لإعادة توازن الاقتصاد العام والميزان التجاري المحلي برأي الصناعي عاطف طيفور، وعلى الرغم من كل ذلك لا تزال صيغة العمل مع المستثمر الخارجي تعجيزية نخسر أغلبها بالتفاوض الأولي، عدا عن عجز الكوادر المؤهلة للتفاوض، فالعقوبات سبب كارثي لتحجيم الاستثمارات الخارجية، لكنها ليست السبب الرئيسي، بينما يكمن الخلل الحقيقي في عدم المتابعة الذي نتج بالطبيعة من إهمال البعض.

سد الثغرات
إذا ما ذهبنا لتوصيف حالة الاستثمار بدقة، فسنجد نوعين، الأول لتمويل المشاريع الخدمية أو الاقتصادية أو الاجتماعية من قبل أفراد لهم خبرات معينة تم اكتسابها من عملهم في الخارج، أو من قبل شركات أجنبية غير سورية ترغب بالاستثمار داخل البلاد، قراءة واقعية قدمها رجل الأعمال وعضو غرفة تجارة دمشق محمد حلّاق، توضح ماهيّة العمل ضمن هذا القطاع، الذي وُجد بالأصل للباحثين عن فرصة لسد ثغرات في السوق وتحقيق ربحية معينة، شرط أن تكون عالية وأن يكون الاستثمار مجدياً وتتم استعادته بفترة زمنية معينة.

إلا أنه وفي أغلب الأحيان، يحاول أصحاب المشاريع الصناعية استعادة رأس المال بمدة تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات، وهنا سيكون الاستثمار مربحاً لأي شخص يرغب في العمل ويبحث عن الربحية وسط حالة من المنافسة وصفها حلاق بالقليلة وقدرة على توفير المادة بالسوق المحلية أو للتصدير للخارج. إذاً لمَ يأتي المستثمر السوري أو الخارجي للعمل؟ سؤال يطرح نفسه برأي حلاق، يعود بالطبع للربحية ولأن البيئة الموجودة هنا تناسبه أكثر من أي بيئة أخرى، مثل استثمار منطقة غير مستثمرة من قبل بالقرب من منشأة سياحية أو شاطئ البحر مثلاً، إضافة لتوافر مواده الأولية في سورية وسوق للتصريف بالقرب منها، وبالتالي يستعمل الأرض السورية للتصدير، عدا عن كونه أمراً مفيداً لتشغيل العمالة السورية، كما أنها قيمة مُضافة مُركبة ليست وحيدة، بالمقابل علينا معرفة المستثمر لفترة طويلة من الزمن كيف سيعمل وما هي الآلية المتبعة من قبله.

حلّاق: أي استثمار يفشل تكون أسبابه عدم دراسة الجدوى الاقتصادية، هنا يأتي الدور الحكومي بمنح امتيازات ضمن أفق بعيد النظر

تبادل الخبرات
ما يطمح إليه المستثمر الداخلي هو الربحية العالية، كما أن الكثير من الأشخاص يمتلكون أفكاراً إنتاجية أو منتجاً جيداً خلال حياتهم في الخارج، ويرغبون باستثمارها داخلياً لتوفير النفقات، هنا يأتي دور البنية التحتية والتشريعات برأي عضو غرفة تجارة دمشق محمد حلّاق، ليكتمل المشهد وكي تعود الفائدة على الطرفين، فأي استثمار يفشل ولا يؤدي الغاية منه تكون أسبابه عدم دراسة الجدوى الاقتصادية منه أو نتيجة ظهور ظروف طارئة، وهو أمر طبيعي بالنسبة لقطاعي التجارة والصناعة، إلا أنه ومن المؤكد لا يوجد أي مستثمر داخلي أو خارجي ينسحب وهو يحقق غايته -أي الربح- وهنا يأتي الدور الحكومي بتحقيق التوازن لتأمين ذلك ولعدم انفراد المستثمر الخارجي بالسوق المحلية، بل العمل ضمن إطار التنافسية بجذب أكثر من مستثمر وزيادة الربحية، وهو ما يتم عبر هيئة الاستثمار بمنح امتيازات ضمن أفق بعيدة النظر برأي حلاق، وبما يناسب الأطراف كافة.

تنمية مُستدامة
لا تقل أهمية عن الاستثمارات الداخلية، كما أنها مهمة جداً في هذه المرحلة ولها دور فاعل في توظيف رؤوس الأموال الخارجية بأنواعها الأجنبية والخارجية والمغتربة للمساهمة في عملية التنمية الاقتصادية وإعادة الإعمار، بهذه الكلمات أكد مدير عام هيئة الاستثمار مدين دياب لـ”تشرين” أهمية هذا القطاع في الوقت الحالي، حيث إن الحاجة اليوم تفرض المزيد من التدفقات ولجميع القطاعات الاقتصادية بما يُسهم في انتعاشها وصولاً لتحقيق التنمية المستدامة.
قانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021 أوجد مظلة واحدة للاستثمار في سورية ولجميع القطاعات الاستثمارية، كما وحد مرجعية الجهات المعنية بمنح الموافقات والتراخيص والمعلومات وحصرها بهيئة الاستثمار السورية، تأكيدات قدمها دياب تتمثل في تقديم التسهيلات والحوافز الجديدة الممنوحة للمستثمر الخارجي عبر مساواته بالمستثمر السوري في الحقوق والواجبات، إضافة لتقديم مجموعة من الضمانات أكثر قوة لحماية مصالحه واستثماراته، إلى جانب سلة واسعة من الحوافز المالية والضريبية وغير الضريبية والجمركية والإجرائية المغرية، بما يشكل حافزاً كبيراً لكل المستثمرين دون استثناء بمن فيهم المستثمر الأجنبي لضخ استثماراته في القطاعات التي تلبي الاحتياجات ذات الأولوية في سورية، وصولاً لتحقيق الأهداف الاقتصادية الوطنية في تحقيق العملية الإنتاجية وتسريعها وتوظيف المزيد من التكنولوجيا المتقدمة وتوفير الكثير من فرص العمل.

امتيازات خاصة
السماح للمستثمر غير السوري طوال مدة المشروع، الحصول على تراخيص إقامة له ولوالديه ولزوجته وأولاده وللعمال والخبراء والفنيين غير السوريين لديه، وفق أحكام القانون رقم 2 لعام 2014 وتعليماته التنفيذية، ميزات تثبت العمل الجاد على جذب المستثمر وفق تصريح دياب لـ”تشرين”، ضمن بيئة تشريعية تحتكم للقوانين والأنظمة النافذة، يضاف إليها العديد من الضمانات التي قدمها القانون السوري لحماية مصالح وحقوق المستثمرين الأجانب (كعدم جواز إلقاء الحجز الاحتياطي على المشروع أو فرض الحراسة عليه إلا بموجب قرار قضائي، وعدم نزع ملكية المشروع إلاّ للمنفعة العامة وبتعويض يعادل القيمة الحقيقية للمشروع، وعدم إخضاع المشروع لأي أعباء إجرائية جديدة ناجمة عن قرارات وتعاميم وبلاغات صادرة عن أي جهة عامة، غير واردة في الدليل الإجرائي المعمول به، و‌عدم إخضاع المشروع لأي أعباء مالية جديدة غير واردة في الدليل الإجرائي المعمول به بتاريخ تقديم طلب الحصول على إجازة الاستثمار.

