حماية المستهلك بدمشق تغلق 135 منشأة تجارية وتفرض غرامات مالية قيمتها 3,2 مليارات ليرة
تشرين – سامي عيسى:
العمل الرقابي لحماية المستهلك لا يختلف من محافظة لأخرى فالقانون واحد والإجراءات أيضاً واحدة، والذي يختلف طريقة الأداء والعمل النوعي في الرقابة، وهذه مرتبطة بالإمكانات والخبرات المتوافرة لدى كل مديرية، من دون أن ننسى طبيعة المحافظة من الناحية الجغرافية ومكانتها الاقتصادية وغير ذلك، لهذا السبب نرى التفاوت في حجم العمل الرقابي من محافظة لأخرى وفق نسبية تفرضها النتائج التي تحققها دوريات حماية المستهلك فيها..
إحالة 35 تاجراً موجوداً إلى القضاء لمخالفتهم الأنظمة والقوانين..
لكن في دمشق العمل الرقابي له خصوصيته كونها العاصمة، وتجمع تجاري كبير وسوق استهلاكي واسع، ناهيك عن وجود تجمعات صناعية تحتاج لمزيد من التركيز الرقابي ليس من حماية المستهلك فحسب بل من كافة الرقابة التي يزيد عددها على 24 رقابة..
بهذه العبارات بدأ تمام العقد مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدمشق حديثه ل”جريدة تشرين” حول خصوصية العمل الرقابي في المدينة، وخاصة لجهاز حماية المستهلك والنتائج التي حققها، والتي استهدف فيها كل الأنشطة التجارية والصناعية والأسواق، من أجل فرض حالة من الاستقرار وسلامة الغذاء حفاظاً على الصحة العامة والمستهلك على السواء..
رقابة نوع
ويضيف العقدة في معرض رده على سؤالنا حول دور الرقابة في معالجة المخالفات التموينية التي تكثر في أسواق المدينة، واستغلال ظروف الحرب من الباعة والتجار على اختلافهم وتنوعهم وقيامهم بعمليات الغش والتلاعب بالأسعار وجودة المنتجات وخاصة خلال سنوات الحرب..؟
أن عملية الرقابة في أسواق المدينة لا تقتصر فقط على حماية المستهلك فهناك جهات عدة تحمل نفس المهمة, وان اختلفت في الطريقة والأسلوب، لكن الغاية والهدف واحد في كل نشاط، وهذا يكمن في حماية المستهلك والأسواق وتأمين نظافتها من الغشاشين وأهل السرقة والفساد، ومن التجار ومن يسير معهم لممارسة المخالفات التي قضت القوانين قمعها بكافة الوسائل ، وبالتالي قانون حماية المستهلك في مقدمتها يحاول الجهاز الرقابي من خلاله فرض العمل الرقابي في المحافظة وقمع المخالفات في الاسواق وحمايتها من عمليات التزوير, والتركيز أكثر على النوعية والجودة وصلاحية المواد والسلع المنتشرة في الأسواق للاستهلاك وغير ذلك، إضافة لمتابعة عمليات الغش من دوريات الحماية، سواء عن طريق التفتيش والتحري من مصادرها الأساسية وخاصة في مواقع الانتاج ” ورش ومصانع” تعمل بصورة نظامية أم مخالفة في مناطق السكن العشوائي والتي كثرت خلال سنوات الأزمة، بعد تعرض التجمعات الصناعية للتدمير والتخريب من العصابات الارهابية المسلحة، إلا أن جميعها تخضع للرقابة ومعالجة مخالفاتها تتم وفق قانون الحماية، ومواده الرادعة لها باستثناء البعض منها مازالت ضعيفة وتحتاج للتعديل لمجاراة ما يحدث في الأسواق، نتيجة تطور ظروف الحرب ونتائجها السلبية على الأسواق ، لكن التعديل قادم لها وفق دراسة تقوم بها الجهات الوصائية لتعديل بعض مواد قانون حماية المستهلك التي تكفل معالجة جذرية للمخالفات..
“العقدة” نوعية الرقابة تحسن واقع الأداء , وتعديلات منتظرة لفك شيفرة المخالفات الجسيمة
الضرورة تفرض التغيير
وهذا الأمر يقودنا إلى سؤال يحمل الكثير من الأهمية حول التعديلات الجديدة لقانون حماية المستهلك ، وهل تكفل ضبط الأسواق وحمايتها من أعمال الغش والتزوير وغيرها في ظل التطورات الجديدة وما فرضته الحرب الكونية من ثقافة جديدة لأعمال الغش..؟
طالما القانون وضع للحماية وهو من صنع البشر فهو قابل للتغيير، بما يخدم الصالح العالم وحماية مصالح المواطنين والدولة على السواء، وهذه من الطبيعة التي تسمح بالتعديل والتغيير بما يتلاءم والظروف التي تفرضها طبيعة كل مرحلة، ويضيف “العقدي” هنا التغيير واجب، والتعديل ضروري للمواد والنصوص القانونية كي تواكب كافة المستجدات التي تطرأ على الأسواق، بكل فعالياتها الصناعية والتجارية والخدمية وغيرها، لكن من دون أن ننسى أن هناك أحكاماً قانونية رادعة قوامها السجن لفترات زمنية طويلة، وغرامات مالية كبيرة، هي بمثابة عنصر ردع لكن أحياناً طبيعة الظروف تحتاج لتعديل أفضل بسبب تطور اساليب الغش والسرقة وأعمال التدليس، التي يقوم بها ضعاف النفوس ليس من التجار وحدهم أو أصحاب الفعاليات الخدمية والصناعية، بل من بعض القائمين على الأعمال في المؤسسات الحكومية الذي يسهلون تلك الأعمال بقصد الكسب الغير مشروع، لذلك التغيير ضروري وحاجة ملحة للتماشي مع كل ما هو جديد ، لهذا السبب هناك لجنة خاصة لدى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مهمتها الأساسية دراسة التعديلات والمقترحات المقدمة من المديريات لتغيير مواد القانون بما يتماشى مع كل جديد..
متغير ثابت ..!
القانون يطوله التعديل، ومتغيرات السوق متغيرة ، لكن هناك متغير وحيد لم يطرأ عليه أي تغيير أو تطور يوحي ببوادر تظهر تحسن ثقافة الشكوى عند المواطن، فهي مازالت شبه مفقودة لا يتحملها المواطن السوري، نظراً للتربية الاجتماعية أو غيرها، كيف السبيل لتعزيز ثقافة الشكوى وتفعيلها من أجل التعاون في قمع المخالفات..؟
وهنا يرى العقدة أن عملية نشر ثقافة الشكوى فيها الكثير من المعاناة والصعوبة نظراً لطبيعة المجتمع والعادات والتقاليد التي تحكمه ومن أهمها “المسامحة” وترك الحساب لأهل الحساب، وهذه عادة موروثة بفعل التقاليد وتغييرها ليس بالأمر السهل فهي تحتاج للكثير من الجهد والعمل والتعاون مع المواطن بالدرجة الأولى ومع الجهات المؤثرة عليه من جهة أخرى، كجهات المجتمع المدني ولجان الأحيان، وذلك من أجل نشر رصد المخالفات ومتابعتها وتعزيز ثقافة معالجتها مع الجهات المعنية بعيداً عن معنى الشكوى الدارج في الحالة الاجتماعية, والذي يعزز هذا الإجراء هو مد جسور الثقة بين المواطن وحماية المستهلك والجهات المسؤولة عن حماية الاسواق والمستهلكين على السواء..
ويرى العقدة أن كل متغيرات الأسواق خضعت للتعديل والتطور باستثناء متغير ثقافة الشكوى التي مازال المواطن يحتفظ بالبعد الاجتماعي السائد والذي يحمل “ثقافة خطي” ودع حساب الخلق للخالق وغير ذلك من مفردات تقتضي الضرورة تغييرها..!
تسويات دون المطلوب
لكن المتغير الأوسع الذي طاله تعديل واسع من خلال التعديلات التي طرأت على قانون حماية المستهلك هو ما يتعلق بموضوع التسويات التي تضاعفت قيمتها بما يناسب حجم المخالفة، لكن رغم ذلك فاعليتها أقل من المطلوب ترى ما أسباب ذلك, وخاصة أن المخالفة تتكرر باستمرار..؟
يرى العقدة أن هذا المتغير في القانون والذي يخضع للتعديل بصورة مستمرة، هو بمثابة إجراء عقابي نص عليه القانون لا يحمل الاجتهاد، أو ترك المجال للتأويل لأنه التسوية واضحة تتناسب مع حجم المخالفة وغرامتها تتماشى أيضاً مع قيمتها، فعندما وضعت التسوية وضعت كعامل ردع للمخالف، فإن تكررت هناك خطوات عقابية أكبر منها التغريم بقيم مالية ضخمة، مروراً بحالات إغلاق المنشأة لمدد زمنية طويلة ، وفي حال الاستمرار هناك سحب للتراخيص ومنع مزاولة المهنة، وبالتالي كل هذه الاجراءات هي بحكم المتغير المستمر وفق تطورات الاسواق وحجم المخالفات فيها، لكن من دون ان ننسى المخالفات التي لا تقبل أحكام التسوية فهي من اختصاص القضاء وهذه لايمكن التساهل بها ليس لإرادة المنفذين، بل لقوة القانون وهذه تتعلق بالمواد المدعومة من الدولة، وأعمال الإغاثة أو عمليات الغش والتدليس الضارة بصحة المواطن وسلامة الاسواق، فهذه لا تخضع للتسويات المالية، بل للعقوبات الأشد كالسجن وغيرها من أحكام تطبق وفق احكام المرسوم رقم 8 للعام 2021..
بالانتقال الى موضوع الغرامات المالية التي نص عليها القانون, وما هي الفائدة من تنفيذها, وهل تشكل بالفعل عامل ردع الى جانب المخالفات الأخرى أم أنها مجرد مصدر دخل جديد لخزينة الدولة..؟
متغير ثابت لا يطوله القانون محكوم بثقافة شكوى تقيدها أبعاد اجتماعية وقيم أخلاقية..
أكد العقدة أهمية هذا الإجراء كونه يشكل عاملاً مهماً لردع المخالفات وخاصة أننا “والكلام للعقدة ” لمسنا تحسناً واضحاً في المخالفات التي تخضع للتسويات من الفعاليات المخالفة وتراجعها في الأسواق المحلية وخاصة بعد أن تضاعفت وأصبحت القيم التغريمية تفوق أضعاف المخالفة, وبذلك تكون قد ساهمت في الحد من انتشارها, وخاصة أن تطبيقها لا يحمل الجدل والاجتهاد فنصوص القانون واضحة, وبالتالي التسوية تتم في المديريات وليس في القضاء وفق لجسامة المخالفة..
ورغم ذلك فقد حققت المديرية خلال النصف الأول من العام الحالي نتائج طيبة على صعيد الأعمال الرقابية حيث تم تسجيل حوالي ستة آلاف مخالفة نظمت بحقها الضبوط التموينية اللازمة وفق المرسوم رقم 8 الخاص بحماية المستهلك، إلى جانب إغلاق حوالي 135 منشأة لمخالفتها الانظمة والقوانين..
دون أن ننسى عدد الضبوط التموينية التي تم احالتها الى القضاء للبت فيها واتخاذ العقوبات المناسبة بحق مرتكبيها, والخطوة الاهم الاحالات موجوداً الى القضاء والتي سجلتها المديرية خلال الفترة الماضية والتي زاد عددها على 35 تاجرا الى القضاء لارتكابهم المخالفات الجسيمة والاعتداء على المواد المدعومة من الدولة..
أما ما يتعلق بتغريمات المديريات التي حققتها خلال الفترة المذكورة فقد قدرت قيمتها الاجمالية بنحو 2,5 مليار ليرة ، إلى جانب تسويات على المخالفات تم تنفيذها تجاوزت قيمتها الاجمالية سقف 700 مليون ليرة , وبذلك تكون القيمة تالاجمالية للغرامات والتسويات التي حققتها المديرية خلال النصف الأول من العام الحالي بحدود 3,2 مليارات ليرة ..
وأضاف العقدة: هذه النتائج تحققت في ظل معاناة كبيرة في نقص المراقبين والآليات المساعدة في تنفيذ أعمال الرقابة اليومية ، ونقص خدمات البنية التحتية والفنية، وبالتالي معالجة ذلك من شأنه رفع سوية العمل وهذا ما ننتظر تحقيقه من خلال التعديلات الجديدة على القانون ..