بين إثبات الذات وتقليد الكبار… هل تحتاج ظاهرة تمرُد الأبناء إلى تطبيق مقولة “إذا كبر ابنك خاويه”
تشرين- دينا عبد:
ظاهرة قديمة جديدة لكنها آخذة بالتفشي وخاصة بين الفتيان، وهي تمردهم على آبائهم، فماذا يمكن أن نطلق على هذه الظاهرة؟ هل هي محاولة لإثبات الذات، أم تكنولوجيا العصر هي السبب؟
تعدّ عائدة ( الأم لولدين ذكور) أنّ التربية هي الأساس؛ لكن وفق ما أكدته أنّ ما يحدث من تمرد وخروج عن العادات والتقاليد ورفض أوامر الوالدين، وحتى التمرد على المعلم في المدرسة، ما هو إلا نتيجة الانفتاح الكبير في عصر التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، التي دخلت كل العقول إضافة إلى تقليد بعضهم بعضاً في اللباس أو تسريحة الشعر وحتى التعامل مع أهاليهم.
وأشارت خلال حديثها إلى أنّ نتيجة هذا الانفتاح الحاصل تنتج مظاهر سلوكية غير طبيعية من الضروري محاربتها، عن طريق التوعية بالعادات والتقاليد التي تربّى عليها الابن.
من جانبها تحدثت كنانة( مربية)عمّا يقوم به ابنها ذو (١٤ عاماً) فهو دائم الصراخ عليها، وخاصة في حال لم تلبّ له طلباته التي لا تنتهي ورفضها القيام بأي عمل يطلبه منها, حيث ضربت مثلاً “عندما لم أستطع في يوم من الأيام أن أحضر له ما يطلبه، فيقوم بالصراخ في الشارع وأمام الناس من شدة العناد، ويجلس وحيداً حتى تلبية طلبه، فلا يقدّر مثلاً أننا لا نملك ثمن طلبه، أو أنّ تصرفاته قد تصيبنا بالإحراج أمام الناس”.
ومن جانبها بيّنت والدة الطفل برهان (11 عاماً)، أنّ ابنها يفعل ما يشاء، وعندما تسأله لماذا تتصرف بهذا الأسلوب لا يجيبها إلّا بكلمة (أنا حر ولا أحد له علاقة بي) ما يدفعها إلى إخبار والده (الذي يهابه كما تقول) في هذه الحالة يلجأ الوالد إلى استخدام القوة ضده، ففي بعض الأحيان القسوة مطلوبة وخاصة مع الذكور.
الاستشارية الأسرية نائلة الخضراء رأت أنّ ما يحدث حالة طبيعية عابرة تمر على كل أسرة لديها أبناء بهذه الطباع، ولكنها تعدّ أنّ التربية هي الأساس ويجب التعامل مع الأبناء عن طريق احتوائهم وسماع آرائهم، والإنصات إلى ما يريدون، ولا نستطيع أن نسمي تمرد الابن في مرحلة المراهقة بأنه لإثبات الذات، فهو يقلد ما يشاهده عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن يبقى دور الأهل في جعل الابن صديقهم ومشاركته رأيه في حال كان سلبياً، بأن أشرح له لماذا، وإذا كان إيجابياً أشجعه على ممارسة كل العادات الإيجابية، وخاصة فيما يصب في مصلحته.
ومن الضروري على الآباء أن يُغيّروا طريقة تعاملهم مع ابنهم المراهق، وأن نشعره بأنه أصبح شاباً يعتمد عليه في كل الأوقات حتى في غياب أبيه عن المنزل؛ ويجب ألا يتعامل الأب مع ابنه كما يتعامل مع أخيه الأصغر من خلال الأوامر، بل عليه إشراكه في أحاديث تعود عليه بالمنفعة.
وركزت الاستشارية الأسرية على ضرورة مراقبة سلوك الأبناء ودفعهم لاتخاذ الطرق السليمة للتعبير عن كل ما يدور في مخيلتهم واحتوائهم، كما يقول المثل الشائع (إذا كبر ابنك خاويه) والتحدث معهم في محاولة لإبعادهم عن الخطأ، ووضع النقاط على الحروف قبل أن تقع المشاكل، والاستماع لمطالبهم لأنها ربما تكون في النهاية خيراً لهم.