ليست سلوكاً عدوانياً.. عندما تتحول الألعاب المحطمة والجدران إلى وسائل تعبير عن إحباط الطفل وخذلانه على الأهل الانتباه
تشرين- بشرى سمير:
وسط ارتفاع أسعارها الكبير وعجز الأهالي عن شرائها بكثرة تتحول ألعاب الأطفال لدى الكثير من الأبناء إلى حطام، وطريقة للتعبير عن انزعاجهم.
وقد لا يقتصر الأمر على تحطيم الألعاب بل يتعداه إلى تكسير مقتنيات المنزل أو الكتابة على الجدران وتمزيق الدفاتر والكتب المدرسية أو حتى الصراخ من دون سبب واضح، وهو ما قد تلاحظه معلمة الروضة، وتحاول التعامل معه.
وتقول سوسان حمامية معلمة روضة إنّ هناك بعض الأطفال يعمدون إلى تخريب ألعاب الروضة أو الكتابة على الجدار رغم التحذيرات ، ومرد هذا الأمر إلى إهمال الأهل للطفل وعدم تعليمه العناية بالأشياء منوهة بأن الدلال الزائد قد يكون أحد الأسباب
نزعة عنف
وترى الدكتورة وفاء طرابيشي اختصاصية طب نفس الأطفال أن هذه الأفعال معتادة لدى معظم الأطفال لكن عندما تزداد هذه التصرفات عن الحد المقبول وتتحول إلى درجة من نزعة العنف والتدمير والعدوانية وتكون بعيدة عن كونها مجرد رغبة الطفل في اللعب والاستكشاف، هنا يجب على الأهل معرفة السبب.
وتوضح طرابيشي أن الطفل يلجأ إلى هذا السلوك وسيلة للتعبير وليس بغرض توجيه الأذى والازعاج، لأن الأطفال لا يمكنهم التعامل مع شعور الإحباط والخذلان والمشاعر المعقدة، لذلك لا يكون أمامهم سوى حل واحد وهو تدمير الأشياء نوعاً من التحرر الذي يجعلهم يشعرون بتحسن ولو لفترة وجيزة.
عواقب وخيمة
وتؤكد د. طرابيشي أنه إذا لم ينتبه الآباء مبكراً ويتعاملوا بجدية مع الأمر، فقد يؤدي السلوك التخريبي إلى عواقب وخيمة للطفل خلال مرحلة البلوغ وحتى بعد وصوله لسن الرشد منوهة بضرورة معرفة أن الأطفال لا يستطيعون تحمل مشاعر الإحباط أولاً، وبالتالي عندما يحدث شيء غير متوقع أو مخيب للآمال أو يتطلب منهم استخدام مهارات للتأقلم، يواجهون صعوبة في التعامل بفاعلية، وبالتالي تحدث نوبات الغضب والتخريب لأنهم لم يكتسبوا بعد المهارات اللازمة للتعامل مع التوتر الذي يعانونه. ويساعد إطلاق تلك الطاقة جسدياً على تخفيف معاناتهم لبعض الوقت، قبل أن يتكرر في دورة جديدة إذا تواصلت المثيرات نفسها، وهو النمط السلوكي الذي يمكن ملاحظته بشكل خاص لدى الأطفال الذين يعانون حالات فرط الحركة وضعف التركيز وتشتت الانتباه ADHD أو اضطرابات المزاج.
الإحباط ونوبات الغضب
وتبين الدكتورة طرابيشي أنه على الأهل في تلك المرحلة مساعدة الطفل على ضبط سلوكه وتصرفاته بشكل أفضل وفهم سبب قيامه بما يفعله. فالنوبات المتكررة التي يسميها الأطباء عدم التنظيم العاطفي يسهل تسميتها جزافاً بنوبات الغضب أو العدائية، لكن في كثير من الحالات ينبع السلوك العنيف والتخريبي من القلق أو الإحباط الذي قد لا يكون واضحاً للآباء أو المعلمين.
اختصاصية: يجعلهم يشعرون بتحسن لفترة وجيزة وقد يؤدي إلى عواقب وخيمة
وتؤكد المرشدة الاجتماعية جمانة الجبان أنّ العلاج يكون بمعرفة و فهم السبب الحقيقي وراء مشاكل سلوك الطفل من أجل التعامل معها بشكل فعال، ويكون بداية ذلك عن طريق الحوار والاستماع إلى الطفل بشكل جيد ومحاولة فهم مشاعر الطفل ومساعدته في التعبير عنها بالكلام وليس بتدمير وتكسير الأشياء، وفي حال كان السبب في تصرفات الطفل هو من أجل إجبار الأهل على تنفيذ ما يطلب فإن الرضوخ إلى طلبه يعزز تلك النزعة لديه، لأنه بذلك يتم إعطاء الطفل إحساساً بالسيطرة غالباً ما سيواصل استخدامه فيما بعد لتحقيق رغباته مهما كانت ضارة وغير ملائمة له.
غياب رقابة الأهل
موضحة أن الطفل غير الخاضع للإشراف غالباً ما سيبتكر في طرق الترفيه عن نفسه، ولهذا السبب فإنّ الإشراف والمتابعة الدائمة ضروريان لتجنب ذلك الانحراف.
كذلك تعد مشاعر الملل من أخطر ما يعانيه الطفل ويدفعه على الأغلب إلى النشاطات المؤذية والتخريبية وبدلاً من قيام الأطفال بتعذيب الحيوانات الأليفة مثل القطة للتسلية يمكن الترفيه عن أنفسهم عن طريق وضع برامج وأنشطة تملأ وقتهم، واستثمار طاقاتهم الجسدية والذهنية وقضاء الوقت باكتساب المهارات وتعلم أشياء جديدة ومفيدة، والعمل على معاقبة الطفل الذي يكسر ألعابه بعدم شراء ألعاب جديدة له حتى وإن كانت رخيصة الثمن، وإلزامه بتنظيف الجدار الذي كتب عليه لتعليمه تحمل مسؤولية أفعاله. وترى الجبان أن مراقبة الأهل للطفل والاهتمام به وتشجيعه هي الحل لكل المشاكل النفسية التي قد يتعرض لها الطفل لأنه لا يوجد علاج أفضل من حنان الأهل ورعايتهم.