في اليوم الـ40.. الكيان سيُوسّع عدوانه إلى جنوب القطاع وملف التهجير قائم.. مسؤول أميركي جديد إلى المنطقة بمهمة أوسع

تشرن – مها سلطان:
أربعون يوماً مرّت.. والعدوان الإسرائيلي على غزة مازال في ذروة وحشيته، بينما الضغوط الدولية على الكيان الإسرائيلي لوقف هذا العدوان ما زالت «غير مرتفعة»، حسب المدعو وزير خارجية الكيان إيلي كوهين، وعليه فليستمر العدوان والقتل والتدمير، وليستمر استهداف المستشفيات بالحصار والاقتحامات، وآخرها اقتحام مستشفى الشفاء فجر اليوم الأربعاء بعد حصار دامَ ستة أيام لم يترك بيد كادر المستشفى أي حيلة أو وسيلة في سبيل التخفيف من المأساة الإنسانية التي تخلفها دموية العدوان الإسرائيلي بحق أهل غزة، سواء من قصده مُصاباً أو لاجئاً، أم المرضى الموجودين فيه.
كوهين الذي قال إنه يتوقع اشتداد الضغوط الدولية خلال أسبوعين إلى ثلاثة، ولم يقل ما إذا كان ذلك سيدفع باتجاه وقف الكيان لعدوانه، كما لم يقل ما إذا كانت الولايات المتحدة ستضغط على الكيان في سبيل ذلك، مشيراً إلى أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تتعرض بدورها لضغوط دولية، قائلاً: هناك ضغوط من كل أنحاء العالم ضد الشراكة الأميركية التي تدافع عن هذه الحرب «أي الحرب الإسرائيلية على غزة».
يأتي ذلك متزامناً مع تأكيد وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت أن الحرب مستمرة وستمتد من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، مشيراً إلى أنها قد تستمر شهوراً عدة.
وكان بعض مسؤولي الكيان قد أشاروا في الأيام الماضية إلى أن الحرب قد تستمر سنة أو أكثر حتى تتحقق الأهداف الموضوعة، أما هذه الأهداف فهي كما بات معلوماً تتجاوز قطاع غزة إقليمياً، وبما يُعيد ترتيب أوضاع المنطقة باتجاه الهدف بعيد المدى المتمثل بتصفية القضية الفلسطينية لمصلحة فرض خيار «الدولة الواحدة» وليس حل الدولتين.
هذا يعني أن مسألة التوصل إلى اتفاق حول الأسرى لن توقف الحرب إلا لأيام معدودة، وفق ما يُنشر ويُسرب، وفيما يُقال إن مسار الجهود يقترب من إتمام اتفاق الأسرى خلال الأيام القليلة المقبلة، إلا أنه بالمقابل لا شيء ثابتاً، وحسب شبكة «سي إن إن» نقلاً عن مسؤول أميركي مطّلع فإن المحادثات بخصوص الأسرى مُتقلبة ومن الممكن أن تنهار، مضيفاً: هي أقرب لكنها لم تنتهِ بعد.
ولأنها لم تنتهِ، ولأن الكيان الإسرائيلي يماطل ولا مصلحة له بأن تنتهي، فمن المتوقع أن يستمر في عرقلة التوصل إلى اتفاق، بهدف الاستمرار في البناء على هذا الملف لمواصلة العدوان، ولا نذيع سراً بالقول إنه هو من يعرقل، فهذا أمر يعترف به مسؤولون من الكيان ومسؤولون أميركيون، يريدون لهذا الملف أن يستمر ضاغطاً على غزة وعلى المقاومة الفلسطينية.
وفيما لا تزال مخاطر اتساع جبهة غزة إقليمياً قائمة، مع اشتداد وتيرة المواجهات على جبهة الشمال، تُضاف إليها جبهة قصف القواعد الأميركية غير الشرعية في سورية.. يزور مسؤول أميركي جديد المنطقة، وهو مساعد الرئيس الأميركي ومنسق شؤون الشرق الأوسط وإفريقيا في البيت الأبيض، بريت ماكغورك، الذي تتزامن زيارته مع زيارة وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لو كورني.
ماكغورك- حسب المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أدريان واتسون- يقوم بجولة موسعة في المنطقة، عنوانها إنساني كما تدّعي، لبحث إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وإطلاق الرهائن، وهذا التصريح يكاد يكون واحداً فيما يَخص كل جولات المسؤولين الأميركيين في المنطقة منذ عملية «طوفان الأقصى» في 7 تشرين الأول الماضي، أما خلف هذه التصريحات فإن مخططات كبرى تتوارى، بعضها معروف، وبعضها في طريقه لأن يُكشف ويُعرف وفق تطورات جبهة غزة.
أما زيارة وزير الدفاع الفرنسي، فيبدو أنها ستقتصر على الكيان الإسرائيلي، وهي الأولى لوزير دفاع فرنسي منذ عام 2000، ويبدو أن الزيارة ستتمحور على «تحسين» صورة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الكيان، بعد انتقاداته للعدوان على غزة ومطالبته بوقف قتل الأطفال والنساء، ورغم أن ماكرون تراجع عن هذه التصريحات معلناً دعمه للكيان وعدوانه، إلا أن هذا التراجع كان بلا جدوى ما استدعى إرسال مسؤول بوزن وزير الدفاع، وهذا الموقف ليس غريباً على ماكرون الذي يتخبط بصورة كبيرة في ولايته الرئاسية الثانية، ولا يكاد يثبت على موقف محدد، وبما يستدعي غضباً داخلياً متصاعداً عليه، على المستويين الشعبي والسياسي.

وإذا كانت مهمة الوزير الفرنسي محصورة بهذا الهدف، فإن مهمة المسؤول الأميركي تبدو أوسع مدى هذه المرة قياساً لعدد الدول التي يزورها، والمباحثات التي سيجريها، وبعبارة أدق الضغوط التي سيمارسها، والتي لا تبدو من ضمنها مسألة «وقف إطلاق النار» وحتى مسألة اتفاق الأسرى لا تبدو رئيسية.. وفي ظل استمرار الحديث عن تهجير الفلسطينيين وأن العدوان الإسرائيلي سيمتد من الشمال إلى جنوب القطاع، فإن ملف التهجير سيكتسب زخماً متقدماً في الأيام المقبلة، فإذا كان الكيان الإسرائيلي في بداية عدوانه طلب من أهل غزة النزوح إلى جنوب القطاع، وإذا كان يمهّد لمهاجمة جنوب القطاع، فإلى أين سيطلب من أهل القطاع النزوح؟
الجواب الأكيد هنا: إلى سيناء.
وعليه لا بد من إرسال المزيد من المسؤولين الأميركيين.. هذا عدا أن ديفيد ساترفيلد – الموفد الأميركي الخاص للشؤون الإنسانية – لا يكاد يغادر المنطقة وعلى رأس أجندته ملف التهجير، ومساعيه لفرضه كأمر واقع على الجميع على قاعدة أنه الحل الوحيد لوقف جبهة غزة ومنع اتساعها إقليمياً، وتالياً لتحقيق الاستقرار في المنطقة، وهذا الاستقرار لن يتحقق – وفق المزاعم الأميركية – في ظل بقاء قطاع غزة على الوضع نفسه قبل 7 تشرين الأول الماضي، وأيضاً في ظل بقاء المقاومة الفلسطينية. علماً أن أميركا ما زالت تروج للأكاذيب نفسها حول أنها تعارض إعادة احتلال القطاع أو تهجير أهله أو تقليص مساحاته.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار