آفاق جديدة للعلاج بالخلايا الجذعية في ملتقى دمشق.. العلاج باستخدام خلايا سليمة وفعالة مناعياً لتعويض الأنسجة التالفة لعلاج الأمراض المستعصية
تشرين – أيمن فلحوط:
مجموعة متنوعة من الجلسات تلك التي تناولها ملتقى دمشق للخلايا الجذعية بمناسبة مرور عامين على افتتاح المركز الوطني للخلايا الجذعية “حياة “.
تحدث فيها الباحثون عن العلوم الأساسية للخلايا الجذعية، والخبرة المحلية من المركز الوطني للخلايا الجذعية في مشفى الأطفال الجامعي في سورية، وكذلك الجلسات السريرية، وجلسة من المخبر إلى سرير المريض، وعرض حالات سريرية.
جسد الملتقى تفاعلاً في الحوار بين العلماء والأطباء لتعزيز الشراكات والتعاون الذي يمكن أن يؤدي إلى آفاق جديدة في العلاج بالخلايا الجذعية، بغية تعزيز الوعي والفهم لإمكانات العلاج بالخلايا الجذعية في علاج الأمراض المختلفة، والتشجيع على تبني أفضل الممارسات والمعايير الأخلاقية في هذا المجال.
الخلايا الجذعية
وأشار المشاركون في الملتقى إلى أهمية العلاج باستخدام الخلايا الجذعية، بأنه زراعة خلايا بشرية سليمة وفعّالة مناعياً، إمّا لتعويض الخلايا أو الأنسجة التالفة في محاولة لعلاج بعض الأمراض المستعصية، مثل قصورات نقي العظم، وإمّا لقتل الخلايا الورمية المتبقية في الجسم لدى مرضى السرطان على سبيل المثال، وقد يستخدم العلاج الخلوي والعلاج الجيني معاً للوصول لأفضل النتائج، وهو قيد التجارب السريرية في العالم حالياً، أي استخدام الخلايا الجذعية للعلاج أو الوقاية من مرض أو حالة معينة.
ويعدّ نقي العظم المصدر الأول والأقدم للخلايا الجذعية الدموية، والمصدر الثاني هو الدم المحيطي وهو الأكثر استخداماً حالياً، كما يشكل دم الحبل السري أيضاً مصدراً آخر للخلايا الجذعية الدموية، لكن أقل استخداماً، فهو يستخدم في بعض الحالات المحددة، ولا يزال البحث جارياً لتطوير مصادر مختلفة للخلايا الجذعية غير الدموية، متمايزة أكثر مثل خلايا جذعية عصبية، كبدية، بنكرياسي… تحمل الخلايا الجذعية في طياتها وعداً مدهشاً بعلاجات طبية جديدة تعرّف على أنواع الخلايا الجذعية، فالخلايا الجذعية هي المواد الخام بالجسم، وهي الخلايا التي تتولد منها جميع الخلايا الأخرى ذات الوظائف المتخصصة.
تتميز الخلايا الجذعية بقدرتها على الانقسام لتجديد نفسها، وأيضاً الانقسام والتمايز لتكوين أنواع مختلفة من الخلايا.
الفكرة
تقوم الفكرة على زراعة الخلايا الجذعية دموية غير متمايزة أو الخلايا الجذعية البالغة أو الكهلة للمريض، حسب نوع المرض، مثلاً زرع الخلايا الجذعية الدموية يصلح العيوب الموجودة في عمل نقي العظم، ويجري منذ سنوات عديدة، بينما زرع الخلايا الجذعية الكهلة أو المتمايزة يصلح خلل عضو من الأعضاء التالف سواء كان عصبياً أو غدياً أو قلبياً، وهو قيد التجارب السريرية.
حالياً إذا كان المريض مصاباً بأزمة قلبية، فإنّ زراعة الخلايا الجذعية له يؤدي إلى إصلاح الخلل في قلبه، لأن عدد الخلايا الجذعية الموجودة داخل أجسامنا لها قدرة محددة على إصلاح الخلل في أجسامنا، فمثلاً بالنسبة لعدد الخلايا الجذعية الموجودة في القلب غير كافية لإصلاح الخلل المسبب لمرض الأزمة القلبية، لذلك عند زراعة الخلايا الجذعية للمريض، فإنّ ذلك يزيد من قدرة الجسم على إصلاح الخلل بالرغم من قلة العدد الطبيعي للخلايا الجذعية.
