أصابع الاتهام تتجه نحو أميركا وبريطانيا و«إسرائيل».. وحسم فوري وناجز.. «فاغنر» تستدير وتجبر الغرب على الاستدارة والتزام وضعية ما قبل التمرد المسلح.. وكأن شيئاً لم يكن!
تشرين:
استدارت «فاغنر» موليّة وجهها قِبَل قواعدها العسكرية في ميدان أوكرانيا وعلى خطوط التماس، ومعها استدار الغرب خائباً باتجاه وضعية ما قبل التمرد المسلح الذي أقدم عليه مؤسس شركة «فاغنر» يفغيني بريغوجين أمس.. وكأن شيئاً لم يكن.
ربما هذا مرده إلى الحسم الفوري، وبما لم يترك لأحد حول العالم، حلفاء وخصوماً، فرصة للانجرار وراء سيناريوهات مستقبلية، في أغلبها قاتمة، فنحن هنا نتحدث عن تمرد عسكري لمجموعة أساسية رديفة للجيش الروسي النظامي ولها الوجود الأوسع والأهم «والأخطر» في عدة ميادين خارج روسيا وخارج محيطها الإقليمي.. واللافت أن الحسم الفوري كان ناجزاً بموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة من الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، وقضى بمغادرة بريغوجين إلى بيلاروسيا، وعودة مقاتلي «فاغنر» إلى مواقعهم القتالية مع التأكيد على دورهم البطولي في معارك الميدان الأوكراني.
عاد الجيش الروسي إلى عملياته العسكرية وإلى دك قواعد «الزيلنيسكيين» فيما وجد الغرب نفسه مجبراً على الصمت، تاركاً لوسائل إعلامه تحليل وتفسير واقعة التمرد وتداعياتها المستقبلية، ليس فقط على الحرب الأوكرانية، بل على الوضع الداخلي الروسي الأمني والسياسي، بما في ذلك الإدعاءات التي تقول إنّ هذا التمرد سيؤثر في قوة الرئيس بوتين داخلياً، وفي الدور الروسي على المستوى الدولي والعلاقات التي تجمع روسيا مع غيرها من الدول خصوصاً القوى الصاعدة وعلى رأسها الصين، عدا عن دول المنطقة، السعودية والإمارات على سبيل المثال لناحية العلاقات التي تتعمق بصورة متسارعة بين الجانبين.
وعلى مبدأ «راحت السكرة وإجت الفكرة» لا نعتقد أن الصمت سيطول، قبل أن يطلق الغرب لسانه مجدداً ليكيل الاتهامات لروسيا، وليصدر حزمة عقوبات جديدة، ولكن هل التفتت روسيا يوماً لكل ذلك؟
لا شك في أن التمرد المسلح لرئيس مجموعة «فاغنر» سيبقى لفترة طويلة في دائرة التركيز الغربي- الدولي، فمازالت كواليس التمرد بمجملها غير معروفة، ومازالت الأسئلة كثيرة وكبيرة تدور حوله من دون إجابات واضحة.. والأهم ما زال الدور الأميركي غير واضح، فهناك من يقول بوجود أصابع أميركية، أو على الأقل إنّ أميركا كانت تعلم مسبقاً بنيات بريغوجين ولكنها لم تعلم متى سينفذ هذه التهديدات وذلك حسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أمس.
ولكن من مجمل السلوك الأميركي الذي بدأ أقرب إلى الترقب والمتابعة، يبدو أن أميركا كانت على علم بنيات بريغوجين ولكن لم يسعفها الوقت للاستثمار فيها، كما لم يسعفها الحسم الروسي الفوري للتمرد بأن تستثمر فيه ما بعد حدوثه.
على الجانب الموازي والمهم جداً لا بدّ من ذكر ما أورده التلفزيون الحكومي الروسي أمس حول إلقاء اللوم على وكالات المُخابرات الأمريكيّة، والبريطانيّة، و«دولة» في الشرق الأوسط لم يذكرها لتنسيقها ودعمها تمرّد «فاغنر»، بينما التوقّعات أشارت لكيان الاحتلال الإسرائيلي، إلى صور تم تداولها لمستوطنين يرفعون علم فاغنر.