لم يتقدم أي مستثمر.. موسم الذرة بلا مجففات والآفات والحشرات خرّبت نصف المحصول

تشرين – زهور كمالي:

لولا خيرات السماء وأشعة الشمس التي وفرت للفلاحين أفضل الأوقات بطقس مشمس وخالٍ من الغيوم، لما تسارع تجفيف محصول الذرة، ولكان الفلاح قد تكبد خسائر فادحة ومضاعفة، وذلك لعدم توفر آلات التجفيف، لكن السماء كانت أرحم من مسؤولي الزراعة والقائمين عليها، هذا ما أكده مزارعو الذرة في منطقتي الغاب وسلحب لـ” تشرين”.

هموم ومعاناة مزارعي الذرة
أكد المزارع يوسف حماد أن موسم الذرة لهذا العام تعرض لآفات وحشرات، منها الجراد ودودة الحشد الريفية، حيث خرّبا وأكلا نصف المحصول تقريباً، ولم تنفع أية مكافحة لهذه الآفات، لابالمبيدات ولا يدوياً، وبعض المزارعين باع المحصول من دون قطافه كعلف للحيوانات.
ويضيف المزارع محمد نصور: بعد أن دفعنا تكاليف الزراعة من بذار ومازوت وأسمدة، لم يكن الإنتاج وفيراً ولا يغطي حتى تكاليف الزراعة، إذ وصلت تكلفة الدونم الواحد إلى مليون ونصف المليون ليرة، كما أن التسعيرة الجديدة غير مجدية، رغم تعديلها وإنتاج الدونم لم يتجاوز 250 – 300 كغ، في حين بلغ العام الماضي 400 كغ.

إنتاج الذرة الصفراء للموسم الحالي يقدر بــ 5650 طناً منها 700 طن رئيسي و4950 طناً تكثيفياً

المزارع محمد العلي يضيف إلى ما سبق من معاناته في الزراعة مهمة حراسة المحصول بعد قطافه و فرشه على الأرصفة لتجفيفه وبيّن: أقوم بالتناوب مع أولادي ليلاً نهاراً ولعدة أيام لحماية المحصول من السرقات، والتي كثرت في السنوات الماضية، فلو توفرت آلات للتجفيف لما قضينا تلك الليالي وعيوننا تراقب” الغادي والبادي” نتحمّل المخاطر ولصوص الليل وقطّاع الطرق وغيرهم.

المجففات باتت ضرورة
رئيس الجمعية الفلاحية في بلدة الحورات رامي خضور، أبدى استياءه من إهمال القائمين على الزراعة وعدم مبالاتهم لما يعانيه الفلاح من صعوبات بتأمين احتياجات ومستلزمات الزراعة من مازوت وأسمدة وأجور نقل.
هذا فيما إذا توفرت، ناهيك بأسعارها التي أرهقت الفلاحين ممن لا خيار لهم سوى الزراعة، وتابع : موسم الذرة لهذا العام خاسر في مختلف الحقول من سلحب-حورات عمورين- الحوايق، وحتى الحقول، البالغ إنتاجها 400 كغ لا تعوض تكاليف زراعتها في ظل غلاء أجور اليد العاملة، إذ إن كل ساعة عمل بـ 5000 ليرة وأجور النقل 50- 60 ألف ليرة لكل 2 كم، و لا توجد آلة أو معمل واحد لتجفيف الذرة في القطاع العام ولا الخاص، وإذا ما أمطرت السماء، فإن المحصول يتعرض للتلف وعندئذ يضطر الفلاح لبيعه للتجار بأقل الأسعار، لذا أصبح من الضرورة الملحة تأمين آلات للتجفيف، ليس للذرة فحسب، بل لتجفيف محاصيل كثيرة، منها: الذرة – الفستق- السمسم- بذور دوار الشمس – الجبيسة، ولاسيما بعد أن لجأ كثير من الفلاحين لزراعة تلك المحاصيل وترك زراعة الشوندر والقطن.