تجربة غنية
الأستاذ الدكتور عاطف شريط كان أول المتحدثين في الملتقى، وهو أستاذ في أمراض الدم والتشريح المرضي السريري والمخبري في الولايات المتحدة الأمريكية مع خبرة وأبحاث جامعية في مجال تشخيص السرطان النسيجي والصناعي والتقانات الحيوية الجزيئية والمناعية، عرض تجربته الغنية، وعمله موضحاً بالشرح المستفيض كل ما يتعلق بالأعمال التي قام بها، ولاقت محاضرته متابعةً وحرصاً كبيراً من الحضور من جميع التخصصات، وبمن فيهم المدعوون لحضور الملتقى.
فرصة للشفاء والمساعدة
بدورها الدكتورة دلال دوبا الاختصاصية في الكيمياء الحيوية الإكلينيكية ولها خبرة كبيرة في أمراض الدم والبيولوجيا الجزيئية، مديرة المخابر في مشفى تشرين العسكري التي تضم مختبر زرع الخلايا الجذعية الدموية ومختبر تحليل عينات الحمض النوري، والمشرفة حالياً على مختبر زراعة الخلايا الجذعية في مستشفى الأطفال الجامعي بدمشق، أشارت في حديثها لـ”تشرين” إلى أهمية الملتقى أنه يتيح فرصة الشفاء والمساعدة لحياة سليمة للأطفال من الأمراض الدموية الخبيثة، كاللوكيميا والتلاسيميا على سبيل المثال.
ومنذ عامين نعمل على ذلك، بالتعاون مع إدارة الخدمات الطبية في الجيش والقوات المسلحة ومشفى الأطفال، وقدمنا خبرتنا في هذا المشروع منذ انطلاقه في عام 2008 وتقدم كل الأعمال للمريض مجاناً.
ثورة علمية
مديرة مركز جامعة دمشق لنقل الدم الدكتورة عليا الأسد عبرت لـ(تشرين) عن أهمية الملتقى في هذا الوقت، الذي يتزامن مع الذكرى الثانية لإنشاء مركز زراعة النقي، وإنجازه في هذه الظروف وبالحرب الكونية على سورية، يعدّ في حدِّ ذاته حدثاً مهماً، بالإضافة إلى أننا نعرف أن زرع النقي هو الثورة العلمية الحديثة، التي يمكن من خلالها أن نبث الأمل في حياة الكثير من الأمراض، منها مرضى التلاسيميا، والأمراض السرطانية الدموية، ويمكن من خلالها تصحيح عملية الخلل الموجود في زرع النقي، وتالياً تكون حياة المريض مريحة، ويعود لحياته الطبيعية بطريقة صحيحة من خلال زرع النقي.
منذ عامين يقوم المركز بزرع النقي، ومن خلال مركز جامعة دمشق لنقل الدم باعتبارنا شريكاً أساسياً بهذه العملية، زرعوا لـ25 مريضاً منهم 24 مريضاً تم الشفاء الكامل لهم.
وفي مركز جامعة دمشق لنقل الدم نحضر الدم ونحضر الصفيحات المركّزة، بحيث نحضر المريض، ويكون جاهزاً لعملية الزرع، ونتمنى للمركز مزيداً من التطور والنجاح، لأنه حياة جديدة للكثير من المرضى.
خلايا الحبل السري
الدكتور مروان الحلبي مدير مركز أبحاث العلاجات الحيوية في جامعة دمشق، وأستاذ الطب الإنجابي وعلم الأجنة وعلم الوراثة في كلية الطب في جامعة دمشق، ويرأس قسم التشريح والنسج والجنين، والمدير الطبي ورئيس وحدة الخصوبة في مشفى الشرق في دمشق، ورئيس جمعية الشرق الأوسط للخصوبة، وعضو في عدد من جمعيات الخصوبة الإقليمية والعالمية، بيّن في حديثه لـ(تشرين) أهمية الملتقى أنه يأتي بعد عامين من افتتاح المركز الوطني للمعالجة للخلايا الجذعية، من قبل السيدة الأولى أسماء الأسد، ونجاح الحالات التي تمت معالجتها بكوادر وأيدٍ وطنية، كما أنه يسلّط الضوء على كل أنواع وأنماط الخلايا الجذعية، والمعالجة فيها وآخر المستجدات.
من جهتي تحدثت عن آخر المستجدات المعالجة بخلايا الحبل السري الجذعية، سواء كان من خلال حيز القطف، أو الحفظ لفترات طويلة والاستفادة منها، للأسرة نفسها، أو للمجتمع بشكل عام، عبر البنوك العامة لذلك، وبما يتطابق مناعياً للشخص مع الخلايا الجذعية نفسها.