من أجل إبداعٍ يليقُ بهم.. جمعُ الاختلاف والتكامل في «أدب الرياض والأطفال والفتيان»

تشرين- راوية زاهر:
منذ عنوان كتابه «أدب الرياض والأطفال والفتيان» الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب – وزارة الثقافة، يوضح الناقد السوري سمر روحي الفيصل؛ أبرز إشكالية في الأدب الموجه للطفل، والذي على الأغلب يُقدم «دوغما» من دون تحديد الشرائح العمرية للأطفال، إذ كل شريحة لها معاييرها في الكتابة تختلف – لغة وتراكيب وصوراً- عن الأخرى، وإلا أوقعنا الطفل في التباس مع ما يُقدم له، لذلك يلجأ سمر روحي الفيصل إلى التمييز بين شرائح ثلاث للأطفال تبدأ من سن الرياض، مروراً بالأطفال، وأخيراً الفتيان.
صحيحٌ أنّ مسألة التمييز بين الشرائح العمرية؛ ليست هي الإشكالية الوحيدة في أدب الأطفال، ولكن بتقدير الفيصل أن معرفة الشريحة التي يٌقدم لها النتاج الإبداعي بدقة تحل الكثير من الإشكاليات الأخرى التي تنتاب أدب الأطفال منذ عتيٍّ من السنين.
ورغم التفاصيل التي يشتغل عليها الناقد الفيصل في شرائح الأطفال الثلاث، غير أن جمعها في كتاب واحد يأتي من نظرته إلى أن هذه الآداب الثلاثة متكاملة، ففي حين تبدأ شخصية الطفل تتشكل في مرحلة الطفولة المُبكرة، وتملك الأسس التي ستسير عليها في حياتها القابلة، تروح مرحلة الطفولة التالية تُضيف إلى مكونات الشخصية قدراً من المعايير والقيم والمعارف، ثم تفتح هذه الشخصية على الحياة الاجتماعية في مرحلة المراهقة، وتشرع تبحث عن إمكاناتها الخاصة، وموقعها في الأسرة وبين الأتراب، وتتجه بانفعالاتها وتمردها وتطلعاتها إلى مرحلة الرشد. من هنا، فإنّ التكامل بين هذه الآداب الثلاثة يحتاج من الأديب إلى نصوص متكاملة، لأن النظرة الأدبية يجب أن تنطلق من اختلاف هذه المراحل، وحاجة كل مرحلة إلى أدبٍ مُغاير لأدب المرحلة الأخرى. فخصائص الأدب في رياض الأطفال؛ أنه أدب منطوق، وليس أدباً مكتوباً، لأن الطفل في سنّ الرياض بين ثلاث سنوات إلى خمس سنوات لا يُجيد القراءة، كما يعني ذلك أن النصوص المنطوقة التي تُقدم إليه سرداً في القصة، وغناءً في النشيد، وتمثيلاً في المسرحية، لابد من أن تتوافر فيها شروط لغوية تجعلها ماتعة مفهومة وقادرة على أن تُنمي لغته. من هنا لابد من تقديم أدب خاص بهذه المرحلة، يضمُّ نصوصاً تُعرّف الأطفال بالحياة حولهم وتغرس القيم، وتدمجهم مع الجماعة وإن صغرت، وبين الأتراب وإن قلّ عددهم، كما تُساعدهم على تفتح مواهبهم الكامنة. وتختلف الكتابة لأطفال مرحلة التعليم الأساسي بين السادسة والثانية عشرة عما قبلها اختلافاً كبيراً، رغم أنه لا يتضح في بداية هذه المرحلة، وهنا تبدو الصعوبة في الكتابة بين المرحلة الأولى والمرحلة العليا التي تبدأ من سن التاسعة، ولاسيما في إشكالية القيم، والتي يُرجعها الباحث إلى القرن التاسع عشر، حين بدأ الرواد الأوائل الأجانب يكتبون للأطفال من دون معرفة علمية، وبقيت هذه المشكلة مستمرة حتى ثلاثينيات القرن الماضي مع مجيء علم نفس الطفل، وهنا على الكاتب أن يحرص على عدم الاكتفاء بالألغاز والمغامرات، بل يُقدم لهم السير العلمية والتاريخية بأسلوب قصصي، ويزج بهم في تقنيات العصر واختراعاته وتخيلاته.
ورغم أنه ليس هناك من تحديد صارم لمغادرة الطفل مرحلة الطفولة، ودخوله مرحلة المراهقة، لأن طفل المرحلة العليا يبدأ شيئاً فشيئاً، في الحادية عشرة، أو الثانية عشرة من عمره؛ يشعر بالتغيرات الجسدية والانفعالية وتتبدل شخصيته ويدخل شيئاً فشيئاً مرحلة الرشد، وهذا ما تنشأ عنه حاجات أدبية ولغوية جديدة، تحتاج إلى أدب يُلبيها، اصطلح على تسميته أدب الفتيان، أو أدب الناشئة، وهو من أكثر الآداب إهمالاً تماماً كأدب الرياض، وفي هذه المرحلة عادة يميل الفتى إلى القصة والرواية كما الحكايات الشعرية.
إن فصول الكتاب تدل على أن التكامل بين الآداب الثلاثة ممكن، وذلك بحرص الأديب على شيئين؛ هما تكامل القيم التي يطرحها في نصوصه، ومراعاة المستوى الفني للمتلقي في كل مرحلة من المراحل الثلاث، وأن يكون الفن رائد القيم وليس تابعاً لها، لئلا تصبح النصوص الأدبية وعظاً وإرشاداً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
في ذكرى تأسيس وزارة الثقافة الـ 66.. انطلاق أيام الثقافة السورية "الثقافة رسالة حياة" على سيرة إعفاء مدير عام الكابلات... حكايا فساد مريرة في قطاع «خصوصي» لا عام ولا خاص تعزيز ثقافة الشكوى وإلغاء عقوبة السجن ورفع الغرامات المالية.. أبرز مداخلات الجلسة الثانية من جلسات الحوار حول تعديل قانون حماية المستهلك في حماة شكلت لجنة لاقتراح إطار تمويلي مناسب... ورشة تمويل المشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة تصدر توصياتها السفير آلا: سورية تؤكد دعمها للعراق الشقيق ورفضها مزاعم كيان الاحتلال الإسرائيلي لشنّ عدوان عليه سورية تؤكد أن النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الجميع مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه ‏الملاحة البحرية.. بسبب سوء الأحوال الجوية صباغ يلتقي بيدرسون والمباحثات تتناول الأوضاع في المنطقة والتسهيلات المقدمة للوافدين من لبنان توصيات بتبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتفعيل نافذة الاستثمار في الحوار التمويني بدرعا