عدم توفر السيولة النقدية
و في تصريح لـ”تشرين” بيّن مدير الثروة النباتية في الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب المهندس وفيق زروف أن إنتاج الذرة الصفراء للموسم الحالي يقدر بــ 5650 طناً، منها 700 طن رئيسي، و4950 طناً تكثيفياً من خلال حساب متوسط إنتاجية الأرض، التي تصل إلى 4000 كيلوغرام في الهكتار الواحد بالرئيسي، و4500- 5000 كغ في الهكتار بالنسبة للتكثيفي، وهذه تقديرات أولية للموسم وقد تنخفض قليلاً بسبب الإصابة بدودة الحشد الريفية، علماً أن الفلاح قام بالمكافحة ورش المبيدات، لكن ليس بالشكل الأمثل، وحسب التعليمات الفنية في الإرشادية ومن تقيّد وطبّق التعليمات الفنية الخاصة بالمكافحة لم تؤثر الآفات بالمحصول، حيث بلغ إنتاج الدونم في قرية الحوايق لدى أحد المزارعين 500 كغ بعد أن قام برش المحصول بالمبيدات ثلاث مرات، متبعاً كل التعليمات الفنية للمكافحة.

تدنّي إنتاج الذّرة في منطقتي الغاب وسلحب مع قلة المساحات المزروعة

وأضاف زروف: إن بعض الفلاحين لا يمتلكون السيولة النقدية للإنفاق على المحصول، سواء الذرة أو غيرها، كالأسمدة بأنواعها والسقاية في الوقت المناسب، لذلك يكون الإنتاج متدنياً، فكلما كانت الخدمات الزراعية متكاملة كان الإنتاج وفيراً.
ولفت إلى أن المساحات المزروعة بالذرة لهذا العام أقل من العام الماضي، وبلغت 1275 هكتاراً فقط، بما فيها الرئيسي والتكثيفي، بينما في العام الماضي بلغت 6400 هكتار.

لم يتقدم أي مستثمر
من جانبه أكد مدير فرع حماة لمؤسسة الأعلاف المهندس تمام النظامي في تصريح لـ “تشرين”، أن الفرع اتخذ كل التحضيرات والاستعدادات لاستلام المحصول من المزارعين عبر مركزي سلحب وعين الباد، ولم يتم استلام أي كمية حتى تاريخه.

و تم وضع شروط معينة لاستلام الذرة الصفراء المحلية المجففة لتكون مطابقة للمواصفات الفنية، أهمها أن تكون من إنتاج الموسم الحالي 2023 حصراً، ومرفقة بشهادة المنشأ والموقع والكمية.. وأن تكون نسبة الرطوبة 14٪ كحد أقصى ويحسم 1٪ من الوزن الصافي فرق وزن عبوات لكل عملية شراء.
أما بالنسبة للشوائب والحبوب التالفة والإجرام 5٪ كحد أقصى ومقبولة حتى 8٪ و 10٪ بالنسبة للحبوب المكسورة كحد أقصى وترفض في حال الزيادة.
وبيّن مدير الفرع أنه لم يتقدم أي مستثمر لشراء مجففات رغم الإعلان لأكثر من مرة.

تسعيرة جديدة
وزارة الزراعة في اجتماعها قبل أيام قليلة وبعد أن قامت اللجنة المكلفة بدراسة تكاليف الإنتاج للمحاصيل الزراعية، ومنها الذرة الصفراء، وذلك على ضوء التكاليف المقدمة من مديريات الزراعة بالمحافظات واللجان المشكلة لهذه الغاية في كل محافظة، خلصت إلى أن تكلفة الكغ من الذرة ٣٧٨٠ ليرة وفقاً للواقع الميداني وحسب الأسعار الرائجة.
ونتيجة لهذه الدراسة والتكلفة صدر قرار نهائي باعتماد سعر ٤٢٠٠ ليرة للكغ، وهو سعر جيد للفلاحين حسب رؤية اللجنة والوزارة، على أن تقوم مؤسسة الأعلاف باستلام محصول الذرة من الفلاحين، وذلك تشجيعاً لهم للتوسع بزراعة الذرة الصفراء، نظراً لأهميتها الاقتصادية وكونها مادة رئيسية لمربّي الدواجن.

