حِرف من ذاكرة المنسيات..!

ما نشهده اليوم كمواطنين من ظروف معيشية صعبة ليست بعيدة عن ظروف ما قبل الأزمة، حيث تدني مستوى الأجور وارتفاع في الأسعار, وحالة عدم الاستقرار كانت هي السائدة، لكن آثارها لم تكن بحجم كارثة, فدائماً هناك البديل، أما اليوم وخاصة سنوات الحرب وما بعدها نعاني ظروفاً معيشية فاقت كل التصورات أسبابها المباشرة ظروف الحرب والحصار الاقتصادي ومفرداته السلبية التي طالت كل القطاعات، والأسباب المباشرة جشع الكثير من التجار ومن لف لفيفهم من أهل الدراية والخبرة في استغلال مفاعيل الحروب والأزمات..!
الأمر الذي ترك أثاراً سلبية على كل القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها كثير, ونحن “كمواطنين” وفئات اجتماعية على اختلافها لسنا بعيدين أيضاً عن هذه الآثار، لكن التأثير الأكبر كان من نصيب قطاع كبير يحمل هوية بوجهين: “اقتصادي واجتماعي”، وهو ليس محصوراً في محافظة من دون الأخرى، مع تجاهل كبير من الجهات المسؤولة عنه سواء بقصد أو من دونه، والذي يكمن في قطاع الحرف الصغيرة المنتشرة في الحارات الشعبية والأحياء ضمن ظروف خارجة عن القانون بفعل الأحداث وتداعيات الأزمة الحالية..!
وهنا لا نريد تحميل الأزمة كامل المسؤولية في “الأسباب والمسببات” أو نعدّها شماعة لتعليق كامل الأخطاء في معالجة واقعها المتردي من كلّ النواحي، لأنه كان موجوداً “مسبقاً”؛ البعض منه يحمل صفة النظامي، والكثير منه عشوائي ومنتشر بكثرة، بقدر ما نحمّل الجهات الحكومية مسؤولية ذلك في مقدمتها وزارة الإدارة المحلية وجهاتها التابعة لها في المحافظات والتي تجاهلت بقصد، أو من دونه أهمية هذا القطاع وتركه لتجاذبات السوق وابتزاز ضعاف النفوس من أهل الرقابة ومن معهم ممن يحظون بمعرفة دهاليز الأسواق وطرق الابتزاز متجاهلين الأهمية الاقتصادية والاجتماعية التي وفرها هذا القطاع خلال ظروف الحرب والحصار..!
وبالتالي هذا الواقع سمح بخروج آلاف الورش ومئات الآلاف من الأيدي العاملة، وفقدان أسر كثيرة لمصدر قوتها اليومي، على مرأى ومسمع تلك الجهات وإيجاد جوٍّ مناسب لضعاف النفوس من أهل القطاع، للعمل بظروف مخالفة ورمي منتجاتهم إلى الأسواق بصورة مخالفة للشروط الصنعية والأخلاقية تحت حجج مختلفة أهمها ضغط الحاجة، وهذه أخطر مشكلة اعترضت ومازالت تعترض العمل الحكومي, ووضع الحلول المناسبة لتنظيم هذا القطاع، باعتباره قوة عمل داعمة للاقتصاد ورافداً مهماً لسوق العمل, ومصداًر كبيراً لتزويد الأسواق بسلع ومنتجات متنوعة, من دون أن ننسى حجم العمالة التي يستوعبها ويحقق لها الاستقرار الاجتماعي والمعيشي, لذا من الضرورة أن يتربع هذا القطاع عرش الاهتمام الحكومي لأنه الخطوة الأساس لولادة مشروعات تحمل بطبيعتها هوية اقتصادية غابت عن ذاكرة الجميع لسنوات, وحملت حالة ضعف في الاهتمام على كافة المستويات ..!
وهنا الحل لا يحمل الكثير من الصعوبات، بل يحتاج إلى قليل من الاهتمام والتنظيم والرعاية لما يحمله من مكون اقتصادي واجتماعي لا يمكن الاستغناء عنه، وتجارب الأزمة الحالية خير دليل على البقاء والاستمرارية ..!

Isaa.samy68@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
إصابة مدنيين اثنين جراء عدوان إسرائيلي استهدف منطقة القصير بريف حمص (وثيقة وطن) تكرم الفائزين بجوائز مسابقة "هذه حكايتي" لعام 2024..  د. شعبان: هدفنا الوصول لحكايا الناس وأرشفة القصص بذاكرة تحمل وطناً بأكمله معلا يتفقد أعمال تنفيذ ملعب البانوراما في درعا ويقترح تأجيل الافتتاح بسبب تأثر المواد اللاصقة بالأمطار الوزير الخطيب: القانون رقم 30 يهدف إلى حماية بنية الاتصالات من التعديات الوزير صباغ: إمعان الاحتلال في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني يعبر عن سياسات إرهابية متجذرة لديه سورية تترأس اجتماع الدورة السادسة للمجلس العربي للسكان والتنمية في القاهرة الجلالي يبحث مع أعضاء المجلس الأعلى للرقابة المالية صعوبات العمل ووضع حد لأي تجاوزات قد تحدث طلاب المعهد الصناعي الأول بدمشق يركّبون منظومة الطاقة الشمسية لمديرية التعليم المهني والتقني أجواء الحسكة.. عجاج فأمطار الأضرار طفيفة والمؤسسات الصحية بجهوزية تامة لمعالجة تداعيات العجاج انطلاق فعاليات أيام الثقافة السورية في حلب بمعرض للكتاب يضم ألف عنوان