تدبير ومناورة على الغلاء المستفحل.. الظروف المعيشية تكسر حاجز التردّد ومقايضة الملابس مع الأهل والأقارب خيار جديد للأسر السوريّة

تشرين – دينا عبد:

أصبحت مقايضة الملابس بين العائلات آخر الحلول، بعد الغلاء الذي شمل أسعار ألبسة البالة أيضاً، كنوع من إعادة الاقتصاد في الشراء والاستفادة منها للأبناء بين بعضهم، فمن صغرت على مقاسه قطعة ملابس بإمكانه استبدالها من صديق أو قريب له بقطعة تكون على مقاس الآخر وهكذا دواليك.

خبير تنمية بشرية: الظرف الاقتصادي يحتم حلولاً تولد من رحم الضيق

من باب التماشي والتأقلم مع الأوضاع المعيشية الصعبة، تعرض الكثير من السيدات ملابس أولادهن عبر صفحاتهن الخاصة في فيس بوك من أجل المقايضة على ملابس تكون بقطع أكبر مهما كان نوعها بحكم أنها أصبحت صغيرة ومن يرغب يتواصل مع من كتب المنشور.

وفي هذا السياق كتبت السيدة نجاح منشوراً استحوذ على رضا وقبول عدد كبير من الناس، معتبرين أن موضوع استبدال الملابس هو نوع من الاقتصاد والتوفير، وتالياً لعدم رمي الملابس لأنها لم تعد تناسب المقاس المطلوب لأبنائها إضافة إلى ذلك فإن من يرغب بأخذها بإمكانه تنظيفها وتعقيمها كما لو أنه اشتراها من سوق البالة.

وتشير رهف الأم لثلاثة أطفال إلى أن أسعار الملابس مرتفعة جداً في الأسواق، وخاصة ألبسة الأطفال الجديدة وهذا ما أجبرها على وضع منشور عبر صفحتها الخاصة لتلبية احتياجات أولادها من جهة وحاجة غيرها من جهة أخرى، مضيفة كثير من الناس وبسبب الظروف الاقتصادية وضعف الدخل الشهري يجدون أنفسهم غير قادرين على تأمين الملابس لأولادهم، فالأزمة الاقتصادية أثرت في أسعار المواد الأساسية كافة بما فيها الملابس.

أما سهى، فاضطرت إلى بيع ملابس أولادها لأختها، على اعتبار أن أولاد أختها أصغر من أولادها وبما أن الملابس جديدة وأصبحت صغيرة عليهم، فقد عرضتها على أختها بنصف السعر كي تتمكن من شراء ملابس لأولادها، كما صرحت.

باحثة اجتماعية: مقايضة الملابس فرصة لتعزيز العلاقات الاجتماعية

بدورها، يسرا أعادت تدوير الملابس بين أبنائها وخاصة (البيجامات) لأنها الأكثر استخداماً في فصل الشتاء في حين وفرت على نفسها مبلغاً كبيراً، إذ لم تضطر لشراء 4 بيجامات، إنما اشترت اثنتين والبقية تمت إعادة تدويرهم للإخوة الأصغر.

إذاً، هذا هو وضع العائلات التي تتألف من 3 أشخاص وأكثر ليس أمامهم حل سوى إعادة تدوير الملابس بين الإخوة أو ارتدائها بالتناوب في حال كان المقاس نفسه، فسعر قطعتين قديمتين بسعر واحدة جديدة وهذا ما يمنع كثيرين من المخاطرة بالشراء.

حل اقتصادي

خبير التنمية البشرية وتطوير الذات م. محمد خير لبابيدي بيّن أن هذا الأمر هو واحد من الحلول الاقتصادية التي تظهر بشكل واضح في زمن الأزمات الاقتصادية والضيق المعيشي، وهو من الأمور التي قد تكون غير مرغوبة أو غير مستحبة لدى البعض في زمن الرخاء، ولكنها تفرض نفسها بشكل ملموس في زمن الإرهاق الاقتصادي والغلاء والندرة وغيرها من العوامل الضاغطة.

موضوع مقايضة الملابس رغم مساوئه المتعلقة بالصحة والعدوى وغيرها إلا أنه وعند اتخاذ الإجراءات الصحية من الغسيل والتعقيم وغيرها يعتبر حلاً جيداً للتدخل الإيجابي في الأسواق فتتوفر الملابس وتخفض الأسعار نظراً لوجود البدائل وهذا ما نسميه بالبالة أو الملابس المستعملة، وهي دارجة ومتداولة في مجتمعنا وتزداد وتنقص بحسب الحالة الاقتصادية لأبناء المجتمع.

أما موضوع تداول الملابس بين الأقارب وأولاد العم فهو نادر وغير دارج بشكل كبير في مجتمعنا لعدة عوامل وأهمها الحساسيات الأسرية والنظرة الدونية ضمن الأسرة الواحدة؛ ولكن ممكن أن نجدها بين الإخوة وخاصة ذوي الأعمار الصغيرة، فالظرف الاقتصادي يحتم حلولاً تولد من رحم الضيق.

تخطي حاجز الخجل

بدورها الباحثة الاجتماعية أسمهان زهيرة بينت أن الأوضاع الاقتصادية أجبرت الكثير من العائلات على شراء الملابس المستعملة من بعضهم أو ( المقايضة) على غيرها بمقاس أكبر كنوع من الاقتصاد وإعادة التدوير والاستفادة منها للأبناء والأقارب؛ وهذا يمثل الادخار الذي حظي برضا وقبول عدد كبير من الناس نتيجة ارتفاع أسعار الملابس في الأسواق؛ فمن الناحية الاجتماعية تعتبر المقايضة بمثابة نشاط اجتماعي يجمع الناس من خلال اللقاءات فيما بينهم وهذا يسهم في تكوين علاقات اجتماعية جديدة تشمل جميع فئات المجتمع؛ ومن هنا يتخطى الناس حاجز الخجل الذي كان موجوداً سابقاً عند الوقوف أمام محال الألبسة المستعملة ( البالة) أو عند شرائها من أحد الأشخاص أو استبدالها بما يناسبهم.

أهالي: أسعار الملابس مرتفعة وهذا ما أجبرنا على المقايضة

يذكر أن أسعار الألبسة الشتوية الجديدة في الأسواق السورية شهدت ارتفاعاً ملحوظاً، ليصل سعر المعطف الشتوي النوعية الجيدة نوعاً ما إلى نصف مليون ليرة، وسعر أرخص بيجاما ولادي ومن النوع العادي يبدأ من ٧٥ ألفاً ويرتفع حسب العمر وجودة القماش ليصل لـ١٢٠ ألفاً عدا عن أسعار الوكالات التي يصل سعر البيجاما الولادي بين ٢٧٥ وأكثر بكثير وكنزات الصوف الولادي تبدأ من ٦٥ ألفاً وبنطال الجينز العادي من ٧٥ ألفاً عدا عن أسعار الجواكيت الولادي التي تجاوز سعرها ٣٠٠ ألف ليرة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
ناقش مذكرة تتضمن توجهات السياسة الاقتصادية للمرحلة المقبلة.. مجلس الوزراء يوافق على إحداث شعبة الانضباط المدرسي ضمن المعاهد الرياضية "ملزمة التعيين" وزارة الدفاع: قواتنا المسلحة تستهدف آليات وعربات للإرهابيين وتدمرها وتقضي على من فيها باتجاه ريف إدلب الجنوبي مشاركة سورية في البطولة العالمية للمناظرات المدرسية بصربيا القاضي مراد: إعادة الانتخابات في عدد من المراكز في درعا وحماة واللاذقية «لوجود مخالفات» غموض مشبوه يشحن الأميركيين بمزيد من الغضب والتشكيك والاتهامات.. هل بات ترامب أقرب إلى البيت الأبيض أم إن الأيام المقبلة سيكون لها قول آخر؟ حملة تموينية لضبط إنتاج الخبز في الحسكة.. المؤسسات المعنية في الحسكة تنتفض بوجه الأفران العامة والخاصة منحة جيولوجية ومسار تصاعدي.. بوادر لانتقال صناعة الأحجار الكريمة من شرق آسيا إلى دول الخليج «الصحة» تطلق الأحد القادم حملة متابعة الأطفال المتسرّبين وتعزيز اللقاح الروتيني دمّر الأجور تماماً.. التضخم لص صامت يسلب عيش حياة كريمة لأولئك الذين لم تواكب رواتبهم هذه الارتفاعات إرساء القواعد لنظام اقتصادي يهدف إلى تحقيق الحرية الاقتصادية.. أكاديمي يشجع على العودة نحو «اقتصاد السوق الاجتماعي» لتحقيق التوازن بين البعد الاجتماعي والاقتصادي