في حكاية سينمائيّة.. «الأماني» المُخبّأة في جعبة أطفال العمالة والمشرّدين
تشرين – لمى بدران:
من الظّواهر المُقلِقة وغير المريحة بالنّسبة للجميع رؤية الأطفال، وهم يتحوّلون إلى أدوات غير بريئة بين يديّ تجّار عدم الإنسانيّة أو الأُسر الجاهلة، فنحن نلاحظ كثيراً ازدياد نسبة عمالة الأطفال في هذه الأيام، وقد يكون ذلك الازدياد بمنزلة ردّ فعل مجتمعي طبيعي ناجم عن الأزمة وصعوبات المعيشة بعد تردّي الأوضاع الاقتصادية بشكلٍ عام، لكنْ للسينما أيضاً ردّ فعل طبيعي يطرح ويفسّر ويسوّغ من خلالها الكثير من التفاصيل بشأن القضايا الاجتماعية المهمّة ولا نستثني منها عمالة الأطفال .
وبمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال عرض أمس المخرج محمد سمير الطحان فيلمه « أماني» في سينما الكندي، وهو من إنتاج المؤسسة العامة للسينما وبالتعاون مع فريق شمس التطوّعي، فتم هذا العرض مساء أمس بعد فقدانه أحد أبطاله وهو الراحل عن عالمنا الفنان الكبير أسامة الروماني الذي اقترح أثناء تصوير العمل منذ نحو سنة أن يُبقي على نهايته مفتوحة من أجل ترك المجال للمشاهد لأن يبحث مع أطفال العمالة عن أمانيهم الضائعة.. وهو الذي جسّد دور شخصية الكاتب صاحب الشخصية النرجسية في الفيلم التي تنظر لهموم الناس من علٍ، ولا يُفكّر إلا في نفسه فقط، ويستوحي من معاناة الطفل نهاية لعمل يقوم بكتابته من دون التفكير بمساعدته أو الالتفات لمشاعره، وهنا يبرز أحد الإسقاطات التي قصدها المخرج.
كما جسّد الفنان جمال العلي الذي لم يتردّد أبداً في المشاركة في الفيلم بعد قراءة النص مباشرة مع الطفل حمود أبو حسون/كريم ثنائية بطوليّة تحكي عن زوج الأم القاسي والظالم الذي يُجبر الطفل ابن زوجته على أن يترك المدرسة رغم رغبته الشديدة فيها وحسرته عليها ليعمل معه في جمع القمامة، ويوجّه من خلالهما الكثير من الأفكار بشأن العمالة والعنف الأُسري واللفظي والنفسي الذي يتعرض له هؤلاء الأطفال.
رسائل الفيلم وإسقاطاته كثيرة رغم مدّته الزمنية القصيرة، فهو يطرح أكبر قدر ممكن من مشاهد وتفاصيل بشأن عمالة الأطفال في أقل وقت ممكن، وبالتأكيد يثير التساؤل حول بحثنا عن أمانينا الإنسانيّة وعن أماني هؤلاء الأطفال.
مخرج العمل وكاتبه سمير الطحان أكّد أن هناك أشياء تقولها السينما لا يستطيع التلفزيون أو المسرح أن يقولها، والعكس صحيح، وهذا ما التقطه فعلاً أحد النقاد والمفكرين الذين حضروا الفيلم مثل الناقد نضال قوشحة الذي عدّ أن مشهد (الدرون) الذي صوّر لقطات للأطفال تحت أكوام القمامة المتطايرة حذرت السينما من خلاله من المستقبل الرهيب الذي قد ينتظر هؤلاء الأطفال، أما أول ما حدّث به نفسه سامر الشغري، وهو أيضاً ناقد أثناء مشاهدته للفيلم هو: « ليس المهم كيف نبدأ، بل المهم ألا نظل واقفين في المكان نفسه الذي بدأنا منه» وعدّ أن تجربة المخرج هنا في طور الاكتمال وطوّر قدراته بعد محاولات عدّة.