“أخوة الجنون”.. كوميديا سوداء تعالج الواقع بالهروب إلى الجنون

تشرين- نصار الجرف:
يعد مهرجان الراحل محمد الماغوط المسرحي في سلمية، تخليداً لعلم من أعلام المسرح السوري والعربي والعالمي، الذي قدم مسرحاً هادفاً وملتزماً بقضايا الإنسان، وناصره في تقرير مصيره وتحقيق العدالة والحرية، فكان مؤمناً بانتصار إرادة الإنسان على الظلم والطغيان. فقد أصبح (المهرجان)، محط اهتمام العاملين في ” أبو الفنون” من مخرجين وممثلين، من أجل تقديم إبداعاتهم في هذا الفن، أمام جمهور نوعي وتواق للفرجة لعروض المسرح، بل وناقد لها.
وفي الأمس كنا على موعد مع عرض مسرحي بعنوان”أخوة الجنون” من إعداد وإخراج الفنان زيناتي قدسية، وهو العرض المسرحي الأول في سلمية ضمن برنامج المهرجان، الذي افتتح الثلاثاء الماضي بعرض في مدينة حماة، ويقام برعاية وزارة الثقافة ومديرية المسارح والموسيقا ومديرية ثقافة حماة.
ورغم إمكانات مسرح ثقافي سلمية المتواضعة (مع العلم أنه تمت صيانته وتصميمه مؤخراً) إلا أن خشبة المسرح لم تجهز بشكلٍ جيد يناسب هذه المهرجانات من حيث الافتقار إلى التجهيزات والتقنيات الحديثة الخاصة بالعمل المسرحي تحديداً، من إضاءة وصوت وديكور و غيرها.
العمل المسرحي” أخوة الجنون” هو مشاركة لفرع حمص لنقابة الفنانين.. ويمثل فكرة الهروب من الواقع إلى الجنون، ويشكل حالة انهزامية إلى عالمٍ غامض، مملوء بالتناقضات، وفيه الكثير من الرمزية والإسقاطات السياسية والإنسانية.
بدأ العرض بدخول للفرقة من بين الجمهور مرددين تحية لسلمية” مملكة الشمس”: كوني سلمية ما تبقى من مسامات بجلدي.. انا في ابتعادي منك قرب وقربي منك بعدي.. إن الذي أبنيه مجدك يا سلمية ليس مجدي.. إن الذي أعنيه أضعاف الذي أخفيه وأبدي

قالوا في العمل
يذكر نضال الماغوط – شاعر وباحث-: فكرة العمل هي أن في هذا العالم، الذي يسوده الظلم، وتُصلب العدالة، ومسؤولية.قول الحقيقة هي مسؤولية إنسانية عامة، وإذا ما تم التغاضي عن الدفاع عنها فستصبح الإنسانية ضحية هذا الظلم، فالهروب من المسؤولية جريمة الإنسان بحق نفسه، ولا بد من التصدي للظلم والنضال من أجل العدالة.. والعمل من الناحية الفنية لم يعتمد على الإبهار بالإضاءة أو في الأداء، بل كان أقرب إلى الأداء التلقائي وهذا ظهر في أداء الفنان قدسية، الذي كان أداؤه سلساً ومطواعاً، وكان في العمل، رغم سوداويته، لحظات إمتاع عبرت من خلال أداء الممثلين.. في المحصلة هو عمل مسرحي قيم يستحق المشاهدة، وينتمي إلى عالم المسرح الملتزم، الذي يهدف إلى إعطاء الفائدة والمتعة.
أما محمد الشعراني – ممثل ومخرج مسرحي- فقال:
” أخوة الجنون” هو انحياز لصالح الأداء والفكرة، أداء الممثل الممتلك لأدواته، الفكرة اللامعة المقدمة بنوع من العبثية أو اللامعقول(لا معقولية الحدث)، التشكيل بالأداء والتنويع بنوع المسرح من الغروتسك(كوميديا التحقير الفكاهي) إلى الواقعية المباشرة.. كما أبدع الممثلون بأداء أدوارهم، وكان لعميد المسرح زيناتي قدسية دور القائد على الخشبة ومنظم إبداع الممثل ومفجر طاقاته.
