الموسيقا في الحضارة الغربية.. بداية نهضتها في عصر الباروك

تشرين- إدريس مراد:

في القرون الوسطى أيّ قبل النهضة، كانت الموسيقا الأوربية محبوسة بين جدران الكنيسة، واعتُبِرت الموسيقا الدنيوية، أيّ الموسيقا التي تُؤدى خارج الطقس الديني وقتذاك حراماً، وكان يتعرض أصحاب هذه الموسيقا(الدنيوية) إلى انتقادات شديدة ونبذ واستهجان لأصحابها، وفي تلك الفترة قام البابا غريغوري الأول بجمع وترميز موسيقا عُرفت بالإنشاد الغريغوري، الذي بدا مُرحباً به في الكنيسة، والأناشيد الغريغورية ظلّت ترتقي وتزدهر طوال خمسة قرون حتى أصبحت تجمع كل ما اتُصِف بالرصانة وجمال التعبير في منظور ذلك العصر.
ويضم تراث الأناشيد (الغريغوريانية) عدداً كبيراً من الألحان، التي تحمل جانباً كبيراً من الإتقان، وتشمل تراث الأناشيد الغريغورية حصيلة التراثين اللاتيني والشرقي البيزنطي معاً، وبهما بلغ الغناء الديني قمة من الكمال.

ظهور الموسيقا الشعبية
من جانب آخر، بدأت الموسيقا الشعبية تُعزف في أوروبا حوالي سنة 1200م، حيث ظهر نوع من الموسيقا لم ينشأ في الأديرة ولم ترعه الكنيسة، ألّفه موسيقيون إيطاليون، وإسبان، وإنجليز وفرنسيون على الترتيب، ولا يزال يُعزف على مسارح العالم، كما وِجدت مجموعات من الشعراء الغنائيين الجوّالين سكنوا في شمال فرنسا، وذلك في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين، وسُميت هذه المجموعات (التروبادور) والكلمة أصلها عربية، أتت من (الطرب والدور)، و(الدور) شكل من أشكال الغناء العربي، ووجِد أيضاً شعراء مغنون مثلهم في جنوب فرنسا وشمال إيطاليا من القرن الحادي عشر إلى نهاية القرن الثالث عشر، ومجموعة أخرى تُسمى (الغزليين) في ألمانيا كانت تنشد الحب والغزل في رحلاتها التي عمّت البلدان، وكان الفضل لهؤلاء في إيجاد نمط جديد من الغناء الشعبي، حيث لاقى جذباً من الشعوب الأوربية عموماً، ويُقال إنّهم من تلاميذ مدرسة ( زرياب) التي تأسست مع الحكم العربي الأندلسي، والتي تعلّم فيها الموسيقا والغناء طلبة من جميع أنحاء أوروبا، وبالتالي كان لموسيقيّ الشرق دور كبير في تطور الموسيقا الأوربية عندما نقلوا آلاتهم وتجاربهم الموسيقية إلى الأندلس لتعم أوربا.

زمن الصحوة
في بداية عصر النهضة بقيت الموسيقا الأوربية بين أسوار الكنيسة، كما كانت في عصر ما قبل النهضة ولم تخرج لعامة الشعب، وتميزت بكونها موسيقا دينية بحت، ما بين ترانيم وأناشيد وتراتيل، وبرز فيها الصوت البشرى، واستعملت فيها بكثرة آلة الأورغن الخشبية وهي آلة ضخمة الحجم، عبارة عن أنابيب أسطوانية متراصة بشكل متواز، وتشبه آلة البيانو.
ولكن نستطيع القول بأنّ هذا العصر كان وقتاً لصحوة ثقافية ضخمة وتبرّعم للفنون والآداب و العلوم على امتداد أوروبا، وحاولت الموسيقا أن تتحرر، وكتبت بعض الأعمال الموسيقية، كما دونت بعض الألحان الشعبية.

النقلة النوعية
بدأت النقلة النوعية للموسيقا الأوربية بين عامي 1600 – 1750 م، هذه الفترة التي سميت بعصر الباروك، وكلمة الباروك مصطلح استخدم في فن العمارة والتصوير وتعني اللؤلؤة الغربية، وهي شكل من أشكال الزخرفة، ولإيطاليا دور بارز بهذه النقلة، ومن أهم أعلام الموسيقا لذلك العصر عازف الأرغن فرسكوبالدي الذي عاش بين عامي 1583-1644م، وبعدها في القرن الثامن عشر نشأت ما سُميت بالموسيقا الكلاسيكية، التي اهتم فيها الموسيقيون باللحن والتلوين الخاصين بكل آلة، وكانت تعزف في القصور والبلاط الملكي.

المنعطف الأكبر في الموسيقا
ومع انطلاقة الثورة الفرنسية في عام 1789م، هذا الحدث الذي عُدَّ منعطفاً كبيراً في الحياة البشرية، وعكس بفكره على أوربا عموماً وتالياً تغيرت الاتجاهات الفنية والأدبية ومنها الموسيقية التي خرجت من القصور والبلاط الملكي إلى عموم الناس، وتأسست ما تسمى بالموسيقا الرومانسية، وبدأت هذه الموسيقا تحاكي العاطفة والوجدان حيث كانت الموسيقا الكلاسيكية تجسد الفن العقلاني، ومن أوائل المؤلفين الموسيقيين الذين تأثروا بهذه الأفكار والمبادئ كان المؤلف الموسيقي بيتهوفن.
ومازالت الموسيقا تؤدى بطرق مختلفة، منها الأوركسترا، أو الفرقة الأوركسترالية وهي طريقة أداء تطورت في الغرب ودخلت مسارح العالم وأصبحت لغة حوار للعالم أجمع.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
بسبب ارتكاب مخالفات واقتراع الناخبين ذاتهم أكثر من مرة.. القاضي مراد: إعادة الانتخابات في عدد من مراكز حلب وريفها المقداد يعزي البوسعيدي بضحايا حادث إطلاق النار الذي وقع في محافظة مسقط ناقش مذكرة تتضمن توجهات السياسة الاقتصادية للمرحلة المقبلة.. مجلس الوزراء يوافق على إحداث شعبة الانضباط المدرسي ضمن المعاهد الرياضية "ملزمة التعيين" وزارة الدفاع: قواتنا المسلحة تستهدف آليات وعربات للإرهابيين وتدمرها وتقضي على من فيها باتجاه ريف إدلب الجنوبي مشاركة سورية في البطولة العالمية للمناظرات المدرسية بصربيا القاضي مراد: إعادة الانتخابات في عدد من المراكز في درعا وحماة واللاذقية «لوجود مخالفات» غموض مشبوه يشحن الأميركيين بمزيد من الغضب والتشكيك والاتهامات.. هل بات ترامب أقرب إلى البيت الأبيض أم إن الأيام المقبلة سيكون لها قول آخر؟ حملة تموينية لضبط إنتاج الخبز في الحسكة.. المؤسسات المعنية في الحسكة تنتفض بوجه الأفران العامة والخاصة منحة جيولوجية ومسار تصاعدي.. بوادر لانتقال صناعة الأحجار الكريمة من شرق آسيا إلى دول الخليج «الصحة» تطلق الأحد القادم حملة متابعة الأطفال المتسرّبين وتعزيز اللقاح الروتيني