الشاعر «مازن المحملجي» يعزفُ على «قيثارة الحياة»

تشرين- أحمد الباشا:

حاز «مازن المحملجي» «مُدرّس اللغة العربية» لقب «شاعر دمشق» منذ أكثر من خمسين عاماً، حين كان يلقي قصائده عن الحياة الاجتماعية التي كانت سائدة في البيوت الدمشقية أيام الزمن الجميل في مختلف الصروح الثقافية وفي نقابة المعلمين بدمشق، كما نشر العديد منها في مجلات وصحف محلية وعربية، وقد تم توثيق هذه القصائد في ديوان الشاعر الأول «أيام شاميّة» الذي أصدرته دار «بعل» عام 2020.

واليوم تتوالى إنجازات الشاعر، وهو يضيف إليها ديوانه الثاني «قيثارة الحياة» الذي أصدرته دار «توتول» بدمشق، هذا الديوان الذي حوى بين طيّاته تنويعات شعرية، فمِن الغزلٍ الرقيق فيه التسامي والإخلاص، إلى نقد اجتماعي بنّاء رصين.. إلى رثاء مُبتلٍّ بدموع الأسى وفيض الحنين، إلى مديح فيه أصدقُ مشاعر المحبة والامتنان والعرفان بالجميل.. فنحن في رحاب هذا الديوان بين فتون وشجون، وابتسامة ودموع، وفرح وترح.. كما هي الحياة تماماً بحُلوِها ومُرها.

«ففي الحُب والجمال» يطالعُنا شعرٌ عذبٌ مهموس، يفيض من شغاف قلبٍ مُولّهٍ ونفسٍ مُغرمة.. تنساب أبياتُ هذا الباب برقِّة قلّتْ مثيلاتُها وغنائيةٍ لا تحتاجُ إلى تلحين، فلا تشتمُّ إلا عبقَ الرّياحين والزّهور، ولا تتجلى لكَ إلا الفاتناتُ والكواعبُ الحُور، تُنبِئ عن شاعرٍ مُبدعٍ ذوّاق، وعاشقٍ مُغرَمٍ مُشتاق، مع ألفاظٍ رقيقة وإيقاع أقربَ إلى الموسيقا منها هذه الأبيات:

يـــا حُلـوةً أذْكــــتْ مفاتنُهــــا

نـــارَ الحنيـنِ بمُقلتــي وفمـي

خبّأتُهــــا فـي أضلُعي.. فأبَـتْ

إلا الظّهــورَ بمُقلتـــي وفمـي

لِتُحيلَ ليلـي نـشـوةً وهـــــوىً

وتُضـيءَ فيــه كبـــارقِ الــدِّيَمِ

بوِصالِها كــــم هِمتُ مـن فــرحٍ

وبهَجرِهــا كـــم ذبـتُ مـن ألَمِ

أما في النقد الاجتماعي، فقد تجلّتْ المشاعرُ الصادقة والمعاني الرّاقية، مع دِقّة في الوصف وبراعةٍ في الرّصف، وتفصيلٍ غيرِ مُمِلّ، وإيجازِ غيرِ مُخِلّ منها هذه الأبيات:

هل تُســــيغُونَ رؤيةً وسَـــماعاً

لِغِناءٍ غـــــثِّ المعانـــي مريضِ؟

يتـلوّى بـــهِ لـئيــــمٌ خليعٌ

فاتِـــرُ الصوتِ ناقصُ الترويضِ

يدَّعي الفـنَّ.. ليسَ بين رِفاقٍ

بلْ علـى مســـرحٍ طويلٍ عريضِ

بثيابٍ غريبـةِ الشّـكلِ ماجـتْ

في سَداها الخيوطُ ذاتُ الوميضِ

وفي المديح، أجادَ من دون أن يُغالي، وما امتدحَ إلا العزيزَ الغالي، فكان مديحُه من باب العرفان بالجميل أو المحبّةِ القلبيةِ الصادقةِ لمن امتدحَهُ، ومثال على ذلك هذه الأبيات:

شــــقيقتي كـم هفَتْ رُوحي لِمَرآها

وكــــم أزالَ العنا عنّــــي مُحَيّاها

وضيئةُ الوجهِ.. رقّتْ في مشاعرِها

ســُبحانَ مَن زانَها لُطفاً وسَوّاها

نبيلةُ الأصلِ والأخلاقِ قد ملكَتْ

مِــن الشّـــمائلِ أسْـــناها وأبهاها

سريعةُ اللحْظِ تدري ما أُحِسُّ بــهِ

دوماً.. وتقرأُ مـا أسررْتُ عيناها

أما في الرّثاء، فكم يفيضُ حُرقةً ولوعة، ومشهد ترك فيه حزناً وأسفاً.. وكأنني وأنا أتلو تلك القصائد أنا المحزونُ أو المُصاب، وخاصةٍ رثاؤُه لوالدته، إذ قال :

يــــا لحُزني ويـــا لطُولِ نحيبي

بعدَ أُمّي وعهدِ أمـــي الرّطيبِ

ذلك العهدُ قـد مضى بِالأماني

فـفُؤادي مِـــن بَعــــدهِ في لهيبِ

كان لا يعرفُ الهمومَ فأضحى

في خِضَـمٍّ مِـــن الهمــومِ رهيبِ

وهكذا نجد شاعرنا أنه شاعر متمكّن مجد، له في الشعر موضوعات متعدّدة طرقها بكل وجوهها ومناسباتها، وضمنه ديوانيه اللذين صدرا له وتحديداً ديوانه الأخير (قيثارة الحياة).

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
إصابة مدنيين اثنين جراء عدوان إسرائيلي استهدف منطقة القصير بريف حمص (وثيقة وطن) تكرم الفائزين بجوائز مسابقة "هذه حكايتي" لعام 2024..  د. شعبان: هدفنا الوصول لحكايا الناس وأرشفة القصص بذاكرة تحمل وطناً بأكمله معلا يتفقد أعمال تنفيذ ملعب البانوراما في درعا ويقترح تأجيل الافتتاح بسبب تأثر المواد اللاصقة بالأمطار الوزير الخطيب: القانون رقم 30 يهدف إلى حماية بنية الاتصالات من التعديات الوزير صباغ: إمعان الاحتلال في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني يعبر عن سياسات إرهابية متجذرة لديه سورية تترأس اجتماع الدورة السادسة للمجلس العربي للسكان والتنمية في القاهرة الجلالي يبحث مع أعضاء المجلس الأعلى للرقابة المالية صعوبات العمل ووضع حد لأي تجاوزات قد تحدث طلاب المعهد الصناعي الأول بدمشق يركّبون منظومة الطاقة الشمسية لمديرية التعليم المهني والتقني أجواء الحسكة.. عجاج فأمطار الأضرار طفيفة والمؤسسات الصحية بجهوزية تامة لمعالجة تداعيات العجاج انطلاق فعاليات أيام الثقافة السورية في حلب بمعرض للكتاب يضم ألف عنوان