رغم إدراك مخاطره الجسيمة.. الاستخدام الخاطىء للبلاستيك يدمّر حياتنا في ظل غياب الوعي والتوعية البيئية

تشرين – وداد محفوض:
شهدت حياتنا اليومية في العقود الثلاثة الأخيرة تغيرات كبيرة وسريعة، في استخدام الأواني البلاستيكية لحفظ وتخزين “مؤونة ” الشتاء عوضاً عن الزجاجية أو الفخارية، وأكياس النايلون عوضاً عن الورق، لكن الأخطر من كل هذا إعادة استخدام العبوات البلاستيكية لأكثر من مرة.
وعلى الرغم من علمنا بخطورتها وانعكاساتها السلبية على الصحة والبيئة، ومع انعدام حملات التوعية وانعدام البدائل، يضطر الفرد للجوء إلى هذه المنتجات “مجبراً” في الوقت الذي تعمل فيه معظم الدول المتطورة على محاربة البلاستيك، والعودة إلى البدائل الطبيعية أو استخدام البلاستيك المتحلل، فما الممكن فعله للحدّ من استخدام البلاستيك؟
لم نعرف البلاستيك في الماضي
الثمانينية أم أسعد، أكدت أنهم لم يعرفوا الصناعات البلاستيكية في الماضي، فكان أثاث المنزل يُصنع من الخشب والقش، وحتى الأطباق والملاعق كذلك، وكانت تقوم بتخزين الزيتون في “مرطبانات” زجاجية كبيرة والزيت يضعونه “بالخابية” أو “التنك”، إضافة إلى استخدام أكياس الورق بدلاً من أكياس النايلون، كل هذه الأدوات صحية غير ملوثة للبيئة ولا تنتج عنها نفايات، وإن نتجت فهي سريعة التحلل، وتساءلت لماذا غابت هذه الصناعات اليوم، وما الأسباب في ظل التأثير السيىء للبلاستيك على البيئة والصحة؟

استخدام البلاستيك لحفظ الطعام:
في المقابل نرى الكثير من السيدات يستخدمن المنتجات البلاستيكية في إعداد المخللات وحفظ الطعام و مياه الشرب، إضافة إلى انتشار ظاهرة بيع المواد الغذائية في بعض المحال التجارية بعبوات بلاستيكية مخالفة للمواصفات، وكلها تشكّل خطراً كبيراً على صحة الإنسان.
تبيّن سعاد “ربة منزل” أنها تستخدم عبوات المياه والمشروبات الغازية في تخزين المخلل لفصل الشتاء مع أنها تعرف مخاطر استخدامها وما يمكن أن تسببه من أمراض”، وعلى الرغم من معرفتها بوجود هذا الخطر الذي ينتج عن انحلال المواد الداخلة في صناعتها مع الحمض، وبالتالي إنتاج مادة مسرطنة للجسم، كما تُشير العديد من الدراسات، لكنها لا تطبق هذا الكلام ومازالت تستخدم العبوات في تخزين الطعام.

الغالبية لا يقرؤون الإشارة الموجودة في المثلث الموضوع أسفل العبوة، نقص الوعي والتوعية، يجعل استخدام البلاستيك وحفظ الطعام واستخدامه لإعداد المؤن أمراً كارثياً

غياب التوعية:
وبيّن المدرّس محمد أن أغلب السيدات يلجأن لتخزين الزيتون في عبوات المياه الغازية وعبوات أخرى غير آمنة، مع أنهن يعلمن مدى خطورتها على الصحة، ويضيف: إنّ الأغلبية لا يقرؤون الإشارة الموجودة في المثلث الموضوع أسفل العبوة، متسائلاً عن دور التوعية البيئية الغائبة تماماً عن خطط الجهات المعنية.
تسبّب أمراضاً خطرة:
الدكتور عهد حمود، أستاذ التغذية في كلية الطب جامعة طرطوس، أكد لـ”تشرين” أن “الأوعية” البلاستيكية يجب عدم وضعها تحت أي ظرف في المايكرويف، لأنها تزيد من نشاط وتكوين الجذور الحرة المخرّبة للخلايا الحية والسليمة، أو وضع الأغذية فيها في البراد وذلك لاحتوائها على مادة (الديوكسين) التي تسبب أمراضاً خطرة، وذلك بعد انحلالها بالماء الموجود في تلك العبوات أو بالطعام المحفوظ بها، كما لا يجب وضع الطعام الساخن فيها أو تعريضها للشمس، لأن الحرارة تسرّع من عملية انحلال تلك المادة.
وأضاف حمود: إنّ الزجاجات البلاستيكية المعبأة بالمياه هي أيضاً تحتوي على بكتيريا ضارة أكثر مما نتخيل، والتي تسبب أمراضاً مختلفة، منها الصداع النصفي والبدانة على المدى الطويل للاستخدام.
لاستخدامها شروط:
يؤكد حمود أنه عند استخدام العبوات البلاستيكية، لا بدّ من حفظها في مكان بعيد عن حرارة الشمس، ويجب على الجميع التقليل قدر الإمكان من استخدامها، لأن ارتشاح المادة الموجودة في البلاستيك والتي تدعى (زيتو استروجين) مسببة لأمراض خطرة، لأن هذه المادة تقتل الخلايا المفرزة للأنسولين بالبنكرياس، فهي مادة سامة غير قابلة للاستعمال البشري.
و نوه بضرورة اختيار “رضّاعة” الأطفال على أن تكون صحية، لأن البلاستيك منها يحوي مركباً يدعى (الفينيل كلورايدام) وهو غير آمن النتائج، ويفضّل استعمال الزجاجية منها، مضيفاً: إنّ العبوات البلاستيكية يجب ألا تستخدم إلا مرة واحدة، والمكتوب عليها بالأرقام هي: (1) عبوات شفافة تستخدم لمرة واحدة والرقم (2) آمن جداً، ويمكن إعادة استخدامه والرقم (3) غير آمن مع العصائر والرقم (4) قابل للتدوير لمرة واحدة والرقم (6) خطر جداً، أما الرقم (7) عبوات الأطفال لا يتم تدويرها لأنها سامة ومؤذية.
وأشار إلى أن نقص الوعي والتوعية، يجعل استخدام البلاستيك وحفظ الطعام واستخدامه لإعداد المؤن للشتاء أمراً كارثياً، ويجب استبداله بالأواني الخزفية والميلامين والزجاجية والستانلستيل.
التجاوب المجتمعي ضعيف:

المُهندسة سُهاد علي المديرة المسؤولة في جمعية “سنديان” البيئية، أكدت أنّ الجمعية تقوم بشكل دائم بندوات توعية وحملات نظافة في كافة أرجاء المحافظة وريفها، وبعدها يتم فرز البلاستيك والذي نسبته عالية جداً.
وأردفت: مع كل المحاضرات والندوات والحملات التوعوية، مازال التجاوب المجتمعي ضعيفاً، ونحتاج جميعاً لوعي أكبر لتخطّي هذه الظاهرة.

تحت الرقابة:
بدوره بيّن مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في طرطوس نديم علوش، أنّ عناصر المديرية يقومون بدوريات مكثفة على معامل إنتاج البلاستيك الموجودة في المحافظة، وفي حال وجود مخالفة يُغلق المعمل ويُحال صاحبه إلى المحكمة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
إصابة مدنيين اثنين جراء عدوان إسرائيلي استهدف منطقة القصير بريف حمص (وثيقة وطن) تكرم الفائزين بجوائز مسابقة "هذه حكايتي" لعام 2024..  د. شعبان: هدفنا الوصول لحكايا الناس وأرشفة القصص بذاكرة تحمل وطناً بأكمله معلا يتفقد أعمال تنفيذ ملعب البانوراما في درعا ويقترح تأجيل الافتتاح بسبب تأثر المواد اللاصقة بالأمطار الوزير الخطيب: القانون رقم 30 يهدف إلى حماية بنية الاتصالات من التعديات الوزير صباغ: إمعان الاحتلال في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني يعبر عن سياسات إرهابية متجذرة لديه سورية تترأس اجتماع الدورة السادسة للمجلس العربي للسكان والتنمية في القاهرة الجلالي يبحث مع أعضاء المجلس الأعلى للرقابة المالية صعوبات العمل ووضع حد لأي تجاوزات قد تحدث طلاب المعهد الصناعي الأول بدمشق يركّبون منظومة الطاقة الشمسية لمديرية التعليم المهني والتقني أجواء الحسكة.. عجاج فأمطار الأضرار طفيفة والمؤسسات الصحية بجهوزية تامة لمعالجة تداعيات العجاج انطلاق فعاليات أيام الثقافة السورية في حلب بمعرض للكتاب يضم ألف عنوان