تساؤلاتٌ وأفكارٌ وتجارب.. «منى رحمة» تتبنّى هواجس الأبوين وتكتُب للأطفال

تشرين- لبنى شاكر: 

كان انتظار طفليها حكاية ما قبل النوم، ومُطالبتهما بالمزيد دائماً، بوابةً عبرت منها منى منير رحمة نحو الكتابة للأطفال، ففي البداية كانت تروي لهما قصصاً مما تختزنه ذاكرتها من القصص والمجلات التي ضمت مكتبتها الكثير منها، لكنها مرةً بعد مرة، وقصةً تلو أخرى، ازدادت اهتماماً بالأدب الموجّه للطفل وفن كتابة القصة، إلى أن أصبح في رصيدها اليوم مُؤلفّان، «اللَّوحة الأجمل» مجموعة قصصية للأطفال، صدرت عن الهيئة العامة السورية للكتاب 2022، و«التربية الإيجابيَّة لكي تزهر براعمنا حبَّاً وفرحاً» مُوجّهٌ للأهل والمربين.

تتحدث رحمة، وهي مُدرسِّة للمرحلة الابتدائية، عن مشوارها ككاتبة في عوالم الطفولة، إذ «كتبت العديد من القصص التي تحمل المتعة إضافة إلى غناها بالمعاني والقيم الإنسانية، بعيداً عن الأفكار الساذجة التي تستخف بعقلية الطفل، وبعيداً أيضاً عن العنف الظاهر في كثيرٍ مما يُقدم لأطفالنا للأسف»، لكنها كأمٍّ لطفلين واجهت تساؤلاً عما يُحدد طريقة التربية الأفضل التي تنمّي الطفل جسدياً ونفسياً، وتترك آثارها الإيجابيَّة على شخصيَّته مدى الحياة، من هنا، كان اهتمامها وبحثها في موضوع التربية الإيجابية، لتصدر لاحقاً الكتاب الأول عن هذا الموضوع.

اللافت في كتابيّ رحمة، تركيزها على طرفي معادلة العائلة (الأهل والأطفال)، وعلى حد قولها في حديثٍ

لـ «تشرين»: «رسالتي موجّهة لعالم الطفولة، هدفها تنشئة براعم اليوم بأفضل طريقة لتتفتح في المستقبل، وتزهر ونجني ثمار تميزها، فالطفل كائنٌ حساسٌ ذو عقلٍ نضر وذكي، قادر على التقاط أدق الإشارات والمعاني وكل ما يقدّم له من أفكار، فإذا نشأ في أسرة متماسكة ومستقرَّة، وضمن مناخ عائلي دافئ يوفّر له الأمان العاطفي والحنان، ويلبّي حاجته للإحساس بالحبّ والقبول والانتماء والدعم، فإن ذلك سوف ينعكس إيجابيَّاً على حياته بتفاصيلها، مع أهمية التوجه إليه بكل ما هو ممتع ومسل، ولكن بمحتوى غني ومفيد، لذلك جاء توجهي على مستويين؛ تقديم مادةٍ غنيةٍ للأهل والطفل معاً».

لكن إلى أي درجة يُمكن للأهل الاستفادة من النصائح الواردة في تربية أطفالهم، بالتوازي مع فكرة أن التربية تجربةٌ حياتيةٌ لها ظروفها وخصوصيتها، في كل بيتٍ وفي كل زمانٍ ومكانٍ؟، تُجيب رحمة «التربية مسيرة حياة خاصة بكل أسرة، وتقع مسؤوليتها علينا كأهل بالتأكيد، وقد لا تكون لدينا منهجية واضحة ومحددة في مسيرة تربيتنا للطفل، فعلى الأغلب نقوم بتربيته بالطريقة التي تربينا عليها نحن، وربما لا نكون واعين لآثارها على نفسيتنا إن كانت إيجابية أم سلبية، وقد يتأثر أسلوب تربيتنا لطفلنا بالصورة التي أعطتنا إياها وسائل الإعلام عن طريقة معاملة الأبناء، وهناك من يقوم بالتربية باتباع الأسلوب المتسلط الذي يعتمد على التعامل مع الطفل بقسوة وعنف لفظي أو جسدي، أو الأسلوب المتساهل الذي يعطي للطفل الحرية المطلقة من دون أي حدود أو ضوابط».

