آراء في آخر عشر سنوات من حركة المسرح في سورية

تشرين – لمى بدران:

ربما باتت الدراما خاطفة لممثلي المسرح.. والمسرح ذاته ليس بخير، لأن القائمين عليه ليسوا بخير، فالكثير من العوامل الاقتصادية والاجتماعية الموجودة حالياً تعوق حركة المسرح، وتشعرنا بالأسف نحو خشبته الراقية التي هي وجه من أوجه الثقافة الإنسانيّة التنويريّة، وحرصاً على ألا تخلو الساحة من هذا الفن، ومن أجل تقديم إضاءات تلخّص أهم المفاصل الخاصة بواقع الحركة المسرحيّة مؤخّراً كانت لمشروع (نوافذ) بنسخته السادسة جلسة بهذا الشأن وتحت عنوان «المسرح السوري في السنوات العشر الأخيرة».

الدفاع عن القيثارة

«أنا مضطر للدفاع عن قيثارتي أكثر من العزف عليها» بهذه العبارة الأدبية المقتبسة لخّص الإعلامي نضال قوشحة موقفه في ضرورة الدفاع عن المسرح أكثر من الحديث عن مشكلاته وهمومه التي لا تنتهي، فبداية الجلسة كانت عنده، إذ أكّد أنه رغم كل شيء لم يخل مسرحنا من التجارب الناجحة، وأوجز تفاصيل عن تجربة الفنان والمخرج أيمن زيدان في العمل المسرحي، فهو في رأيه نجح تماماً في تحقيق مسافة بين المسرح الجاد والمسرح التجاري، واستطاع خلق ما يسمّى «المهرّج الملحمي» ضمن تصنيف محدّد يلامس قضايا الجمهور المختلفة وهو «المسرح الشعبي».

أربعون عملاً مسرحياً

إن مديريّة المسارح بدمشق والمحافظات تقدّم سنوياً ما يقارب الـ( ٤٠ ) عملاً مسرحياً وهذا حسبما صرّح لـ(تشرين) رئيس تحرير مجلة الحياة المسرحية جوان جان الذي يعتقد أن تطوير القوانين الناظمة بالعمل المسرحي الرسمي يحتاج إعادة نظر جذرية تجاه النظرة العامة للمسرح، أي للثقافة عموماً، وعن موضوع الرقابة المسرحيّة أكّد جوان أنه شخصيّاً لا يمكن أن يوافق على نص يدعو للطائفية مثلاً أو للتطبيع أو لأي شيء يمس الخطوط العريضة التي تعني المجتمع السوري، وأن أعضاء لجنة القراءات من عشرات السنوات يهدفون لتحسين النص المقدّم إليهم.

الدعم الحكومي

تصريحات جريئة حضرت بحضور الفنانة أمانة والي كمُشارِكة في الجلسة، فهي شدّدت على أن الموسم السياحي بحاجة إلى دعم حكومي كبير وبحاجة إلى تمويل فالشرط الاقتصادي يحقق النّجاح، وفي مقاربة مع الدراما قالت: «الدراما السورية صارت أقوى وقت انباعت وانشرت».. ثم استدركت حديثها، وأضافت: أي عند وجود العرض والطلب، كما لفتت إلى أن لغة العصر الوحيدة من قلب الأزمة هي «الكوميديا» والمسرح في رأيها يتناوب بين أنه بخير وليس بخير في السنوات العشر الأخيرة، والرقابة في سورية مفتوحة في المسرح بمعنى أكثر من التلفزيون… وفي إجابتها لنا لخّصت الفنانة والي معاناة المسرح السوري بعبارة لسعد الله ونوس «ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل».

المهمّة الأهم

بينما كشفت لنا الفنانة رنا جموّل التي كانت أيضاً مُشارِكة في الجلسة عن عمل مسرحي جديد قادم وهو «البخيل» للكاتب الفرنسي الشهير موليير، وبالنسبة لها أهم مهمّة ممكنة للفنان هي أن يحافظ على وجوده في المسرح، إذ تجده وسيلة للمقاومة وحاجة للفنان وللجمهور، ولم ولن أترك المسرح لأنه بمنزلة ملاذ وعلاج ووجود…

المسرح ليس بخير

لا يستطيع المخرج المسرحي والتلفزيوني مأمون الخطيب الذي حَضَرَ ودَاخَلَ أن يتعامل مع المسرح كسلعة تجاريّة، وفي رأيه أن المسرح ليس بخير لأن القائمين عليه ليسوا بخير، وأنه في ظل الظرف الاقتصادي والاجتماعي الذي تمرّ فيه سورية يمرّ المسرح معه بأسوأ حالاته، وهو موجود بفضل جنود مجهولين يحبّون خشبة المسرح وفي إجابته لـ(تشرين) فيما إذا طغت الدراما على المسرح قال: الدراما أخذت الممثّلين من المسرح صحيح، لكن سورية ولّادة للكثير منهم هنا وهناك… وجميع أبناء الدراما السورية هم أبناء مسرح في الأساس، ولا أرى هجوماً من الدراما على المسرح فالمسرح يكون بخير عندما يُنظر له بشكل منطقي وواقعي، وسنكون بخير عندما يُنظر لنا كمبدعين لنا أثر في الحياة الاجتماعية.

لم تنتهِ الجلسة قبل فتح المجال للجمهور من قبل الإعلامي إدريس مراد الذي أشرف على الجلسة وأدارها لمداخلاتهم، إذ تنوّعت بين الحاجة إلى ورشات عمل تفضي لتأليف نصوص قويّة ومؤثرة وبين خلق تقنيات عمل مسرحي خلال اجتماعات دوريّة وخطط بعيدة المدى تنهض بالحركة المسرحية التي وصفها البعض بشبه مختفية كما نوّه البعض بالمفاهيم الإدارية والآليات والقوانين الجارية التي تُجهِد المسرح والمسرحيين وبدخول رؤوس الأموال على الدراما السورية الذي أثّر بدوره في المسرح.. كل ما تناولته الجلسة هو إضاءات تعكس مشكلات وهموم المسرح الكبيرة وفي الوقت ذاته تعكس الحرص من البعض على وجوده ومحاولة النهوض به نحو الأفضل.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار