مقاربات في «اللجنة الدستورية»

تشرين- لميس أحمد:
يبدو أنّ الضغوط الأميركية على المبعوث الدولي غير بيدرسون نجحت في ثنيه عن مواقفه السابقة على مسقط مكاناً لاجتماع «اللجنة الدستورية».
هذا ما أكدته صحيفة «الأخبار» اللبنانية في 23 شهر تشرين الأول.. فبيدرسون تراجع عن تصريحاته الداعمة لاختيار مسقط بدلاً من جنيف، وقد أكد مصدر دبلوماسي أن فرض انعقاد الجولة التاسعة للجنة آخر العام، أصبح شبه معدوم، حيث تجري الآن مفاوضات لاختيار مكان آخر غير مسقط حسب ما نقلته صحيفة «الأخبار».
هذه الكلمات تأتي هذا العام أيضاً بغموض حول اللجنة.. من دون ماهية عملها، واستذكر أيضاً انعقاد اللجنة في جنيف أواخر تشرين الثاني من العام المنصرم، والصورة المبهمة لعمل اللجنة، وعدم ظهور أي توضيح عما هو منوط بها من مهام.
وفي سبيل نقل صورة عما تعنيه كلمة دستورية وماهية مرجعية هذه الكلمة في حالتنا هذه أتيت بهذه السطور..
بداية أود أن أوضح أن اسم اللجنة هو لجنة مناقشة الدستور «مناقشة» وأي دستور الذي تتم مناقشته، إنه دستور الجمهورية العربية السورية الذي أقر بعد الاستفتاء الجماهيري عليه في 27 شباط 2012 «89.4 بالمئة من المشاركين في الاستفتاء وافقوا على الدستور».
ولعدم تطرق وسائل الإعلام بواقعية للدستور السوري الحالي، ورغبة في إلقاء الضوء عليه، وجدت أنه من المهم تسليط الضوء بإيجاز على كتاب يبحث في الحيوية السياسية عند السوريين بعنوان «وهل سورية كفرنسا»، للباحثة في علم الاجتماع السياسي دينا دخل الله..
في هذا الكتاب يتم البحث في شكل الأنظمة السياسية وتنوعها من الملكي المطلق مروراً بالنظام البرلماني والرئاسي وشبه الرئاسي وآليات الحيوية السياسية وإسقاطاتها في سورية، ويبدأ بسرد تاريخي وسياسي موجز للحكومات في سورية مستعرضاً الحياة السياسية في المجتمع السوري، وتنوع الأنظمة السياسية في سورية، وكيف أن القوى السياسية انتقلت بالنظام السياسي من مرحلة إلى أخرى ومن نظام إلى آخر حتى استقر بها الوضع على النظام شبه الرئاسي بخطوطه العريضة، هذا النظام الذي ينتشر بسرعة في الدول التي تتجه إلى الديمقراطية، أو ما وصف في الفصل السادس بالتحول إلى الجمهورية السادسة.
و درة العقد في هذا الكتاب الدراسة المقارنة للدستورين السوري والفرنسي، والتي يتم فيها استعراض المبادئ المشتركة بين الدستورين والالتزام بالمعايير الديمقراطية والمقارنة بينهما عبر الأحكام الدستورية.
وحيث إن النظام شبه الرئاسي سائد في فرنسا من العام 1958 وفي سورية 2012، والنصوص في الدستورين متشابهة استناداً لمبادئ هذا النظام، حيث نرى أن المبادئ البنيوية واحدة والفوارق في الأحكام، ومن ثم نصل إلى المقارنة التفاضلية بين الدستورين باستعراض أفضليات الدستور السوري الذي هو أكثر وضوحاً في المسألة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتقديم السلطة التشريعية على السلطة الرئاسية على سبيل المثال، ويعطي صلاحيات مفتوحة للحكومة التي هي أكثر استقلالية في عملها تجاه الرئاسة منها في فرنسا، وأفضليات الدستور الفرنسي مثل وجود مجلسين في البرلمان مع وجود صيغة المؤتمر البرلماني.
مما لاشك فيه أن هناك تشابهاً بين سورية وفرنسا في النصوص الدستورية، ولاشك في أنه هنالك فوارق بين الحالتين تتعلق بمستوى التطور ومستوى الوعي والثقافة والموقع الجغرافي والسياسي، وهناك تأثير البيئة المجتمعية العامة على النظام السياسي، إلا أن هذه الدراسة المقارنة يمكن بموجبها تلمس مدى حداثة وديمقراطية الدستور السوري.
ويتطرق الكتاب لعرض وجهة نظر في بعض التعديلات الدستورية.. في نقاط أهمها:
مقدمة الدستور، تطبيق صيغة المجلسين «الشعب، والشورى»، والعلاقة بين الرئاسة والقضاء.
وختاماً: تتميز سورية بأنها الدولة الوحيدة التي عاشت واختبرت جميع الأنظمة السياسية التي عرفها التاريخ المعاصر، ونجد أنها وعلى مر تاريخها الحديث جربت كل أنواع الأنظمة السياسية المعروفة، وأن التحولات التي قام بها السوريون في التاريخ المعاصر تراكمت وصولاً إلى دستور 2012، حيث تم استيراد الديمقراطية من الاستمرارية التراكمية للتحولات، وأن الحلول التي يقدمها النظام السياسي شبه الرئاسي أفضل ما هو ممكن، وحيث إن تاريخ سورية السياسي المعاصر يبرز فيه دور الفرد، وطبيعة الثقافة في سورية تدفع باتجاه وجود القائد الشخصية، وهذا النظام يسمح بظهور القائد الفرد الذي يجمع بين العناصر الفردية والعناصر الديمقراطية أي القائد الكاريزما، فقد جاء الدستور 2012 ليجسد نمط الديمقراطية التمثيلية.
ونرى أنه لابد من القراءة المتمعنة للدستور السوري ومقاربته بموضوعية وشفافية، وملاحظة كم يرقى إلى مصاف دساتير الدول المتقدمة والتي تتبنى النظام شبه الرئاسي كفرنسا وروسيا.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
العقبة البارانويانية.. حين يصبح الكوجيطو في خدمة المُلاوغة المقداد في الاجتماع الوزاري العربي– الصيني: الشراكة العربية- الصينية نابعة من واقع متماثل ولابد من فتح آفاق جديدة لرفع مستوى التعاون ٩٠٠٠ طن شعير استلمتها «الأعلاف».. شباط: طلبنا تخصيصنا بصوامع للتغلب على مشكلة أكياس الخيش النعناع نبات فريد من نوعه.. اعرف فوائده وأضراره مع الاهتمام الكبير بالشهادات في بلدنا.. هل يكفي التحصيل العلمي لتأمين فرصة عمل مناسبة؟ أشجار الغار والزعرور والبطم مهددة بالانقراض.. فهل يعيدها مركز بحوث الغاب كموروث لغاباتنا الحراجية؟ طلبات الاستعلام الائتماني زادت ٩٥٪ مع تزايد الإقبال على القروض .. «المركزي»: صدور نتيجة الاستعلام خلال ٢١ يوم عمل الفتوة يجمع المجد من طرفيه... الآلاف من جماهير دير الزور تستقبل أزرقها بطل الدوري والكأس 50 خبيراً أممياً يطالبون بموقف دولي حاسم لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة تحريكها رهن بالمغتربين وغلّة الحصاد..  استمرار التباطؤ في حركة البناء.. ومتخصصون يحذّرون من الاتجاه إلى الركود