وفي النتيجة، تُضيف الكاتبة «سنجد أنفسنا نسأل ما الطريقة الأفضل لبناء شخصية طفلنا المميزة؟، وأي هذه الطرق ستكون مفيدة وبنّاءة وذات آثار إيجابية على نفسيته؟، وما الأسلوب الذي سيساعدنا على خوض التحديات التي تواجهنا في رحلة الأبوة والأمومة؟، وما الطريقة المجدية التي يجب اتباعها لتعديل سلوك الطفل غير المناسب؟، بناءً على هذا كلّه، جاءت أهمية البحث عن توجه متماسك، واضح المعالم، لنقوم بمهمتنا المرجوة على أكمل وجه، وكان منهج التربية الإيجابية هو الأقوى والذي سيساعدنا للوصول للهدف الأسمى الذي نسعى إليه مع طفلنا الغالي، فهو ليس مجموعة من النصائح عن طرق التَّربية، وإنما هو نهج متكامل ينمّي شخصية الطفل، ويغرس في داخله القيم الإنسانية، ويطور الانضباط الذاتي لديه، من دون التدخل في القيم الخاصة بكل مجتمع، والتي تختلف حسب ثقافة كل منطقة وكل أسرة، فالصحيح بالنسبة لمجتمع ما قد يكون غير مناسب وغير صحيح بالنسبة لمجتمع آخر».

في «اللّوحة الأجمل» ثماني قصص، تدور أحداثها في بيئات مختلفة، فيها المتعة والمرح، والقيم الأصيلةً الضروري تعزيزها عند الطفل، حاولت رحمة فيها إرشاد قارئها الصغير من دون أن يشعر بأن شيئاً يُفرض عليه، تشرح لـ «تشرين»: «اكتسبت قصص الأطفال أهمية خاصة لأنها موجهة لأهم مراحل نمو الشخصية الإنسانية، فهي تغني حب الاستطلاع لدى الطفل، وتلبي رغبته في التعرف على العالم من حوله، فيرى في القصة عالماً ساحراً تتحرك فيه الشخصيات والأبطال بحريّة (من إنسان أو حيوان)، فتنصر الخير، وتحارب الشر، تصعد الجبال، وتدخل الكهوف، فيتبعها بخياله، ويتفاعل مع شخصياتها، يتقمص مواقفها، ويعدها جزءأً من عالمه الخاص وبيئته، فتصبح قدوته، يتأثر بها، ويحاكيها بشكل غير واعٍ، إلى أن تترسخ داخله وتنمو معه، فيتعرف على الأشياء و رموزها، ويبدأ بإدراك معايير السلوك الاجتماعي القائمة وراء العلاقات المتبادلة بين الشخصيات، ثم تتكون قيم وآراء الطفل الخاصة من خلال وجهات النظر التي يشكلها نحو مختلف موضوعات القصة».

عن خطوتها القادمة في عالم الكتابة، تقول رحمة «رسالتي مُوّجهة للأهل والطفل من خلال ثلاثة محاور (البحث والكتابة في مجال التربية الإيجابية)، (كتابة قصص الأطفال)، (إعداد الفعاليات المتنوعة للأطفال)، والتي تهدف إلى تنشئة جيل اليوم ليصبحوا فاعلين سعداء في المستقبل، وفي إطار هذه الاتجاهات الثلاثة أدعو القراء الأعزاء لزيارة صفحتي على الفيسبوك (لكي تزهر البراعم) للاطلاع على محتوى متجدد مفيد للأهل والأبناء، من ضمنه عدة قصص مقروءة بصوت طفلي (روني وإيفا) على شكل فيديو».

 

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
إصابة مدنيين اثنين جراء عدوان إسرائيلي استهدف منطقة القصير بريف حمص (وثيقة وطن) تكرم الفائزين بجوائز مسابقة "هذه حكايتي" لعام 2024..  د. شعبان: هدفنا الوصول لحكايا الناس وأرشفة القصص بذاكرة تحمل وطناً بأكمله معلا يتفقد أعمال تنفيذ ملعب البانوراما في درعا ويقترح تأجيل الافتتاح بسبب تأثر المواد اللاصقة بالأمطار الوزير الخطيب: القانون رقم 30 يهدف إلى حماية بنية الاتصالات من التعديات الوزير صباغ: إمعان الاحتلال في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني يعبر عن سياسات إرهابية متجذرة لديه سورية تترأس اجتماع الدورة السادسة للمجلس العربي للسكان والتنمية في القاهرة الجلالي يبحث مع أعضاء المجلس الأعلى للرقابة المالية صعوبات العمل ووضع حد لأي تجاوزات قد تحدث طلاب المعهد الصناعي الأول بدمشق يركّبون منظومة الطاقة الشمسية لمديرية التعليم المهني والتقني أجواء الحسكة.. عجاج فأمطار الأضرار طفيفة والمؤسسات الصحية بجهوزية تامة لمعالجة تداعيات العجاج انطلاق فعاليات أيام الثقافة السورية في حلب بمعرض للكتاب يضم ألف عنوان