من يضمن عدم تسلل الشيطان إلى عمق المجالس المحليّة.. هواجس من تطبيقات قرار السماح بتشغيل آليات الوحدات الإدارية لصالح الغير
تشرين- غيداء حسن:
أصدرت رئاسة مجلس الوزراء مؤخراً القرار رقم /47/م.و الذي أجاز لمجالس البلدات والبلديات في كل المحافظات التشغيل مقابل الأجر على وحدة الإنتاج لكل الآليات والمعدّات والتجهيزات العائدة لها (جرارات – صهاريج- باصات- تركسات- بواكر وغيرها) ولغير أعمال المقاولات، إضافة إلى الغاية من تخصيصها أو امتلاكها، وبما لا يؤثر في أداء مهامها لديها، وذلك لمصلحة المواطنين ومساهمة في تنمية وخدمة المجتمع المحلي، كما أجاز القرار لمجالس المدن ومدن ومراكز المحافظات تشغيل باصات النقل الجماعي العائدة لها فقط، إضافة إلى الغاية من تخصيصها أو امتلاكها، وأيضاً بما لا يؤثر في أداء مهامها لديها، وذلك لمصلحة نقل المواطنين ومساهمة في تنمية وخدمة المجتمع المحلي، وتضمنت المادة الثالثة منه أنه يطبق بخصوص تشغيل الآليات والمعدات والتجهيزات، واستخدامها لمصلحة المجتمع المحلي والعائدة للوحدات الإدارية، نظام التشغيل المرفق الصادر عن وزير الإدارة المحلية والبيئة.
وحسب القرار، تعد خطة المحروقات اللازمة لعمل الآليات المشغلة معدلة حكماً لمصلحة خدمات المجتمع المحلي، وتعد كل آلية ومعداتها مركز كلفة يدقق مزودوه وأثره دورياً، ويجب أن تكون كل آلية مزودة بجهاز (جي بي إس), كما يعد رؤساء الوحدات الإدارية ومحاسبوها مسؤولين عن حسن تطبيق هذا القرار ونظام التشغيل المذكورين والالتزام بأحكامهما.
والسؤال هل يخدم هذا القرار قضية اللامركزية الإدارية؟ وكيف ستكون الرقابة على أعضاء المجالس لعدم استفادة البعض منه لمصالح شخصية؟
تترك الباب مفتوحاً
في ملاحظاته على هذا القرار، أوضح مدير المجالس المحلية السابق في وزارة الإدارة المحلية بسام قرصيفي لـ”تشرين” أن كلمة «يجوز» الواردة في بداية المادة الأولى من القرار، تترك للمُطالَب بتنفيذه (المجالس المحلية في المدن والبلدات والبلديات) سلطة تقديرية لتنفيذ القرار أو عدم تنفيذه، وهذه إحدى مثالب صياغة التشريعات والقرارات التي تترك الباب مفتوحاً أمام من يريد مراعاة مصالحه الشخصية، إن كان في تنفيذ القرار أو عدم تنفيذه.
لا يخدم قضية اللامركزية الإدارية
ورأى قرصيفي أن القرار المذكور لا يخدم قضية اللامركزية الإدارية، التي جاء قانون الإدارة المحلية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /107/ لعام 2011 حاملاً لواءها، واستحدث مجلساً أعلى للإدارة المحلية، أولى مهامه وضع وإصدار الخطة الوطنية اللامركزية، وهذا القرار يمثّل أسلوب المركزية الذي لا يتماشى مع التوجه الذي اعتمده القانون.
قرصيفي: كلمة «يجوز» تترك للمُطالب بتنفيذه سلطة تقديرية لتنفيذ القرار أو عدم تنفيذه
وأشار إلى أن البند رقم /8/ من المادة رقم /61/ من القانون نصّ على أن المجلس المحلي للمدينة أو البلدة أو البلدية يضع أسس التصرف بالأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة للوحدة الإدارية، بيعاً وإيجاراً واستثماراً، ضمن القوانين والأنظمة المرعية، وهذا يعني أنه كان من الأجدى دعوة الجهة التي خوّلها القانون البتّ في كل الشؤون والتدابير التي يراها متعلّقة بالإدارة المحلية، ( المجلس الأعلى للإدارة المحلية) وإصدار قرار بالإيعاز للمجالس المحلية في المدن والبلدات والبلديات للمبادرة لتنفيذ أحكام البند /8/ الآنف الذكر على الآليات ووسائل النقل التي تعود ملكيتها للوحدة الإدارية، لكون القانون المالي لمجالس المدن والبلدات والبلديات رقم /37/ لعام 2021 لم يلحظ ذلك، وكذلك لم تلحظ المادة /134/ من قانون الإدارة المحلية التي تتضمّن الموارد المالية لمجالس المدن والبلدات والبلديات ذلك أيضاً.
لا ينسجم مع أحكام الدستور
وأضاف قرصيفي: أخيراً وليس آخراً إن القرار المذكور لا ينسجم مع أحكام البند /1/ من المادة /131/ من دستور الجمهورية العربية السورية الذي نصّ على أن تنظيم وحدات الإدارة المحلية يرتكز على مبدأ تطبيق لا مركزية السلطات والمسؤوليات، وهو ما استند إليه قانون الإدارة المحلية لاعتماد اللامركزية الإدارية ووضع وإصدار الخطة اللازمة لتنفيذها.
ضوابط عديدة
وفي معرض إجابته عن تساؤلات “تشرين”: ألن يفتح هذا القرار الباب واسعاً أمام البعض من أعضاء المجالس للتجاوز أو ربما الفساد في تطبيقه وفق الصلاحيات الممنوحة لهم؟ وما الآلية التي يتم من خلالها تشديد الرقابة على أداء المجالس في هذا المجال ومحاسبتها في حال التجاوز واستغلال الصلاحيات الممنوحة لمصالح وفوائد شخصية؟ وهل ستكون هناك رقابة دورية على ذلك وما الآلية؟ أكد مدير الشؤون القانونية في وزارة الإدارة المحلية والبيئة عيد النبوتي أنه بهدف ضبط عمليات التشغيل وتحقيق الغاية المرجوة، المتمثلة بتقديم خدمة للمجتمع المحلي، تم وضع ضوابط عديدة تضمن ذلك، وصدر لهذه الغاية قرار وزير الإدارة المحلية والبيئة رقم 177/ن تاريخ 12/10/2023 المتضمن نظام التشغيل للآليات العائدة للوحدات الإدارية واستخدامها لمصلحة المجتمع المحلي، ومن هذه الضوابط:
النبوتي: لضبط عمليات التشغيل صدر قرار يتضمن نظام التشغيل للآليات العائدة للوحدات الإدارية واستخدامها لمصلحة المجتمع المحلي
-يجب ألا تؤثر عمليات التشغيل في أداء مهام الآليات لدى الوحدات الإدارية، ولا يجوز تشغيل الآليات لأعمال المقاولات، بل لتقديم خدمة للمجتمع المحلي بما يساهم في تنميته، كما يجب أن يتضمن الإعلان عن الآليات المتوفرة والخدمات المتاحة ووحدة الإنتاج وبدل الخدمة على وحدة الإنتاج، ونص القرار على تشكيل لجنة واحدة في كل محافظة من الجهات المعنية لتحديد أجر وبدل كل خدمة على حدة، آخذة بعين الاعتبار كل العوامل التي تدخل في تحديد التعرفة، ويصدّق رئيس الوحدة الإدارية على محضر اللجنة بعد عرضه على المكتب التنفيذي للوحدة الإدارية.
سجلات خاصة بعمليات التشغيل
ولفت النبوتي إلى أن من الضوابط أيضاً أنه يجب على الوحدات الإدارية تنظيم سجلات خاصة بعمليات التشغيل (سجل التشغيل – سجل الإيرادات – سجل المحروقات – سجل المصرف – سجل الصيانة – سجل السائقين)، ومسك سجل دور لطلبات الخدمات وأنواعها، ويحدّد في هذا السجل ساعة ويوم وتاريخ التسجيل، ويرقم بأرقام تسلسلية، وهذا السجل يمكن أن يكون ورقياً أو إلكترونياً، ويشاهَد بشكل يومي من رئيس الوحدة الإدارية ويراعى تقديم الخدمات لأكبر عدد ممكن من المواطنين، بحيث يؤخذ بعين الاعتبار سقف المساحات والكميات للأعمال المطلوب تنفيذها، ويتم تأمين المحروقات اللازمة لعمل الآليات المشغلة على أساس الإنتاج، إضافة إلى المهام الموكلة إليها في الوحدة الإدارية.
مرافقة الآلية
كما يجب على الوحدة الإدارية تكليف أحد العاملين لديها بمرافقة الآلية أثناء التشغيل وضمان مبيتها في مكان آمن وعلى مسؤوليته، ولا يجوز مبيت الآلية لدى السائق بأي شكل من الأشكال.
وأخيراً اعتبر قرار مجلس الوزراء رقم 47/م. و لعام 2023 رؤساء الوحدات الإدارية ومحاسبيها مسؤولين عن حسن تطبيق هذا القرار ونظام التشغيل.