دياب: للمستثمر الخارجي ضمانات وفي المقابل يترتب عليه التزامات واضحة نص عليها القانون السوري

وفي المُقابل يترتب على المستثمر تقديم ضمانات للهيئة أيضاً، على شكل التزامات واضحة نص عليها القانون توجب المستثمر إعلام الهيئة في حال التنازل للغير عن حصة تساوي أو تتجاوز 10% من رأس مال المشروع، كما يجب إعلام الهيئة خطياً بتاريخ بدء الإنتاج أو الاستثمار الفعلي للمشروع حسب الحال، إضافة إلى التكاليف الاستثمارية الفعلية خلال مدة 10 أيام من تاريخ البدء الفعلي للاستثمار، كما يتوجب عليه تقديم وثيقة للهيئة، تشعر بالتأمين على المشروع لدى إحدى شركات التأمين العاملة في الجمهورية العربية السورية، ومسك دفاتر التجارة الأصولية المنصوص عليها في قانون التجارة، وتقديم ميزانية سنوية وحساب أرباح وخسائر مصدقة من قبل مدقق حسابات خارجي ممارس، عدا عن تزويد الهيئة والجهة المختصة بالمعلومات والبيانات والإيضاحات التي تطلب منه عن المشروع.

ولتفادي الوقوع في مخاطر لانسحاب المفاجئ من العمل، لا بد من التزام المستثمر ببعض الشروط التي تنحصر وفق تصريح مدير عام هيئة الاستثمار مدين دياب في مجموعة من الإجراءات والوثائق التي يقوم بها المستثمر عبر تقديم طلب من قبل صاحب العلاقة أو وكيله القانوني إلى مركز خدمات المستثمرين في الهيئة وفروعها، حسب كل قطاع، مستوفياً كافة البيانات والمعلومات وفقاً للنموذج المعتمد من قبل الهيئة ومجلس الإدارة، ومرفقاً بالوثائق والثبوتيات أهمها: دراسة جدوى اقتصادية وفنية للمشروع، قائمة احتياجات بالأصول اللازمة للمشروع، البرنامج الزمني اللازم لتأسيس المشروع، متضمناً التاريخ المتوقع للبدء بالتشغيل، صورة البطاقة الشخصية للمستثمر أو جواز السفر للمستثمر الأجنبي، بيان قيد عقاري للعقار محل الاستثمار، أي وثيقة أخرى تطلبها الجهة المعنية حسب نوع النشاط، وفق ما يحدده دليل الإجراءات.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
ناقش مذكرة تتضمن توجهات السياسة الاقتصادية للمرحلة المقبلة.. مجلس الوزراء يوافق على إحداث شعبة الانضباط المدرسي ضمن المعاهد الرياضية "ملزمة التعيين" وزارة الدفاع: قواتنا المسلحة تستهدف آليات وعربات للإرهابيين وتدمرها وتقضي على من فيها باتجاه ريف إدلب الجنوبي مشاركة سورية في البطولة العالمية للمناظرات المدرسية بصربيا القاضي مراد: إعادة الانتخابات في عدد من المراكز في درعا وحماة واللاذقية «لوجود مخالفات» غموض مشبوه يشحن الأميركيين بمزيد من الغضب والتشكيك والاتهامات.. هل بات ترامب أقرب إلى البيت الأبيض أم إن الأيام المقبلة سيكون لها قول آخر؟ حملة تموينية لضبط إنتاج الخبز في الحسكة.. المؤسسات المعنية في الحسكة تنتفض بوجه الأفران العامة والخاصة منحة جيولوجية ومسار تصاعدي.. بوادر لانتقال صناعة الأحجار الكريمة من شرق آسيا إلى دول الخليج «الصحة» تطلق الأحد القادم حملة متابعة الأطفال المتسرّبين وتعزيز اللقاح الروتيني دمّر الأجور تماماً.. التضخم لص صامت يسلب عيش حياة كريمة لأولئك الذين لم تواكب رواتبهم هذه الارتفاعات إرساء القواعد لنظام اقتصادي يهدف إلى تحقيق الحرية الاقتصادية.. أكاديمي يشجع على العودة نحو «اقتصاد السوق الاجتماعي» لتحقيق التوازن بين البعد الاجتماعي والاقتصادي