إنتاج الدونم لم يتجاوز 250 – 300 كغ في حين بلغ العام الماضي 400 كغ

ما من شك بأن محصول الذرة، (في حال توفر النية والقرار بالحفاظ عليه وزيادته)، يعتبر من المحاصيل الهامة لما يحققه من قيمة مضافة عبر تصنيعه، وما توفره الصناعات المرتبطة به على مستوى تقليص فاتورة المستوردات، لكن الله أعلم بالنية والقرار؟ …

لم ينفذ أيّ منها؟!
في العام الماضي وبالتحديد في شهر نيسان، وافق رئيس مجلس الوزراء على توصية اللجنة الاقتصادية المتضمنة تأييد مقترح وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بإدراج منشآت تجفيف الذرة الصفراء العلفية ضمن برنامج دعم أسعار فائدة القروض، وهذا القرار يأتي في سياق التوجه الحكومي للإسراع بعملية تأهيل مجففات الذرة الصفراء العلفية ووضعها بالخدمة، ما يساعد على تشجيع زراعة هذه المادة، باعتبارها إحدى المواد الحيوية اللازمة لتأمين احتياجات الثروة الحيوانية.
و في العام ما قبل الماضي أيضاً، تمت الموافقة من قبل رئيس مجلس الوزراء على توصية اللجنة الاقتصادية المتضمنة تأييد مقترح وزارتي الاقتصاد والتجارة الخارجية والزراعة والإصلاح الزراعي بتشميل إقامة منشآت لتجفيف الذرة الصفراء العلفية ضمن برنامج إحلال بدائل المستوردات، لأن إقامة هذه المنشآت تسهّل عملية التجفيف وتزيد من جودة المنتجات الزراعية، إضافة إلى التوسع بزيادة المساحات المزروعة بهذه المادة.
أخيراً، بقي أن نقول للقائمين على الزراعة وأصحاب القرار: أين أفعالكم من تلك القرارات وأين الدعم المقدم للفلاح؟ فأيهما توافقون وتؤيدون، دعم الإنتاج والمنتح أم دعم الاستيراد؟!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
ناقش مذكرة تتضمن توجهات السياسة الاقتصادية للمرحلة المقبلة.. مجلس الوزراء يوافق على إحداث شعبة الانضباط المدرسي ضمن المعاهد الرياضية "ملزمة التعيين" وزارة الدفاع: قواتنا المسلحة تستهدف آليات وعربات للإرهابيين وتدمرها وتقضي على من فيها باتجاه ريف إدلب الجنوبي مشاركة سورية في البطولة العالمية للمناظرات المدرسية بصربيا القاضي مراد: إعادة الانتخابات في عدد من المراكز في درعا وحماة واللاذقية «لوجود مخالفات» غموض مشبوه يشحن الأميركيين بمزيد من الغضب والتشكيك والاتهامات.. هل بات ترامب أقرب إلى البيت الأبيض أم إن الأيام المقبلة سيكون لها قول آخر؟ حملة تموينية لضبط إنتاج الخبز في الحسكة.. المؤسسات المعنية في الحسكة تنتفض بوجه الأفران العامة والخاصة منحة جيولوجية ومسار تصاعدي.. بوادر لانتقال صناعة الأحجار الكريمة من شرق آسيا إلى دول الخليج «الصحة» تطلق الأحد القادم حملة متابعة الأطفال المتسرّبين وتعزيز اللقاح الروتيني دمّر الأجور تماماً.. التضخم لص صامت يسلب عيش حياة كريمة لأولئك الذين لم تواكب رواتبهم هذه الارتفاعات إرساء القواعد لنظام اقتصادي يهدف إلى تحقيق الحرية الاقتصادية.. أكاديمي يشجع على العودة نحو «اقتصاد السوق الاجتماعي» لتحقيق التوازن بين البعد الاجتماعي والاقتصادي