تعاني قلة الحيلة والمشرفين.. معاهد إصلاح الأحداث الجانحين هل من سبيل لتعليمهم تحصيل الرزق الحلال؟!

تشرين – دينا عبد:
يدار معهد خالد بن الوليد بالشراكة بين مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل بريف دمشق والجمعية السورية للتنمية الاجتماعية، ويتم استقبال النزلاء (الأحداث الذكور) من عمر (سنة إلى ما دون 18 سنة)، بعد إحالتهم إلى المعهد بضبوط أصولية من المحامي العام الأول بدمشق أو ريف دمشق عن طريق محكمة الأحداث الجانحين (حسب العائدية)، لتسير عملية استقبال الحدث وفقاً لخطوات شرحها د. حسام الشحاذة مدير معهد خالد بن الوليد لإصلاح الأحداث الذكور، حيث بيّن أنه يتم استلام الحدث وتهدئته نفسياً وانفعالياً من المختصين النفسيين والاجتماعيين في المعهد وبعد فحصه وتقرير وضعه يخضع لعملية تنظيف (حمّام) ويقدم له اللباس المناسب ومواد التنظيف الشخصية، ثم يراقب سلوكه النفسي والاجتماعي لمدة (7) أيام من المختصين النفسيين وتقرر إقامته في المهجع المناسب لنوع الجرم أو الجنحة، والوضع القانوني للحدث (حدث قيد المحاكمة أو حدث محكوم)، ووفقاً للتقرير المسلكي للاختصاصي النفسي الذي يتتبع الحالة بالتعاون مع الجمعية الشريكة.
ويتابع مدير المعهد: يتم فرز الحالات إلى (أميين ومتعلمين)، ويخضع الأميون لدورات محو أمية، ثم امتحانات سبر معلومات للصف السادس، أما المتعلمون فيتم تحويلهم إلى الصف الدراسي المناسب لهم أو الحرفة المناسبة لهم حسب رغباتهم، علماً أن الحرف المتاحة لنزلاء المعهد حالياً هي (الخرز، الصلصال، الحلاقة الرجالية)، ويتم السعي لدى الجمعيات الأهلية ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ومحافظة ريف دمشق لتفعيل حرفة الخياطة (وهي بكامل الجهوزية في المكنات والبنية التحتية، وتحتاج إلى طاقة شمسية ومدربين ومواد تدريب قماش وخيوط)، والسعي أيضاً لتفعيل حرفة (تصليح الهواتف النقالة، الحاسوب، قطع تبديل، صيانة برمجيات).

مدرسة داخل المعهد
وحسب مدير المعهد هناك مدرسة ببنية تحتية جيدة جداً، ويتم الحصر الدوري لأعداد الراغبين باستمرارية تعليمهم، بالتنسيق مع وزارة التربية عبر مديرية التربية في ريف دمشق، لتوفير الكادر التدريسي لأبنائنا النزلاء من طلاب شهادتي التعليم الأساسي والثانوي، وما بينهما من مراحل انتقالية، ولمختلف المقررات والمناهج التعليمية.

دورات توعية قانونية ضد الجرائم والجنح الخاصة بالأحداث والتثقيف ضد مخاطر التدخين والمخدرات

مع التنويه إلى أنه في العام الماضي تم الاحتفال الداخلي بتخريج (2) من طلاب المعهد من حملة شهادة التعليم الأساسي لدورة عام (2022-2023)، وهو ما نعده إنجازاً مبهراً رغم الظروف الصعبة.

نشاطات ترفيهية
يتوفر في المعهد، حسب د.الشحاذة، مقومات النشاطات الترفيهية وما يرتبط بها من بنية تحتية ويتم تنظيم عدة نشاطات ترفيهية داخلية بين الحين والآخر، ومباريات تنافسية بين النزلاء، كما سيتم خلال الأيام القليلة القادمة تنظيم دورات توعية قانونية ضد الجرائم والجنح الخاصة بالأحداث، والتوعية والتثقيف ضد مخاطر التدخين والمخدرات.

العوائق والمنغصات
أما عن العوائق والمنغصات فقد بيّن د. الشحاذة أنه يمكن حصرها حسب الأهمية بنقص المواد الغذائية لثلاث وجبات غذائية (فطور، غداء، عشاء)، لما يقارب ٣٠٠ فرد، وحاجة المعهد لطاقة شمسية لمضخات بئر المياه داخل المعهد، بسبب الانقطاع المستمر للطاقة الكهربائية، وانقطاع ضخ المياه، والحاجة المستمرة والدورية لمياه الشرب والنظافة اليومية، كذلك هناك نقص بمادة المحروقات لآليات المعهد، بسبب الحركة اليومية للنزلاء من وإلى (المحاكم المختصة) في دمشق وريفها ومن جميع المخافر الشرطية، إضافة إلى حالات الطوارئ كإسعاف أحد النزلاء حسب نوع الإصابة وكذلك حاجة كادر المعهد من المختصين النفسيين والاجتماعيين إلى دورات تدريبية أثناء الخدمة للاطلاع على كل ما هو جديد فيما يتعلق (سيكولوجيا الأحداث، علم نفس الطفولة والمراهقة، علم النفس الجنائي)، علماً أن المعهد يحتاج إلى ما لا يقل عن (5) مراقبين ليليين ونهاريين.

٣٠٠ حدث في معهد خالد بن الوليد يتلقون العلاج النفسي حسب الجنحة

أما فيما يتعلق بتطلعات الإدارة لتحسين واقع العمل ففد قال د. الشحاذة: آمالنا وتطلعاتنا كبيرة جداً، وإجراءات تنفيذها بسيطة، لاسيما المتعلقة بتحسين مستوى التربية والتعليم، وذلك بأن يتم لحظ مجموعة من القضايا الاجتماعية في مشروع القانون الجديد للأحداث الجانحين المزمع صدوره حالياً، وهي (إلزامية التعليم الأساسي للنزلاء وخاصة المحكومين منهم، إلزامية محو أمية للنزلاء واعتماد تقرير حسن السلوك داخل المعهد لتخفيف الأحكام ومدة التوقيف للنزلاء المحكومين بعد مخاطبة المحامي العام وقاضي الأحداث، وإعطاء مزيد من الصلاحيات للمختص النفسي للتتبع المسلكي والاجتماعي للنزلاء بعد الإفراج عنهم، ومنح تعويض طبيعة عمل للعاملين في معاهد إصلاح الأحداث الجانحين لا تقل عن نسبة 50% من الأجر، إضافة إلى التفعيل الوظيفي والحقيقي لدور المنظمات الدولية المرخص لها بالعمل والتفعيل الوظيفي والحقيقي لدور الجمعيات والمؤسسات والمبادرات الشبابية، وتقديم جميع التسهيلات اللوجستية الممكنة لها، لمؤازرة الجهات الحكومية لتقديم الدعم المالي والمادي والعيني والتأهيلي لمعاهد إصلاح الأحداث الجانحين.

أعمال ونشاطات الجمعية السورية
منسق فريق الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية في معهد خالد بن الوليد رامي البدين بيّن الدور الذي تقوم به الجمعية ضمن معهد إصلاح الأحداث وذلك بناء على عقد التعاون المبرم والشراكة بين وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والجمعية السورية للتنمية الاجتماعية لتأمين رعاية الأحداث ضمن المعهد من خلال تقديم خدمات الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية والقانونية والتعليمية والتدريبات المهنية والأنشطة الترفيهية والمساهمة في تأمين وتوفير الطعام والدواء حسب الإمكانيات المتاحة للجمعية، إضافة لذلك تنفذ الجمعية برامجها ونشاطاتها ضمن المعهد ومنها الدعم النفسي الاجتماعي، ويقوم به فريق الاختصاصيات من خلال مقابلة اليافعين وتقديم الإسعاف النفسي الأولي ورصد حاجاتهم النفسية بحيث يتم وضع خطط فردية تتضمن (الأنشطة والمشورة النفسية) ويتم العمل على مصالحة اليافعين مع ذويهم ممن كانت علاقتهم سيئة وشبه منقطعة بسبب خلافات عائلية، وتقوم الاختصاصيات بمتابعة تطور الحدث بعد تلقي الخدمات وإعداد التقارير الاجتماعية.

اعتماد تقرير حسن السلوك داخل المعهد لتخفيف الأحكام ومدة التوقيف للنزلاء المحكومين

وفي مجال الإرشاد الجماعي الذي يأتي استكمالاً لبرنامج الإرشاد الفردي وتبعاً لحاجة اليافعين وتكرار المشكلة في المعهد، حيث يتم توزيعهم ضمن مجموعات ووضع خطة لمعالجة هذه المشكلات التي يعانون منها ضمن جلسات الإرشاد الجماعي، مع التركيز على دور الأسرة في بناء الفرد خلال فترة وجوده في المعهد من خلال المتابعات الهاتفية مع الأهل من فريق الاختصاصيات؛ إضافة لمتابعة اليافع وعائلته بعد خروجه من خلال إحالته إلى الجمعية ومراكزها لمساعدتهم في تأمين بيئة مناسبة لليافع وتقديم الخدمات المتوافرة في المراكز، وتتراوح هذه الخدمات بين طبية وعينية وخدمات الدعم النفسي الاجتماعي والتعليمي وحماية الطفولة والتحويل لبرنامج المشروعات الصغيرة لذوي الأحداث والأحداث بعد خروجهم أو التشبيك مع المنظمات والجمعيات الأخرى العاملة ضمن هذا المجال في حال عدم وجود الخدمة اللازمة.

إدارة حالة حماية الطفولة
ووظيفتها حسب منسق الجمعية إجراء مقابلة أولية لليافعين الجدد وتحديد مشكلاتهم وتقييم احتياجاتهم وجمع المعلومات الاجتماعية وتتم إحالتهم إلى ملفات الجمعية (حماية الطفولة، التعليمي، الدعم النفسي، الملف القانوني، إعداد تقارير اجتماعية) وذلك حسب حاجة اليافع ورغبته والتواصل مع الأهل وأخذ موافقتهم ومتابعتهم خلال فترة وجودهم في المعهد وكذلك الملف التعليمي من خلال عمليات الرصد التي يقوم بها القسم التعليمي، فمعظم النزلاء متسربون دراسياً أو من هم في خطر التسرب الدراسي.

ويتم تجهيز المكان بالمستلزمات الدراسية (كتب، دفاتر، أقلام، كل اللوازم التعليمية) والتعاقد مع (12) مدرسين من كل الاختصاصات، وتقوم الجمعية حسب منسق الجمعية باستقبال القسم التعليمي وذلك ضمن ثلاث فئات:
الفئة الأولى (لا يقرأ ولا يكتب دورنا (تعلم الحروف كتابة ولفظاً وتمييزاً) ومهارة القراءة والكتابة وزيادة المخزون اللغوي من مفردات وجمل).
الفئة الثانية (يقرأ ويكتب ولم يحصل على شهادة السادس): يتم العمل على تمكين الطلاب من المواد الأساسية بهدف نيل وثيقة إتمام المرحلة الأولى من التعليم الأساسي (الصف السادس) وبالتنسيق مع مديرية التربية في ريف دمشق يتم إجراء اختبار سبر لطلاب الصف السادس ومنحهم الوثيقة لمن اجتاز السبر بنجاح.
الفئة الثالثة (التاسع والبكالوريا): تضم هذه الفئة الطلاب الملتزمين والمتسربين دراسياً، حيث يتم التعاقد مع مدرسين بكل الاختصاصات؛ إضافة لكل ما ذكر فإن الجمعية تقوم بتنفيذ سلاسل ترفيهية منتظمة ضمن معهد خالد بن الوليد وذلك بهدف تنمية قدرات ومهارات اليافعين وتعزيز التواصل الفعال بين أقرانهم للمساهمة بتعديل السلوك وتعزيز روح الجماعة وضبط الانفعال وتعزيز الذكاء العقلي لديهم وتفريغ المشاعر السلبية وإيجاد جو من الفرح والتفاؤل وتمكين اليافع إلى حين خروجه من المعهد، كما نساهم من خلال المعارض والمسابقات والعروض الفنية برفع ثقة اليافعين بأنفسهم وتحسين الصورة الاجتماعية لهم ولاسيما أمام أسرهم.
وحسب البدين تقوم الجمعية كذلك بتنفيذ برنامج صديق في المعهد وهو عبارة عن مجموعات مرافقة بهدف إيجاد مساحة آمنة بين أفراد المجموعة الواحدة بحيث يستطيعون من خلالها التعبير عن احتياجاتهم بشكل آمن والعمل على تعزيز الثقة واكتشاف الذات وبعض المهارات الحياتية التي تساعدهم على بناء شخصيتهم بين ذواتهم ومع المحيط.
وهناك مسرح تفاعلي يقوم فريق مدرب مختص بتنفيذ مسار مسرح تفاعلي وهي عبارة عن مجموعة تتم مرافقتها بأدوات وأساليب مسرحية من خلال إيجاد مساحة آمنة لليافعين ليستطيعوا التعبير عن مشاعرهم ومشكلاتهم ضمن جو من الثقة بين أقرانهم للوصول لقضايا مجتمعية تتم مناقشتها بين المجموعة وتحويلها لعرض مسرحي تفاعلي تتم من خلاله دعوة الجمهور للمشاركة في الحلول للقضايا المطروحة والمساهمة في نشر الوعي حول الاستجابة للمخاطر التي من الممكن أن يتعرض لها اليافع في المجتمع.
أمام كل هذا تقوم الجمعية بتنفيذ جلسات توعية حول مفهوم العنف القائم على النوع الاجتماعي لليافعين والتي تشمل توضيح مفاهيم «الجندر» والجنس ومفهوم العنف القائم على النوع الاجتماعي وأشكاله من (الزواج المبكر – الحرمان من الموارد والفرص والخدمات – العنف الجسدي – العنف النفسي) وأسبابه وآثاره السلبية، مع طرح مسائل واقعية وتجارب شخصية من اليافعين واقتراحاتهم حول الحلول للحد من انتشار هذه الظاهرة.

أعمال فريق الجمعية
ويضيف البدين: إن فريق الجمعية يقوم بالتواصل المستمر مع الأهل، حيث يتم إجراء اتصالات هاتفية يتواصل فيها اليافعون مع ذويهم على فترات منظمة لضمان حصولهم على هذه الخدمة وذلك بإشراف مساعد المراقب، ولمّ شمل عن طريق العنوان: وذلك بالوصول إلى أهالي اليافعين الذين لا يحفظون أرقام هاتف ذويهم، حيث يقوم متطوعو الجمعية في مراكزنا المجتمعية بزيارة الأهالي وإخبارهم بوجود ولدهم في المعهد والتواصل عبر الهاتف.
وبيّن البدين أنه من أجل دعم الأحداث الموجودين داخل معهد خالد بن الوليد وبناءً على رغبة بعض اليافعين بتعلم حرفة الحلاقة الرجالية، تقوم الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية بالتعاقد مع مدرب مختص للقيام بتدريب اليافعين على هذه الحرفة وشراء المواد اللازمة للبدء بالتدريب من أجل إكسابهم مهنة تؤمن لهم عيشاً كريماً عند خروجهم من المعهد في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وكذلك مهنة النجارة لملء وقت فراغ الأحداث داخل المعهد ولتعليمهم حرفة تكسبهم العيش الكريم وتؤمن لهم دخلاً مالياً عند خروجهم.

٧٠% نسبة الأحداث الذين مارسوا السرقات والسلب بالعنف والنشل أما ٣٠% الباقون فجناياتهم متنوعة

وكذلك تقوم الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية بالتعاقد مع مدرب مختص للقيام بتدريب اليافعين على حرفة النجارة وشراء المواد والعدد اللازمة للبدء بالتدريب، حيث يتم اختيار اليافعين الذين لديهم خبرة سابقة في النجارة وممن يرغبون بتعلم هذه الحرفة عن طريق جلسات النقاش المركّز ومن خلال الرصد من الاختصاصيات وبالتشارك مع إدارة المعهد.
وكذلك الأمر مع مهنة الدهان التي يتم التعريف بها بشكل عام وكيفية التعامل مع المعدات وأهمية النظافة في هذه المهنة وطريقة استعمال الرول والفرشاة، وحف الجدران وتنظيفها من الطلاء القديم مع تعليم دمج وخلط الدهان حسب المنطقة المراد طلاؤها، حيث تم تخريج /15/ حدثاً من المتمكنين في المهنة والقادرين على المتابعة عند خروجهم من المعهد.
بدورها الاختصاصية الاجتماعية في معهد خالد بن الوليد وديعة شحادة بينت أن الحدث يدخل إلى المعهد بموجب مذكرة توقيف نقوم باستلامه بعد إثبات شخصيته وتنظيفه وفي اليوم التالي تجرى له الدراسة الاجتماعية من الاختصاصية الاجتماعية التي تقوم بأخذ بيانات كاملة عنه اسمه، اسم الأب، المهنة التي كان يزاولها قبل دخوله المعهد، ومن خلال إجراء دراسة الحالة الاجتماعية نعرف أسباب جنوح الحدث، وحسب الاختصاصية الاجتماعية فإن مدة قضاء الحكم التي تتراوح حسب الجناية أو الجنحة لا تتعدى الأسبوع مُثل سرقة عادية أو قيادة دراجة نارية من دون رخصة، أما الجناية فيوقف بموجب مذكرة توقيف صادرة عن قاضي التحقيق مثل تعاطي وحيازة مواد مخدرة؛ الاشتراك بالقتل، اغتصاب، سرقة موصوفة وهذه مدتها تتراوح بين أربعة أشهر وثمانية أشهر إلى حين تحويل الحدث إلى قاضي الجنايات الذي يصدر الحكم بالسرقات من ٨ أشهر إلى سنة، أما الاغتصاب والاشتراك بالقناة والمخدرات فيتراوح الحكم بها بين ٢-٤ سنوات.
وذكرت الاختصاصية الاجتماعية أنه ومن خلال الإحصائيات تبين أن نسبة الأحداث الذين مارسوا السرقات والسلب بالعنف والنشل نسبتهم ٧٠%، أما ٣٠% الباقون فهي حيازة مخدرات، اغتصاب، اشتراك بالقتل وغير ذلك.