فيما يقول عبد العزيز مقداد- شاعر -: عمل فني مميز، يطرح العديد من الأفكار عن طريق الطرح الكوميدي لمجموعة اعتزلت ونأت بنفسها عن الناس، وحتى تعيش سعيداً، يجب عليك أن تفقأ عينيك كي لا ترى الحقيقة والعدل، وحين تعجز عن ما يجري أمامك فلا بد لك من الهروب.. كل ذلك عولج بأسلوب كوميدي ناجح قدمه القدير زيناتي قدسية ومجموعة ممثلين رائعين أدهشوا الجميع بالأداء.
ويذكر الإعلامي نزار جمال: خشبة المسرح غير مجهزة نهائياً لعرض مسرحي، ولكن زيناتي قدسية بحرفيته استطاع أن يطوّع الخشبة لصالح العمل، وهو عمل كوميديا سوداء تعبّر عن آلام الناس والوضع المعيشي الصعب، وفيها إسقاطات كانت واضحة للمتلقي.
بشكل عام العمل فيه فكرة كبيرة وهي أن الوطن يجب ألا نلهو عنه بشيء، فهو بحاجة إلى كل أبنائه.
وأخيراً مع الفنان زيناتي قدسية الذي يقول: جمهور سلمية، مميز تاريخياً، فمدينة أنجبت محمد الماغوط، تحصيل حاصل أن نشاهد فيها مثل هذا الجمهور ، الذي يمتلك حداً كبيراً من الوعي، ولا أكتمك سراً بأنني كنت أشعر بقلق عند مواجهة جمهور سلمية بهذا العرض، لكن هو من أدار العرض وهو من وجه العرض برغبته.
خشبة المسرح ليس فيها أي تقنيات للعرض المسرحي ، وقد استعنت ببلجكتورات إضاءة من الخارج، وينبغي على المسؤولين على المراكز الثقافية أن يزودوا المسارح بأجهزة إنارة وتقنيات المسرح الأخرى، وإلا كيف يمكن أن تقام مهرجانات مسرحية وتقدم العروض على خشبات كهذه، وأناشد شخصياً وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح أن تزود المسارح بتقنيات المسرح في المحافظات وخصوصاً حمص وحماة ومدينة سلمية.
* شارك في العرص الممثلون: زيناتي قدسية، حسين عرب، أفرام دافيد، بشار منصور ، طارق جبور، إلياس فرهود، ليث كراكيت، عز الدين عيسى، زين الدين قلعاوي..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
شكل وبنية الاقتصاد الوطني بالمرحلة القادمة خلال ورشة حوارية في هيئة الاستثمار السورية أكثر من ألف حاج يومياً يغادر مطار دمشق إلى مطار جدة السعودي..وتأمين كافة متطلبات الحجاج وتسهيل أمورهم الخارجية: تكرار بعض الدول الغربية مواقفها السلبية أمام ما يسمى مؤتمر بروكسل يؤكد استمرارها في سياساتها الخاطئة تجاه سورية سورية تستنكر دعوة مؤتمر بروكسل لعدم عودة اللاجئين: كان الأجدى به تخصيص تمويل لدعم هذه العودة وتعزيز مشاريع التعافي المبكر توقيع اتفاقية بين وزارة السياحة ومجلس مدينة اللاذقية لإحداث حاضنة تراثية وسوق للمهن اليدوية يتمتع بطاقة إنتاجية واعدة.. وضع بئر جحار- ١٠١ الغازي بالإنتاج الرئيس الأسد يزور طهران ويقدم التعازي للسيد الخامنئي والرئيس المكلف مخبر باستشهاد رئيسي وعبد اللهيان تفقد أول مشروع تشاركي بين القطاعين العام والخاص في محطة دير علي الكهربائية.. المهندس عرنوس: التشاركية نهج إستراتيجي معتمد في سورية أسئلة القومية متنوعة والإجابة عن بعضها يتطلّب مهارات التحليل والاستنتاج والدقة إدارة أملاك الدولة على طاولة النقاش المشترك.. تعزيز الاستثمار الأمثل المدعوم بالتنظيم القانوني والحماية