«آرام تيكران» السوريُّ الأرمنيّ الذي غنّى بالكرديّة والعربيّة واليونانيّة
تشرين- إدريس مراد:
يا صبر القلوب
قوامك من الورود
لا تبالي الهموم
افتحي الباب سيدتي
أنا سعيد…لست ثملاً
حبك يرفرف قلبي
افتحي الباب يا روحي….
هذه الأغنية، أداها بالكُردية كورال الحجرة للمعهد العالي للموسيقا بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان قبل أيام في دار الأسد للثقافة والفنون- أوبرا دمشق، وجاءت مصادفة جميلة، ونحن نحتفل بذكرى ولادة صاحبها الموسيقي الراحل آرام تيكران، هذه الشخصية الموسيقية المرموقة في عالم الغناء، وهو مؤلف وملحن ومغن كُردي من أصول أرمنية، إذ هاجرت عائلته من (ديار بكر- تركيا) هرباً من الإبادة التي أقدمت عليها السلطات العثمانية بحق الشعب الأرمني، وغيره من الشعوب، واستقرت في مدينة القامشلي في الجزيرة السورية عام 1928، وفي هذه المدينة ولد آرام عام 1934.
من آلة العود إلى الجمبش
عاش آرام تيكران في كنف والده المحب للموسيقا والغناء، وكان عازفاً بارعاً على آلة الناي، وشجع ابنه على تعلّم الموسيقا ووضعه في بداية الطريق عندما اشترى له عوداً واختار له أستاذاً ليدرّسه العزف على هذه الآلة، وعندما تعلّم، لم ير ضالته في آلة العود، فبدلها بآلة الجمبش، وأتقنها في مدة قصيرة، لكون أسلوب العزف على الجمبش لا يختلف كثيراً عن آلة العود، وأصبحت تلازمه طوال مسيرته الفنية التي قاربت الخمسين سنة، وفي بداياته غنى من ألحان والده إلى جانب الأغاني التراثية، الكردية منها والأرمنية، وسرعان ما ذاع صيته في أرجاء الجزيرة، فغنى في أعراسها ومنتدياتها ومقاهيها، إلى أن غنى رائعته ( Şev Çû- رحل الليل) من ألحانه وكلمات الشاعر الكبير جكر خوين، وتلتها أغنيته الشهيرة (Ay Dîlberê )، وبقي آرام تيكران نجماً ساطعاً وحاضراً في مناسبات القامشلي وحولها.
في إذاعة يريفان
سافر إلى أرمينيا السوفييتية عام 1966 إذ جذبته إذاعة يريفان بقسمها الكُردي، وعمل فيها ثمانية عشر عاماً، وتعرّف هناك على عمالقة الغناء، أمثال كره بيت خاجو وسيدا شمدين و سوسكا سامو، وأيضاً رافق العديد من الكتاب والمثقفين منهم جليلي جليل، والروائي عرب شمو صاحب الرواية الشهيرة (الراعي الكُردي)، وفي تلك الإذاعة سجل عشرات الأغاني ليصل صدى صوته وشهرته إلى مكان يسكنه الأكراد، ومن ثم جال أغلب الدول الأوربية، وأقام فيها العديد من الحفلات على كبريات المسارح، ليستقر بعدها في العاصمة اليونانية أثينا عام 1995.
حفلاتٌ للذكرى
ومن أهم حفلاته، عندما تمت دعوته من قبل بلدية ديار بكر عام 2008 ليحيي حفل النوروز في مدينة باتمان، وبعدها بعام واحد شارك في مهرجان ديار بكر الثقافي، وعندما سنحت له هذه الفرصة زار العديد من قرى هذه المدينة ليشاهد سكن أجداده ويتذكر أحاديث أبيه المؤلمة عن الإبادة، وهناك تعرض لذبحة قلبية، وعلى إثرها أجريت له عملية جراحية قبل أن يعود إلى بيته في أثينا، وتوفي في الثامن من آب 2009، عن عمر ناهز الخمسة والسبعين عاماً تاركاً خلفه إرثاً غنائياً كبير، إذ أصدر أحد عشر ألبوماً، ومجمل أعماله تقارب الخمسمئة أغنية من ألحانه، إذ غنى إلى جانب الكردية أيضاً الأرمنية والعربية والسريانية واليونانية.
وختاماً نختار جزءاً من أغنيته Şev Çû
تركتني وحيداً الليلة.. لماذا ذهبت
قتلتني.. لماذا ذهبت
اذهب يا قلبي خلفها لتعيدها
أحرقني ذهابها
الليل على وشك الانتهاء
ألا تأتين
لا أنام، وكيف يأتيني النوم من دونك
البيت أصبح سجناً من دونها….