هل تسرّع الهطولات المطرية في تنفيذ الخطة الزراعية من دون بقية المستلزمات؟

تشرين – محمد فرحة: 

غالباً ما كانت بشائر الأمطار سبباً في تحريك محراث المزارعين مع بداية كل موسم زراعي شتوي، وهو الذي يشكل الحامل الرسمي والأساسي لاقتصادنا، ويجب التركيز عليه، فقد كان الاقتصاد السوري ما قبل الحرب متنوعاً ومتعدداً؛ صناعياً وسياحياً وتجارياً من خلال التصدير، وزراعياً بشقيه النباتي والحيواني.

أما اليوم فبالكاد يقتصر على القطاع الزراعي، من هنا نرى ضرورة التركيز عليه، مادام هو الوحيد المتبقى المنعش لنمو وازدهار اقتصادنا المحلي.

فقد هطلت الأمطار طيلة ليل أمس في محافظات زراعية عدة، واستبشر المزارعون خيراً، وهم التوّاقون للأرض بما تزرع، حيث سيحركون محراثهم لتهيئة الأرض تمهيداً واستعداداً لزراعة المحاصيل الشتوية، القمح أولاً والشعير والبقوليات، لكن الهطولات المطرية وحدها لا تكفي، فالمسألة الزراعية تحتاج إلى مجموعة عوامل ومستلزمات، يأتي في مقدمتها توفير الأسمدة، ثم المحروقات لزوم تحريك جرارات الفلاحة، لطالما أمسى بذار القمح في المصارف الزراعية بمتناول اليد.. وبين الخشية من عدم اكتمال اللوحة، يتردد المزارعون نزرع أم لا نزرع؟. ولهم نؤكد أنه يجب أن نزرع تحصيناً لأمننا الغذائي.

حتى الآن لم نسمع من المعنيين عن القطاع الزراعي سوى التصريحات المنفردة والجماعية، من دون أن تتوافر الأسمدة بعد، وهذه الحال كمن يريد أن يوقظ العزم ويستنهض الهمم في روح تنازع.

بلغة الأرقام، لدينا في سورية مليون هكتار، تعتمد على مياه الأمطار، و٦٩٠ ألف هكتار، تروى بمياه المشاريع الزراعية، ليطرح السؤال نفسه: من أين تأتي خطط وزارة الزراعة، عندما تقول إننا زرعنا مليوناً وعشرات الآلاف من الهكتارات بالقمح ؟

إذا كانت كل المساحات المروية هي ٦٩٠ ألفاً، والباقي هو بعل، هذا يعني أن جلّ المساحات المزروعة بالقمح بعل، إذا ما لم تلحظ الخطط زراعات أخرى كالقطن والمحاصيل المروية الأخرى.

يؤكد مدير زراعة حماة المهندس أشرف باكير لـ”تشرين”: خطتنا الزراعية لمحصول القمح هذا العام تبدو أقل من العام المنصرم والتي كانت بحدود ٣٧ ألف هكتار، ونريدها أكثر من ذلك، ولاسيما أن وعوداً قطعت لجهة تأمين مستلزمات الخطة الزراعية، وهذا من شأنه أن يحفز المزارعين للتوجه نحو زراعة خطة المحاصيل المقررة.

ما أكده مدير زراعة حماة، كان قد بيّنه مدير عام الهيئة العامة لتطوير الغاب المهندس أوفى وسوف، حين ذكر أن خطة هذا العام لمحصول القمح أقل من العام الماضي نسبياً، وهي التي كانت حوالي ٥٢ ألف هكتار في مجال زراعة الغاب.

مشيراً إلى أن زراعة القمح يجب أن تبقى أولوية وتتقدم كل الزراعات، لكن مشروطة بتوافر مستلزماتها كلها، تأتي في مقدمتها الأسمدة، مادامت تشكل نقطة الثقل لزراعة المحصول، بعد أن شجعنا ووجهنا المزارعين لتنفيذ الخطة، وأن فلاحة الدونم خصصت بـ ١٠ ليترات من المازوت، وتبقى الأمور رهينة قناعة المزارعين.

من جهتهم يشير المزارعون إلى أن زراعة قمح أسمدته بالقطارة غير مثمرة، هذا أولاً، وثانياً لم يحدد لنا بعد مخصصات الدونم من المحروقات، فتكلفة فلاحة الدونم اليوم بعشرات الآلاف، وسابقاً كنا نحصل على نصف قيمة التكلفة فكان الإنتاج بيادر.

وأضافوا: إن التسعيرة غير مقنعة اليوم، فكيف سيكون الحال منتصف العام القادم عند جني المحصول وتسويقه؟ فكل الأمور غير واضحة وغير محفّزة.

بالمختصر المفيد: إن القطاع الزراعي يشكل من ٢٥ إلى ٣٠ % من الناتج المحلي، وهي النسبة نفسها تقريباً للمشتغلين بهذا القطاع، فهل يتحرك المعنيون لتوفير مستلزمات زراعة المحاصيل الشتوية، القمح أولاً قبل فوات الأوان من أجل مستقبل زراعي زاهر، بدلاً من الخطابات والتصريحات؟ نأمل ذلك تحصيناً لأمننا الغذائي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار